انطلقت في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا جنوب لبنان، مبادرة محلية طموحة تمثلت بإنشاء أول مركز تسوّق عصري داخل المخيم، يحاكي مراكز التسوق في المدن الكبرى، ويهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة، وذلك في ظل ظروف اقتصادية خانقة تعصف بالمخيمات الفلسطينية في لبنان، وترفع من معدلات الفقر والبطالة بين الشباب.

الفكرة، التي ولدت منذ ما يقارب ثلاثة عشر عاما، ظلت حبيسة التحديات التي فرضها ارتفاع أسعار مواد البناء وصعوبة إدخالها إلى المخيم، جراء الأزمة الاقتصادية اللبنانية، وقوانين منع إدخال مواد البناء، التي تعاني منها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين منذ عقود. إلى أن بدأت العام الماضي بالتنفيذ الفعلي، كما يروي إبراهيم ديب، أحد أصحاب المحال في المركز.

يقول ديب لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "كانت فكرة تدور في الأذهان منذ أكثر من عقد، لكنها اصطدمت بعقبات ميدانية كثيرة، حتى قررت عائلة خليفة، صاحبة المشروع، إطلاقها فعليًا بعد دراسة جدوى متكاملة. اليوم، نشهد إقبالًا كبيرًا من الشباب؛ 90% من رواد السنتر هم من الفئة العمرية بين 20 و30 عامًا، ما يعكس طاقة فلسطينية خلاقة تنتظر فقط الفرصة لتثبت ذاتها."

هذا الإقبال الشعبي ترجم بفخر واضح لدى أهالي المخيم، كما قالت أم مناف، إحدى اللاجئات: "رفعنا رؤوسنا بهذا المشروع. أصبح لدينا شيء نفتخر به أمام الجميع، مشروع ليس محصورًا بصيدا أو خارج المخيم، بل ينطلق من قلب عين الحلوة".

وقد بات السنتر وجهة للزوار من خارج لبنان أيضًا، كما تقول مغتربة فلسطينية مقيمة في السويد: "جئت إلى لبنان في زيارة، وسمعت بافتتاح المول. دخلته للمرة الأولى وشعرت بالفخر. سأعود إلى السويد وأدعو الجميع لزيارة عين الحلوة ورؤية هذا التطوّر"، حسبما عبّرت لمراسل بوابة اللاجئين.

ومن داخل السوق، أكدت نورهان عباس، صاحبة أحد المحال، أن المشروع أحدث نقلة نوعية في حركة السوق، وقالت: "الناس في المخيم سعداء بشيء جديد يشبه المدينة، وهناك توافد أيضًا من خارج المخيم، بما في ذلك الزبائن اللبنانيون".

أما حمزة فواز، وهو صاحب محل لبناني، فقد أكد أن الفكرة جاءت كمبادرة لإبقاء الناس داخل المخيم بدل خروجهم للتسوّق خارجه، وقال: "نريد أن نوفر مكانًا مميزًا داخل المخيم دون أن يشعر الزائر بأي خطر أو قلق. الوضع هنا ممتاز وآمن".

ويضيف محمد فارس، وهو أيضًا صاحب محل: "المشروع ساعد بشكل واضح على فتح فرص عمل للشباب. نحن نحتاج لحراس أمن، ولموظفين من الشباب والفتيات في المحال، وهذا يُسهم في الحد من البطالة".

كما يرى خالد إسماعيل أن السنتر أوجد "ترندًا" جديدًا في السوق المحلي، ويقول: "الناس متحمّسون للمكان كونه حديثًا ومختلفًا، وهذا انعكس حتى على السوق في صيدا. الأمور تسير على ما يرام بفضل الله".

حتى الناحية الجمالية والمعمارية للمكان كانت عامل جذب إضافي، وفق ما تؤكده علا علي، صاحبة محل في السنتر، وقالت لمراسلنا: "الشابات يدخلن أحيانًا فقط لالتقاط الصور وسط الديكورات الأنيقة، لأنهنّ لم يعتدن في السابق على هذا النمط العصري. هذا المكان يمنحهنّ شعورًا بأنهنّ في عالم آخر أكثر تحضّرًا".

وتظهر هذه المبادرة أن هذا "السنتر" الجديد في مخيم عين الحلوة ليس مجرد مركز تجاري فحسب، بل تجربة تنموية وشهادة حية على قدرة اللاجئ الفلسطيني على الإبداع والبناء رغم الأزمات، حين تمنح له الفرصة.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد