كشفت صحيفة هآرتس العبرية، في تقرير صادم، عن تورط مقاولين خاصين متعاقدين مع جيش الاحتلال "الإسرائيلي" في تنفيذ عمليات هدم واسعة لمنازل الفلسطينيين في قطاع غزة، مقابل مبالغ مالية تصل إلى 5 آلاف شيكل (نحو 1474 دولارًا) عن كل منزل يتم تدميره.
ونقلت الصحيفة عن أحد الجنود "الإسرائيليين" في القطاع، أن هؤلاء المقاولين "يحققون أرباحا كبيرة"، مضيفا: "كل دقيقة لا يهدمون فيها بيتا تعد خسارة مالية بالنسبة لهم"، مؤكدا أن "القوات الإسرائيلية تؤمن لهم الحماية لاستكمال عمليات الهدم".
وأشار الجندي إلى أن حملة التدمير تدفع المقاولين إلى الاقتراب من نقاط توزيع المساعدات الغذائية، حيث تتجمع أعداد كبيرة من الفلسطينيين المجوّعين، ما يؤدي إلى اندلاع اشتباكات متكررة وإطلاق نار مباشر، يسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين. وأضاف: "من أجل الحصول على 5 آلاف شيكل إضافية، يتخذ قرار بقتل أشخاص يبحثون عن طعام".
وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة عن ضابط في الفرقة 252 أن قائد الفرقة، العميد يهودا فاخ، اتخذ قرارًا بتفريق التجمعات الفلسطينية في شمال القطاع المنتظرة للمساعدات عبر إطلاق النار، وهي سياسة قال إن "العديد من الجنود والقادة تقبّلوها بتفهّم".
وأضاف جندي احتياط في سلاح المدرعات، خدم في الفرقة ذاتها: "نرصد شبانًا مختبئين خلف تلال ترابية ينتظرون مرور الشاحنات، ولا يشكّلون أي خطر، لكننا نتلقى أوامر بإطلاق قذائف تجاههم، وأحيانًا يطلب منا إطلاق نيران مباشرة".
وأوضح أن الأمر لم يعد "تحذيرًا"، بل أصبح روتينًا يوميًا، وغالبًا ما يتسبب في إصابات وقتلى، مؤكدًا أن جنودًا آخرين يطلقون النار على من يفرّ من القصف.
من جانبه، أشار ضابط كبير مطّلع على سير العمليات العسكرية في غزة إلى "تدهور خطير في القيم الأخلاقية" للجيش "الإسرائيلي"، موضحًا أن استهداف المدنيين بات جزءًا من "أيديولوجيا قيادية ميدانية تمرر إلى الجنود كخطة عملياتية"، وليس نتيجة أخطاء فردية.
هآرتس العبرية: "إسرائيل" قتلت 100 ألف فلسطيني في الحرب
وفي تقرير آخر، قالت صحيفة هآرتس العبرية إن حصيلة الضحايا الفلسطينيين في قطاع غزة تقترب من عتبة 100 ألف، أي نحو 4% من عدد سكان القطاع، بين من قتلوا بهجمات "إسرائيلية" مباشرة، أو توفوا نتيجة الآثار غير المباشرة للإبادة الجماعية التي بدأت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ما يجعلها "أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين".
وتساءلت الصحيفة: هل قتلت "إسرائيل" 100 ألف فلسطيني في غزة منذ بدء الحرب؟ محاولة الإجابة عبر تسليط الضوء على تقرير لفريق بحث دولي دون ذكر عنوانه.
ونقلت الصحيفة عن باحثين دوليين أن الأرقام التي أعلنتها وزارة الصحة الفلسطينية "أقل من الحجم الحقيقي للأزمة". وقالوا بهذا الصدد: "الجوع، والمرض، وإطلاق النار على مراكز توزيع الغذاء، جعلت هذه الحرب من أكثر النزاعات دموية في القرن 21".
كما سلطت الصحيفة الضوء على دراسة حديثة للبروفيسور مايكل سباغات، المتخصص في توثيق الوفيات الناتجة عن النزاعات، أعدها بالتعاون مع الباحث الفلسطيني خليل الشقاقي، واعتبرت "الأكثر شمولا حتى الآن" بشأن ضحايا الحرب في غزة.
شملت الدراسة مسحًا ميدانيًا لنحو 2000 عائلة في القطاع (قرابة 10 آلاف فرد)، وقدّرت عدد القتلى حتى يناير/ كانون الثاني 2025 بـ 75,200 شخص، أي بزيادة تقارب 40% عن الأرقام الرسمية حينها.
وأشارت إلى أن مجموع الضحايا، بما يشمل من قضوا بسبب الجوع، والمرض، وانهيار النظام الصحي، بلغ حتى مطلع 2025 نحو 83,740 وفاة، فيما قُتل أكثر من 10 آلاف بعد ذلك التاريخ، ما يجعل الحصيلة الفعلية تقترب من 100 ألف قتيل.
وأكد سباغات أن هذه الأرقام تضع الحرب في غزة ضمن أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين من حيث نسبة الضحايا المدنيين، إذ شكّل الأطفال والنساء 56% من مجموع القتلى، وهي النسبة الأعلى مقارنة بصراعات أخرى مثل سوريا، العراق، وكوسوفو.