أعرب مركز صدى سوشال الحقوقي، المختص برصد الانتهاكات الرقمية ضد المحتوى الفلسطيني، عن بالغ قلقه وإدانته لتعيين منصة التواصل الاجتماعي "تيك توك"، المدربة السابقة في سلاح المدرعات ضمن وحدة المتحدث باسم جيش الاحتلال "الإسرائيلي" "إيريكا ميندل"، مديرة لسياسات خطاب الكراهية في المنصة داخل الولايات المتحدة.
ووفقًا لما كشفه موقع (Jewish Insider)، أكدت شركة "تيك توك" أن الموظفة الجديدة، التي ستتولى الإشراف على سياسات مراجعة المحتوى في إطار مكافحة ما يسمى خطاب الكراهية، لديها خلفية طويلة في العمل مع الجيش"الإسرائيلي"، بالإضافة إلى عملها السابق مع وزارة الخارجية الأميركي، حيث كانت متعاقدة سابقة مع الوزارة ضمن فريق السفيرة "ديبورا ليبستادت"، المبعوثة الخاصة لإدارة "جو بايدن" لمراقبة ومكافحة ما يسمى "معاداة السامية".
وبحسب الوصف الوظيفي الرسمي الذي نشرته "تيك توك"، فإن ميندل ستتولى تطوير ودفع مواقف الشركة بشأن ما يسمى "خطاب الكراهية"، إلى جانب "تحليل اتجاهاته"، مع تركيز خاص على المحتوى "المعادي للسامية"، والعمل على "التأثير على الأطر التشريعية والتنظيمية" المتعلقة بذلك.
وأعلنت "ميندل" في حسابها على المنصة أنها بدأت بالفعل مهامها كـ"مديرة السياسة العامة، خطاب الكراهية، في تيك توك".
وأوضح مركز "صدى سوشال" أن ميندل كانت قد تطوّعت في جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، وخدمت فيه لمدة عامين، وذلك وفق ما صرحت به بنفسها في ظهور سابق عبر بودكاست نظمته اللجنة اليهودية الأميركية.
واعتبر "صدى سوشال" الحقوقي أن إسناد هذا الدور الحساس إلى شخصية تحمل خلفية عسكرية في جيش متهم دوليًا بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، يشكل "مؤشرًا خطيرًا على مستقبل الحريات الرقمية للفلسطينيين"، ويثير "مخاوف جدية من تأثير هذه الخلفية على سياسات المنصة، وعلى درجة استجابتها للاعتراضات والبلاغات الفلسطينية المتعلقة بالتحريض أو التمييز أو حجب الرواية الفلسطينية".
وأشار المركز الحقوقي إلى أن 27% من الانتهاكات الرقمية ضد المحتوى الفلسطيني، التي وثقها في تقريره السنوي لعام 2024 بعنوان "المؤشر الرقمي 2024"، وقعت على منصة تيك توك، ما يجعل المنصة في موقع المساءلة الأخلاقي بشأن التحيّز الممنهج.
ووفق التقرير نصف السنوي الثاني لـ"تيك توك" لعام 2024، فإن الشركة استجابت لـ94% من طلبات الحكومة "الإسرائيلية" بحذف المحتوى، بينما مارست رقابة مشددة على المحتوى الفلسطيني، شملت حذف مقاطع إخبارية، وملاحقة حسابات صحفيين ومؤسسات إعلامية وناشطين داعمين للقضية الفلسطينية.
وأضاف المركز أن المنصة تجاهلت مراجعة سياساتها، رغم أن جنوب أفريقيا استندت في مرافعتها ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية إلى مقاطع مصورة نُشرت على "تيك توك"، يظهر فيها جنود الاحتلال وهم يحتفلون بتفجير منازل الفلسطينيين، ويهينون الضحايا، ويكتبون أمنياتهم على القنابل قبل قصف غزة.
وعبر "صدى سوشال" أن المنصة، وبدلًا من إعادة تقييم معاييرها لتمييز التوثيق الحقوقي عن التحريض الدموي، واصلت شراكاتها مع نظام سياسي وعسكري يخضع لتحقيقات دولية، وتجاهلت الأبعاد الأخلاقية لهذه العلاقة.
وأعاد المركز التذكير بلقاء جرى في شباط/ فبراير 2024، أثناء الحرب على غزة، بين مسؤولين من "تيك توك" والرئيس "الإسرائيلي" "إسحاق هرتسوغ" في الأراضي المحتلة، وهو اللقاء الذي اعتبره المركز "مؤشرًا إضافيًا على اصطفاف المنصة وتواطئها مع سلطة تُتهم رسميًا بارتكاب جرائم حرب".
وأشار المركز إلى أن سياسة الحظر التي مارستها "تيك توك" خلال الإبادة الجارية في غزة شملت مقاطع توثق جرائم حرب، في مقابل تساهل المنصة مع المقاطع التحريضية "الإسرائيلية" التي تضمنت دعوات علنية للقتل، وسخرية من الضحايا، وظهور جنود مسلحين يرقصون أو يعذبون معتقلين فلسطينيين مكبلين ومجردين من ملابسهم.
كما رصد "صدى سوشال" بث أغاني عبرية تحريضية مثل(Harbu Darbu) التي تقدم بطلب رسمي لحذفها، إلا أن "تيك توك" رفضت التجاوب مع الطلب رغم ما تحمله الأغنية من لغة كراهية وتحريض على العنف.
وأكد المركز أن "الرقابة على خطاب الكراهية لا يمكن أن تُناط بشخصيات كانت جزءًا من أنظمة تمارس الكراهية منهجيًا"، مشددًا على أن حماية الحريات الرقمية للفلسطينيين تتطلب "استقلالية حقيقية في فرق السياسات داخل المنصات"، ومراجعة معمقة لسياسات الانحياز والكيل بمكيالين.