عقب يوم دامٍ خلّف نحو 60 شهيداً، بينهم 43 من طالبي المساعدات أمس، واصل الاحتلال "الإسرائيلي" غاراته العنيفة على مدينة غزة ووسط وجنوب القطاع، حيث ارتقى المزيد من الشهداء والجرحى منذ فجر اليوم الاثنين 18 آب/أغسطس، بينما تتواصل عمليات تدمير المنازل في المناطق الشرقية لحي الزيتون، تزامناً مع إعلان برنامج الأغذية العالمي أن نصف مليون فلسطيني في غزة على شفا المجاعة.
وشهدت مدينة غزة غارات على حي الرمال غرب المدينة، بالتزامن مع قصف طال مناطق مختلفة. وفي حي الصبرة جنوب المدينة، قام جيش الاحتلال بتفجير خمسة منازل خلال أقل من خمس دقائق، فيما طالت عمليات النسف مبانٍ سكنية في المناطق الشرقية، ما أدى إلى دمار واسع وتشريد مزيد من السكان.
وفي غارة أخرى استهدفت نازحين داخل مديرية التربية والتعليم بحي الدرج بمدينة غزة، ارتقى ثلاثة شهداء بينهم طفلة.
أما جنوبي القطاع، فقد ذكرت وسائل إعلام محلية أن فلسطينية أصيبت برصاص الاحتلال في منطقة "بئر 19" بمواصي مدينة خان يونس، فيما شن الاحتلال غارات عنيفة على حي الأمل غرب المدينة.
كما استهدفت غارة "إسرائيلية" مخيم البريج وسط القطاع، وأوقعت شهداء وجرحى، فيما أفاد مصدر طبي في مستشفى العودة بارتقاء شهيدة وعدد من المصابين في قصف طال منزلاً بمخيم النصيرات. إلى ذلك، أكدت مصادر محلية استشهاد فلسطينية في قصف استهدف منزلاً بمحيط مسجد الشقاقي في مخيم 2 بالنصيرات وسط القطاع، ليرتفع بذلك عدد الشهداء الذين سقطوا خلال الساعات الماضية في مختلف أنحاء غزة.
وفي السياق، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة يقفون "على شفا المجاعة"، مشيراً إلى خطورة استمرار الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر.
وأكد البرنامج أن وقف إطلاق النار يمثل السبيل الوحيد لتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى الفئات الأكثر تضرراً، وفي مقدمتهم الأطفال والمرضى والنازحون. وأوضح في تدوينة نشرها على منصة "إكس"، أن حجم المساعدات التي يتمكن من إدخالها إلى غزة "لا يزال أقل بكثير" من حجم الاحتياجات اليومية، مشيراً إلى أنها لا تتجاوز 47% من الهدف المحدد.
وأضاف البرنامج أن "استئناف عمليات التوزيع، وتوفير الوجبات الساخنة، وتشغيل المخابز التي ندعمها، غير ممكن في ظل هذا النقص الكبير"، مشدداً على أن استمرار الحصار يضاعف معاناة السكان، ويعرض مئات الآلاف لخطر المجاعة.
وجدد البرنامج تأكيده أن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لتوسيع نطاق المساعدات ومنع وقوع كارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان يعيشون تحت ظروف قاسية وغير إنسانية في قطاع غزة.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي قد أكد أن الاحتلال يتعمّد بشكل مركز تجويع أكثر من 100 ألف طفل ومريض، ويمنع إدخال مئات الأصناف الغذائية الأساسية، بما في ذلك اللحوم الحمراء والبيضاء، والأسماك، والأجبان، ومشتقات الألبان، والفواكه والخضروات المثلجة، إضافة إلى حليب الأطفال والمكملات الغذائية.
وأدى هذا الحصار الممنهج إلى إصابة أكثر من 40 ألف رضيع (دون العام الواحد) بسوء تغذية حاد يهدد حياتهم بالموت البطيء، فيما يسجل يومياً سقوط شهداء من الأطفال والمرضى نتيجة الجوع ونقص الغذاء، في مشاهد مأساوية توثَّق أمام العالم بالصوت والصورة.
ودعا المكتب الإعلامي الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي والمنظمات الأممية إلى الاستمرار في إدانة هذه الجريمة التاريخية، والتحرك العاجل لممارسة ضغط حقيقي وفاعل لفتح المعابر فوراً، وكسر الحصار، وإدخال المساعدات الإنسانية، ووقف جرائم الإبادة والتهجير القسري المستمرة منذ أكثر من 680 يوماً بحق سكان قطاع غزة، الذين يواجهون أشرس حرب إبادة جماعية يشهدها العصر الحديث.