وسط استمرار مجازر الإبادة

لا دواء ولا ممرات سفر للعلاج.. هكذا يواجه أطفال قطاع غزة الموت

الإثنين 14 يوليو 2025
وكالة "الأناضول"
وكالة "الأناضول"

يستمر الاحتلال " الاسرائيلي" بحرمان الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة من حقهم المُطلق بالحياة، أو حتى بسرقة لحظات طفولة عابرة خلال حرب الإبادة التي يرتكبها منذ 7 تشرين الاول/ اكتوبر 2023 .

مجازر جماعية، وتشريدٍ، وتجويع، وفقدان لا يُحتمل، قصص موجعة تتوالى: أطفال فقدوا ذويهم، وآخرون أصيبوا بجروح بالغة ويكافحون اليوم للبقاء، دون دواء أو أمل في العلاج خارج حدود الحصار، والبعض منهم ينتظر في صمت، وبعضهم رحلوا بصمت، بعد أن خذلهم العالم.

الصحفي الغزّي عمر طبش وثّق حالات إنسانية لأطفال أصبحوا كالهياكل العظمية نتيجة سوء التغذية، فضلًا عن إصابات بالغة يعجز الطب المحلي، في ظل الإمكانيات المتواضعة، عن التعامل معها أو إنقاذ أصحابها.

الطفل عز الدين… النداء الذي لم يُسمع

الطفل عز الدين، البالغ من العمر 13 عاماً، هو الابن الوحيد لوالديه، رحل بصمت، بعد أن أصيب برصاصة في رأسه أثناء مرافقته والديه في مستشفى الصليب الأحمر، وكانت حالته حرجة للغاية.

حاول الأطباء جاهدين إنقاذه، وكان الأمل الوحيد في نقله العاجل للعلاج خارج غزة. لكن النداء تأخر، ولم يستجب أحد. رحل عز الدين قبل أن يُسمع صوته، تاركاً حلماً بسيطاً: أن يعيش، أن يضحك، أن يعود إلى منزله… لكن رصاصة واحدة سرقت منه كل شيء.

الطفل عز الدين… النداء الذي لم يُسمع.jpg

هلا أبو دهليز… الأرجوحة التي شهدت قتل الطفولة

الطفلة هلا أبو دهليز (12 عاماً) لم تكن تحمل سوى براءتها، حين باغتتها غارة "إسرائيلية" وهي تتأرجح قرب خيمة نزوحها في لحظة طفولة سرقتها من بين هول الإبادة.

سقطت الأرجوحة الثقيلة على رأسها، فمزقت فروة رأسها بالكامل، واقتلعت شعرها من جذوره.

هلا، اليوم، رهينة للحصار، لا تزال تنتظر العلاج الترميمي في الخارج.

وفي إحدى الصور تمسك بخصلة من شعرها كأنها تتمسك بما تبقى من طفولتها، وفي صورة أخرى تحدق بصمت في ملامحها قبل الإصابة، فرقٌ شاسع بين الصورتين، وكأن بينهما عمراً من العذاب.

هلا أبو دهليز… الأرجوحة التي شهدت قتل الطفولة.jpg

ركان العواودة… موت متنكر في هيئة طعام

الطفل ركان العواودة (13 عاماً)، لم يسقط في غارة، بل عاش فصلاً آخر من الموت حين فتح علبة تونة وجدها بين الركام، بعد جوع قاتل. العلبة انفجرت في وجهه، كانت مصيدة مفخخة خلفها الاحتلال.

أصيب راكان وفقد أصابع يده، وتوشك إحدى عينيه أن تنطفئ، لم يعد يكتب، ولا يلعب، ولا يدافع عن نفسه. تحوّل إلى جسد مثقل بالعجز، وروح مثقوبة بالخذلان.

ركان العواودة… موت متنكر في هيئة طعام.jpg

آمال البيوك… جسد يتلاشى بلا تشخيص

الطفلة آمال البيوك، لم تتجاوز السابعة من عمرها، كانت تزن 20 كيلوغراماً، واليوم لم يتبقَ منها سوى 10 كيلو غرامات، جسدها أشبه بهيكل عظمي مكسو بجلد شفاف.

تعاني الطفلة آمال من سوء تغذية حاد، وسط عجز طبي عن تشخيص حالتها بسبب نقص الأجهزة والمستلزمات. ورغم كل الفحوصات، لم يُعرف مرض واضح، لكن المؤكد أن حياتها في خطر داهم. آمال لا تفقد وزنها فقط، بل تفقد الأمل كل يوم.

آمال البيوك… جسد يتلاشى بلا تشخيص.jpg

مريم شعلان… كل لحظة تأخير تسرق حياة

الطفلة مريم شعلان، لم تتجاوز سنواتها الأولى، تصارع فشلاً كلوياً حاداً وتسمماً في الدم، فيما تنهار وظائف كليتيها بصمت قاتل، لا وقت للانتظار، وكل لحظة تأخير في نقلها للعلاج تعني اقتراب النهاية، فيما والداها يراقبانها وهي تحتضر، عاجزين عن تقديم أي شيء سوى الدعاء، وأبواب العلاج ما تزال مغلقة أمامها.

مريم شعلان… كل لحظة تأخير تسرق حياة.jpg

حبيبة بربخ… شللٌ سرق الطفولة

الطفلة حبيبة بربخ (9 سنوات) كانت تجلس داخل خيمتها حين اخترقت رصاصة "إسرائيلية" عمودها الفقري، لترسم نهاية قاسية لطفولتها.

أصيبت حبيبة بشلل نصفي، لم تعد تركض أو تلعب، وحالتها الصحية تتدهور، وتحتاج إلى علاج عاجل خارج غزة، وكل لحظة تأخير تسرق المزيد من الأمل.

حبيبة بربخ… شللٌ سرق الطفولة.jpg

ميرا وميس… بين الغيبوبة والموت البطيء

الطفلتان ميرا أحمد وميس عبد العال تعانيان من إصابات مروعة في الرأس، غيبوية وتشنجات مؤلمة ناتجة عن نقص حاد في الأكسجين، والتهابات دماغية خطيرة، الصديد يتفشى في رأسيهما، والفرق الطبية عاجزة عن التدخل خوفاً من أن تكون كل محاولة هي الأخيرة، لا أدوية، ولا معدات، ولا وقت.

ميرا وميس… بين الغيبوبة والموت البطيء.jpg

كرم قديح… الأمل معلق خارج الحصار

الطفل كرم قديح (12 عاماً) أصيب بشظايا في ظهره وعموده الفقري جراء قصف "إسرائيلي"، وأصبح عاجزاً عن الحركة.

الأطباء يؤكدون أن الأمل في العلاج لا يزال قائماً، حيث ما يزال يشعر بأطرافه ما يمنح الأمل في علاجه، كما أكد الأطباء، أن العلاج خارج غزة هو السبيل الوحيد لإنقاذه، لكنه مشروط بنقله فوراً إلى خارج القطاع، التأخير في علاجه قد يؤدي إلى شلل دائم.

كرم قديح… الأمل معلق خارج الحصار.jpg

تحذير طبي: تفشي التهاب السحايا الفيروسي بين الأطفال

وسجل مستشفى ناصر الطبي أكثر من 40 إصابة بين الأطفال بالتهاب السحايا الفيروسي (الحمى الشوكية)، وسط تدهور كارثي في الأوضاع الصحية، ما يعني ان موتاً جديداً يتربص باطفال القطاع، تزيد من احتمالاته مجازر الإبادة والحصار، كما يعاني معظم الأطفال من نقص المناعة، جراء نقص الغذاء والتجويع، وتعاني المستشفيات من نقص المعدات، كما أن المياه الصالحة للشرب صارت شبه معدومة، في حين تحولت مراكز الإيواء المكتظة إلى بيئة خصبة لانتشار الأوبئة.

أطفال غزة لا يصرخون، لكن أوجاعهم تصرخ في وجوهنا، لا يطلبون المستحيل، بل مجرد حقهم بالحياة، والدواء، والعلاج، والماء النظيف.

أنقذوا عز الدين، هلا، ركان، آمال، مريم، حبيبة، كرم، وكل طفل يواجه الموت في صمت. أنقذوهم… قبل أن تُطوى صفحاتهم إلى الأبد.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد