أكدت اللجنة الإعلامية لمخيم جنين رفض الأهالي لشروط الاحتلال من أجل عودة النازحين إلى المخيم، في ظل تواصل العدوان "الإسرائيلي" على المدينة ومخيمها لليوم الـ210 على التوالي، وسط عمليات اقتحام للمنازل واعتقال الفلسطينيين والتنكيل بهم، لا سيما الأسرى المحررون منهم.

وبعد مرور سبعة أشهر على العدوان المتواصل، شدّد الأهالي على رفضهم القاطع لأي شروط يضعها الاحتلال لعودتهم إلى منازلهم المدمرة، خاصة تلك التي تتحدث عن انتقائية في السماح للأهالي بالدخول أو عن منع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من ممارسة عملها داخل المخيم، بحسب اللجنة الإعلامية.

وكان مصادر سياسية وصحفية قد أفادت بأن مسؤولاً أميركياً وسفيراً أوروبياً نقلا للجهات الرسمية الفلسطينية وضع "إسرائيل" ثلاثة شروط للانسحاب من مخيمات شمالي الضفة وعودة النازحين إليها.

وبحسب ما نقله مسؤولون أوروبيون وأميركيون للجهات الفلسطينية، فقد وضع الاحتلال ثلاثة شروط أساسية قبل انسحابه وعودة النازحين، تتمثل في وقف عمل وكالة "أونروا" في المخيمات الثلاثة (جنين الذي تأسس عام 1950، ونور شمس وطولكرم اللذان تأسسا عام 1953)، ومنع أي نشاط سياسي داخل هذه المخيمات مع إخضاع النازحين لفحص أمني ورفض عودة الناشطين السياسيين والأسرى المحررين، إضافة إلى إنشاء مراكز للشرطة الفلسطينية داخل المخيمات.

وذكرت اللجنة الإعلامية أن الأهالي اعتبروا هذه الشروط تعجيزية، وتهدف بشكل واضح إلى منع سكان المخيم من العودة، مؤكدين أن عمل وكالة "أونروا" مرتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية اللاجئين الفلسطينيين، وأن أي مساعٍ لإنهاء دورها لن تتحقق إلا بعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها عام 1948.

وفي سياق متصل، أفادت اللجنة الإعلامية بأن قوات الاحتلال "الإسرائيلي" صعّدت من حملات الدهم والاعتقال في مدينة جنين وبلدات المحافظة، مترافقة مع أعمال تنكيل ممنهجة بحق الفلسطينيين، خصوصاً الأسرى المحررين، شملت الاعتداء بالضرب وتحطيم محتويات المنازل وتخريب الممتلكات.

وخلال هذه الاقتحامات، اعتقلت قوات الاحتلال الأسير المحرر بهاء قصراوي بعد مداهمة منزله في حي الهدف بمدينة جنين والاعتداء عليه بالضرب المبرح، كما اعتقلت الشاب حسام حابس بني عودة من بلدة يعبد جنوب غرب جنين، والشاب زيد حبيب بركات من بلدة فقوعة شرق المحافظة، عقب اقتحام منازلهم وتفتيشها.

وبالتوازي مع هذا العدوان، تواصل أجهزة السلطة الفلسطينية في جنين حملة ملاحقة واعتقال الفلسطينيين، حيث اعتقلت الشاب أنس عرقاوي خلال عمله في المنطقة الصناعية بالمدينة. وتؤكد المصادر المحلية أن أكثر من 40 شاباً من مخيم جنين، بينهم مقاومون من كتيبة جنين، جرى اعتقالهم منذ بداية العدوان "الإسرائيلي" على المخيم، وتعرضوا للتعذيب والضرب والاحتجاز في ظروف إنسانية بالغة القسوة، وفق بيان اللجنة الإعلامية.

ومنذ بدء العملية العسكرية التي أطلق عليها الاحتلال اسم "الأسرار الحديدية" في كانون الثاني/يناير 2025، ارتكب جيش الاحتلال عمليات هدم وتدمير واسعة في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، نتج عنها تدمير أكثر من 620 منزلاً بشكل تام وتضرر مئات المنازل الأخرى لتصبح غير صالحة للسكن، فيما جرى تهجير قسري لنحو 22 ألف فلسطيني ما زالوا ممنوعين من العودة حتى اللحظة، ما حوّل هذه المخيمات إلى "مدن أشباح" وفق وصف المؤسسات الحقوقية.

ويأتي ذلك في وقت يعيش فيه المخيم إحدى أكثر المراحل قسوة في تاريخه، حيث تحاول سلطات الاحتلال فرض واقع جديد يمنع عودة الحياة الطبيعية، ويعزز من سياسة التهجير والاقتلاع، بينما يصر الأهالي على التمسك بحقهم في العودة ورفض كل محاولات فرض الوصاية عليهم أو إنهاء قضية اللاجئين.

رفض مؤسساتي لشروط الاحتلال

ورفضت هيئات فلسطينية، من بينها "ملف الأونروا" في "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" و"الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين"، الشروط التي وضعها الاحتلال لعودة النازحين، معتبرة أنها شروط "تعجيزية ومرفوضة" تمثل استهدافاً مباشراً لقضية اللاجئين ووكالة "أونروا".

وأوضح "ملف الأونروا" في "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" أن هذه الشروط تأتي في إطار استراتيجية الاحتلال لإنهاء دور وكالة "أونروا" والقضاء على صفة "اللاجئ"، عبر تقويض مسمى المخيم الذي يرمز إلى النكبة والتهجير وحق العودة، وتحويل القضية من سياسية إلى مجرد خدمات إنسانية تدار بديلاً عن الوكالة الأممية.

وأكد أن وكالة "أونروا" ليست مجرد مؤسسة خدمية، بل تعبير عن المسؤولية الدولية القانونية والسياسية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وأن إلغاء دورها يتناقض مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 لعام 1949 الذي أنشأ الوكالة لتقديم التعليم والصحة والإغاثة إلى حين عودة اللاجئين إلى ديارهم.

من جهتها، اعتبرت "الهيئة 302" أن الشروط الثلاثة انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق اللاجئين، مؤكدة أن اللاجئين ليسوا مجرد مستفيدين من خدمات، بل أصحاب حقوق سياسية وقانونية وإنسانية، ومن حقهم التعبير عن رأيهم وممارسة نشاطهم السياسي دفاعاً عن قضيتهم.

وحذرت الهيئة من أن تمرير هذه الشروط قد يشكل سابقة خطيرة تمتد لتطال بقية مخيمات الضفة الغربية المحتلة، حيث يوجد 19 مخيماً رسمياً للفلسطينيين، مؤكدة أن الهدف النهائي للاحتلال هو تفكيك المخيمات والقضاء على حق العودة.

كما دعا "ملف الأونروا" في المؤتمر الشعبي ومعه "الهيئة 302" إلى أوسع حراك شعبي فلسطيني وعربي وإسلامي ودولي لمواجهة هذه الشروط، والعمل على منع تمريرها، والتصدي لمحاولات الإدارة الأميركية والإسرائيلية الرامية إلى تفكيك "أونروا" وتهديد مستقبل أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين في سجلات الوكالة.

وأكدت الهيئتان أن بقاء اللاجئين في مخيماتهم وتمسكهم بحقهم في العودة يشكّل خط الدفاع الأول عن قضية اللاجئين، مشددتين على أن أي مساعٍ لفرض وصاية أمنية أو سياسية على المخيمات لن تنجح أمام إرادة اللاجئين وصمودهم.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد