أطلق "ملف الأونروا" في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج تحذيراً شاملاً من سلسلة تطورات وصفها بـ"الخطيرة والمتسارعة"، تهدد مستقبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خلال فترة الولاية المقبلة بين تموز/يوليو 2026 وحويران/يونيو 2029، في ظل "هجمة متعددة الاتجاهات" لتصفية دور الوكالة وإنهاء ولايتها التاريخية.
ضرب الأساس القانوني لوجود الوكالة
وقال المؤتمر في تقرير له: إن أبرز التهديدات تتمثل في بدء العدّ العكسي للتصويت على تجديد ولاية "أونروا" في كانون الأول/ديسمبر 2025، وسط تصاعد الضغوط الأمريكية و"الإسرائيلية"، ما يهدد المسار التقليدي الذي كانت الأمم المتحدة تعتمد عليه لتجديد التفويض كل ثلاث سنوات.
ومن بين أخطر المؤشرات، بحسب التقرير، هو المضي في تطبيق توصيات لجنة "كاثرين كولونا" والتي أوصت بتشكيل هيئة دولية من خارج "أونروا" للإشراف على عملها، ما يعني فعلياً نزع مسؤولية الأمم المتحدة واللجنة الاستشارية عن الوكالة، وضرب الأساس القانوني والشرعي لوجود "أونروا" كذراع أممي معني باللاجئين الفلسطينيين.
كما أشار التقرير إلى أن العجز المالي المتفاقم بلغ حداً غير مسبوق، حيث صرح المفوض العام للوكالة "فيليب لازاريني" عن إمكانية تعليق عمل ما بين 10 إلى 15 ألف موظف، ما ينذر بشلل شبه كامل في خدمات الوكالة بمختلف المناطق.
تشريعات "إسرائيلية"
على الأرض، تتواصل الهجمة التشريعية من قبل كيان الاحتلال " الاسرائيلي"، عبر تطبيق قانونين صادرين عن "الكنيست" يحظران عمل "أونروا" في المناطق التي يزعم الاحتلال أنها تقع ضمن "السيادة الإسرائيلية"، بما في ذلك قطاع غزة والضفة الغربية وشرقي القدس، في تحدٍ مباشر لقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر هذه الأراضي محتلة.
وفي الميدان، يستمر الاحتلال بمنع إدخال أي مواد تحمل اسم "أونروا" إلى الضفة وقطاع غزة، في الوقت الذي تواصل فيه الوكالة تقديم خدمات صحية وتعليمية وإغاثية أساسية للملايين من اللاجئين والمحتاجين.
المناهج ودمج المدارس في لبنان
وسلّط المؤتمر الضوء على الحديث عن دمج 9 مدارس تابعة للوكالة في لبنان، مع إغلاق اثنتين، ما ستكون له تداعيات كارثية على قطاع التعليم والموظفين واللاجئين، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وأكد التقرير أن لجاناً خاصة تعمل حالياً من مقرها في لبنان على تعديل مناهج التعليم في مدارس "أونروا" في سوريا ولبنان والضفة وغزة، بما يتماشى مع توصيات "كولونا"، وقد بدأ التنفيذ فعلاً بحذف موضوعات تتعلق بالمناضلة الشهيدة دلال المغربي من مناهج مدارس الوكالة داخل أراضي السلطة الفلسطينية.
تهيئة بدائل دولية لـ "أونروا" في لبنان
وأثار التقرير علامات استفهام حول تصريحات مديرة "أونروا" في لبنان "دوروثي كلاوس" بشأن أعمال الترميم في المكتب الإقليمي للوكالة في بيروت، حيث قالت: إن الهدف منها "تهيئة المقر لاستقبال مؤسسات دولية بديلة للأونروا... من باب حسن الضيافة فقط"، ما اعتبر مؤشراً خطيراً على تحضيرات لمرحلة ما بعد "أونروا".
وفي السياق نفسه، أشارت "كلاوس" في مقابلة مع صحيفة النهار اللبنانية (يناير 2025)، إلى أنه "في حال الضغط المالي، ستكون الأولوية للطبابة على حساب التعليم"، في تأكيد على ضيق الأفق التمويلي والخطر الذي يهدد كافة خدمات الوكالة.
واتهم التقرير إدارة "أونروا" بالتوسع في عمليات الفصل التعسفي بحق موظفين، خصوصاً بعد حرب الابادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة المستمرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ، حيث تم فصل موظفين بحجة مشاركتهم في أحداث 7 أكتوبر رغم تبرئتهم لاحقاً، دون إعادتهم للعمل.
كما وثّق التقرير فصل رئيس اتحاد الموظفين في الضفة الغربية ونائبه واثنين من أعضائه، ورئيس اتحاد المعلمين في لبنان ونائبه واثنين آخرين بتاريخ 23 حزيران/ يونيو 2025، دون إثبات قانوني.
تغييب التقرير الاستراتيجي وتراجع الحراك الدولي
وانتقد "ملف الأونروا" تأخر إطلاق التقرير الاستراتيجي حول مستقبل الوكالة والذي كلّف به الأمين العام للأمم المتحدة وكان من المفترض صدوره منتصف حزيران/يونيو 2025، معتبراً ذلك "تقصيراً أممياً".
وفي الوقت نفسه، عبّر التقرير عن خيبة أمل إزاء غياب الحراك الفلسطيني والعربي والإسلامي والدولي الكافي لحماية الوكالة في وجه هذه الهجمة الممنهجة، مطالباً بتفعيل المسارات الخمسة (الشعبية، الدبلوماسية، الإعلامية، السياسية، القانونية).
ووجه المؤتمر دعوة مفتوحة، إلى كل القوى الحيّة والمناصرين حول العالم إلى التحرك العاجل لمنع انهيار "أونروا"، وحماية حق اللاجئين الفلسطينيين في التعليم والصحة والإغاثة، وضمان استمرار دور الوكالة حتى عودة اللاجئين إلى ديارهم.