حذّر ملف "أونروا" في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج من التداعيات الكارثية لتضمين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ضمن خطة تخفيض عدد الموظفين في وكالات الأمم المتحدة، داعياً إلى استثنائها بشكل استراتيجي ومطلق من هذه الإجراءات، نظراً لطبيعتها الفريدة ومهمتها الحصرية تجاه أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس.
ويأتي هذا التحذير في سياق القرار الصادر عن الأمم المتحدة في نهاية أيار/ مايو 2025، والذي يطالب أكثر من 60 وكالة ومكتباً تابعاً لها، من بينها "أونروا"، بتقديم مقترحات لتخفيض 20% من موظفيها، في إطار خطة "إصلاحية" تهدف لتقليص ميزانية المنظمة البالغة 72.3 مليار دولار.
تحذير من خطر داهم على عمليات "أونروا"
وأشار ملف "أونروا" إلى تأكيد المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، في رسالة وجهها للعاملين بتاريخ 26 أيار/ مايو، أن الأزمة المالية الحالية تختلف جذرياً عن سابقاتها، محذراً من أن عدم توفر تمويل إضافي سيجعل استمرار العمليات في كل الأقاليم مهدداً بعد حزيران/ يونيو 2025.
كما صرّح لازاريني في مؤتمر صحفي عقده في برلين بتاريخ 24 حزيران/ يونيو، أن الوكالة "كانت على وشك تعليق عمل ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف موظف"، لكن مساهمة مبكرة من أحد المانحين وفّرت هامشاً زمنياً لا يتجاوز نهاية آب/ أغسطس، ما يجعل احتمالية اتخاذ قرار "تعليق" العمليات قائمة ما لم تسد فجوة التمويل.
وأوضح التقرير أن الاحتلال "الإسرائيلي" يتصدر الجهود الرامية إلى تقويض عمل "أونروا"، حيث أعلن وزير خارجيته، "يسرائيل كاتس"، أن الوكالة"لن تكون جزءاً من المشهد الفلسطيني في غزة بعد الحرب"، بينما صرحت نوغا أربيل، مسؤولة "إسرائيلية" سابقة، بأن تدمير "أونروا" شرطٌ أساسي لتحقيق الانتصار في غزة.
وأشار التقرير إلى أن هذه المحاولات تتجلّى في اقتحام مقار الوكالة في القدس الشرقية، إغلاق مدارسها في مخيم شعفاط، وفرض تشريعات تمنع عملها في "الأراضي ذات السيادة الإسرائيلية"، فضلاً عن محاولات إحلال مؤسسات بديلة مدعومة من واشنطن وتل أبيب، كـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، والتي رفضتها الأمم المتحدة.
أسباب استراتيجية لاستثناء "أونروا" من خطة التخفيض
ويطرح التقرير مجموعة من الأسباب التي تجعل من "أونروا" استثناء استراتيجيا لا يمكن مساواتها بأي وكالة أممية أخرى، أولها إنشاؤها السياسي والقانوني الحصري، حيث أنشئت خصيصا للاجئين الفلسطينيين بموجب القرار 302 (1949) وتعمل تحت مظلة القرار 194 الخاص بحق العودة.
إضافة إلى ارتباط "أونروا" بهوية اللجوء وحق العودة، بخلاف باقي الوكالات التي تخدم البشر عموماً، إذ تمثل الوكالة التزاماً سياسياً وقانونياً تجاه مأساة اللاجئين الفلسطينيين.
ومن الأسباب التي تناولها التقرير أيضاً الطابع المؤقت لـ"أونروا" الذي طال بفعل غياب العدالة، حيث إن استمرارها هو شهادة على فشل المجتمع الدولي في تنفيذ حق العودة، وإنهاء خدماتها يعني تصفية القضية.
إضافة إلى أهميتها كشبكة خدمات حيوية، إذ تدير الوكالة 715 مدرسة، 140 مركزاً صحياً، مستشفى، مراكز تدريب مهني، وتقدم مساعدات غذائية ومالية وصحية لأكثر من 6 ملايين لاجئ. أي مساس بهذه المنظومة يعني كارثة إنسانية.
ودعا المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، الأمم المتحدة إلى استثناء وكالة "أونروا" من خطة تخفيضات الموظفين والخدمات، نظراً لطبيعتها الاستثنائية ومهمتها الإنسانية والسياسية الخاصة.
كما طالب بتثبيت ميزانية الوكالة سنوياً وربطها تلقائياً بالاحتياجات المتزايدة للاجئين الفلسطينيين، لضمان استمرارية تقديم الخدمات الأساسية. وشدد على ضرورة تحصين ولاية "أونروا" خلال عملية التجديد المقبلة المزمع التصويت عليها في حزيران/ يونيو 2026، بما يحافظ على طابعها الأممي ودورها في حماية حقوق اللاجئين.
كذلك، دعا إلى مواجهة الحملات السياسية والإعلامية التي تستهدف الوكالة، لا سيما تلك المدعومة من الاحتلال "الإسرائيلي" وحلفائه، والتي تهدف إلى نزع شرعيتها وتفكيك منظومتها.
كما أشار التقرير إلى أن رئيس المؤتمر العام لاتحادات العاملين في الوكالة، مازن كساب، اضطر إلى تأجيل انتخابات اتحادات العاملين إلى نهاية 2025، بطلب مباشر من المفوض العام، في سياق الاستجابة لضغوط الإصلاحات المنفذة ضمن توصيات لجنة مراجعة أداء "أونروا" برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا.