شهد مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت، اليوم الثلاثاء 29 تموز/يوليو، مسيرة شبابية حاشدة دعمًا لأهالي قطاع غزة المحاصرين، وتنديدًا بسياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال "الإسرائيلي" بحق المدنيين في القطاع.
وانطلقت المسيرة التي جاءت تحت عنوان "من مخيمات الشتات إلى أطفال غزة" من أمام مدرسة رام الله، وجابت أزقة وزواريب المخيم، بمشاركة مئات الأطفال والأشبال والكشافة والجوالة، إلى جانب حشد من أبناء المخيم، حيث رفع المشاركون صور الأطفال الجوعى في القطاع، وحملوا الأواني والطناجر الفارغة في تعبير رمزي عن الجوع والمعاناة التي يعيشها الغزيون تحت الحصار.
وجاءت الدعوة إلى المسيرة من القطاع الشبابي والطلابي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حيث عبّر المشاركون عن دعمهم الكامل لشعبهم في غزة والضفة والقدس وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدين على وحدة المصير بين المخيمات الفلسطينية في الشتات وأبناء الداخل.
وطالب المتظاهرون عبر بوابة اللاجئين الفلسطينيين، برفع الحصار فورًا عن قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة، كما دعوا مصر والدول العربية إلى التحرك الفوري لفتح معبر رفح أمام قوافل الإغاثة، محذرين من سقوط المزيد من الضحايا بسبب المجاعة المتواصلة.
المخيمات لن تصمت... وغزة ليست وحدها
وفي مقابلة مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، قال مصطفى بلقيس، مسؤول الإعلام في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين – قطاع الشباب الفلسطيني في لبنان: "هذا النشاط يحمل بُعدًا رمزيًا ووطنيًا عميقًا، كونه انطلق من مخيم شاتيلا الذي عاش حصارًا ومجزرة في تاريخه، ليؤكد أن المخيمات ما زالت على عهدها، حاضنة للوعي والمقاومة، وصوت لا يُخمد في الدفاع عن فلسطين".
وأضاف بلقيس: "خروج الشباب من المخيمات في هذه اللحظة الحرجة هو رد مباشر على محاولات تدجين الوعي، وتمرير المساعدات الزائفة التي لا ترفع الحصار بل تكرّسه. طرق الأواني الفارغة في الأزقة الضيقة يعبر عن عمق الجوع الذي يفرضه الاحتلال، وعن التقاء التجربة بين مخيمات الشتات وغزة المحاصرة".
وختم حديثه بالقول: "المخيمات تقول اليوم: لن نصمت. غزة ليست وحدها. أبناء اللجوء هم أبناء القضية، وسيبقون في الصفوف الأولى دفاعًا عن الكرامة والحق".
أما اللاجئة الفلسطينية سوسن العلي، فقد تحدثت بحرقة، وهي تطرق بملعقة على إناء فارغ، وقالت: "خرجت اليوم في المسيرة وأنا جائعة ليوم واحد، وأحس أن جسمي هزيل لا أقوى على المشي، فكيف يشعر الآن هؤلاء الأطفال والنساء والشيوخ وهم جوعى وعطشى منذ شهور؟ لا نستطيع العيش براحة، ولا نقدر على أن نأكل لقمة هنية وأهلنا في غزة محاصرون وجوعى".
وأضافت: "على كل المخيمات أن تخرج اليوم للتضامن مع غزة، فهي الآن وحيدة وبأمسّ الحاجة للاجئين في الشتات. وها نحن اليوم نطرق بالأواني ونصرخ، لعلّ صوتنا يصل، ويكون مفتاحًا لدخول المساعدات. هذا مطلب إنساني، يستحقون الأكل والشرب بينما العالم يتفرج عليهم وهم يسقطون من الجوع والعطش".
وخلال الوقفة، ألقى محمد العبد الله، عضو قيادة قطاع الشباب في بيروت، كلمة قال فيها: "من قلب هذا الاعتصام، ومن كل ساحة يرفع فيها صوت العدالة، نقف اليوم لنقول إن ما يجري في غزة ليس مجرد عدوان، بل جريمة إبادة جماعية مستمرة، تنفذ بسلاح الاحتلال وتبرر بصمت المجتمع الدولي".
وأضاف العبد الله: "غزة اليوم تقصف وتجوع. أكثر من مليوني إنسان يعاقبون جماعيا، أطفال يموتون جوعا، وأمهات يبحثن عن فتات الخبز لأبنائهن، فيما يستهدف من ينتظرون المساعدات، وتدمر مراكز الإيواء والتوزيع، وتمنع حتى قوافل الغذاء من الدخول".
وشدد على أن الحصار الطويل تحول إلى سلاح فتاك لتركيع شعب لا يعرف الخضوع، وقال: "يراد لنا أن نقبل بمعادلة لا أخلاقية: الطعام مقابل الصمت. لكننا، كأبناء لهذه الأرض، وكشباب فلسطيني ملتزم بقضية شعبه، نقولها بصوت واضح: لن نخضع... لن نساوم على كرامتنا، ولن نقبل أن تذل غزة في زمن العار".
وختم العبد الله بتوجيه رسالة للعالم: "جوع غزة ليس قضاء وقدرا، بل قرار سياسي. وصمتكم ليس حيادا، بل تواطؤ مكشوف. وغزة ليست وحدها، لأن صوتنا، وغضبنا، وتحركاتنا، ستكون معها في كل مكان".
وتجسد هذه المسيرة في شاتيلا صرخة شعبية من الشتات الفلسطيني تجاه مأساة غزة، حيث توحدت أصوات الغضب والأواني الفارغة لتؤكد أن الفلسطينيين في لبنان يقفون في صف المقاومة ضد الجوع والحصار، رافضين الصمت والتخاذل العربي والدولي، ومؤكدين أن وحدة الدم والمصير بين الداخل والشتات ما زالت حاضرة رغم كل الألم.