ارتفاع ضحايا سوء التغذية إلى 282

دعوات فلسطينية ومنظمات دولية لمواجهة المجاعة في قطاع غزة

السبت 23 اغسطس 2025

تتزايد الدعوات الأممية والدولية والفلسطينية لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف إطلاق النار وإنهاء المجاعة في قطاع غزة، في ظل تفاقم كارثة إنسانية غير مسبوقة، خاصة بعد إعلان الأمم المتحدة رسمياً دخول القطاع مرحلة المجاعة لأول مرة في تاريخ الشرق الأوسط، نتيجة القيود المستمرة على إدخال المساعدات، وانهيار المنظومة الصحية، وارتفاع أعداد ضحايا الجوع وسوء التغذية.

وقد أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم السبت 23 آب/ أغسطس، عن وفاة 8 أشخاص نتيجة سوء التغذية خلال الـ24 ساعة الماضية، مما يرفع عدد شهداء التجويع في القطاع إلى 282 بينهم 114 طفلاً.

وفي هذا السياق، قال مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة، الدكتور محمد أبو سلمية، في تصريحات صحفية: إن القطاع الصحي يواجه وضعاً مأساوياً، موضحاً أنّ هناك 320 ألف طفل دخلوا في حالة سوء تغذية حاد، وأن جميع الجرحى في المستشفيات يعانون من سوء التغذية، محذراً من أنّ هذه المعضلة تحتاج إلى وقت طويل لمعالجة تداعياتها الكارثية.

من جانبه، حذر المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عدنان أبو حسنة، من أنّ اجتياح مدينة غزة سيؤدي إلى "تسونامي إنساني كارثي"، مشدداً على أنّ الوكالة قادرة على مواجهة المجاعة إذا ما فُتحت المعابر، كما أكد أن معظم سكان مدينة غزة يرفضون التهجير القسري، ويفضلون البقاء في بيوتهم رغم المخاطر.

وفي مؤتمر صحفي عقد الليلة الماضية، قال مدير تحليل الأمن الغذائي والتغذية في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، جان مارتن باور: "إن إعلان المجاعة في غزة يمثل لحظة تاريخية"، فهي المرة الأولى التي تؤكد فيها مجاعة في الشرق الأوسط.

وأوضح أن المجاعة تعني حرماناً غذائياً شديداً، وسوء تغذية حاداً واسع الانتشار، ووفيات بسبب الجوع، مضيفاً أن هذه الأزمة تتطلب حماية أنظمة البيانات التي ستوجه الاستجابات الإنسانية العاجلة.

ودعا المسؤول الأممي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة حيال تفشي المجاعة في قطاع غزة.

على الصعيد الفلسطيني، أصدرت فصائل المقاومة بياناً اعتبرت فيه أنّ إعلان الأمم المتحدة عن المجاعة جاء في لحظة متأخرة، بعد أشهر من الحصار والتجويع الممنهج الذي مارسه الاحتلال الإسرائيلي بحق أكثر من مليوني إنسان، في ظل "صمت دولي وعربي مهين".

وأكدت الفصائل أنّ هذا الإعلان يتزامن مع استعدادات الجيش "الإسرائيلي" لاحتلال مدينة غزة في إطار حرب الإبادة المستمرة منذ نحو عامين.

ودعت الفصائل المجتمع الدولي، وخاصة الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، إلى التحرك الفوري وفق بروتوكولات التعامل مع المجاعات، بما يشمل التدخل الإنساني العاجل وفتح الممرات الآمنة لإدخال الغذاء والدواء دون قيود أو شروط.

كما طالبت الدول العربية والإسلامية بتجاوز بيانات الشجب والاستنكار، واتخاذ خطوات عملية حقيقية لكسر الحصار وإنقاذ المدنيين، مؤكدة أنّ "معركة غزة ليست معركة الفلسطينيين وحدهم، بل معركة الجميع في مواجهة الخطر الصهيوني الداهم".

وكانت منظمات دولية، من بينها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، قد أصدرت بياناً مشتركاً أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون المجاعة، التي تتسم بانتشار الجوع والعوز ووفيات يمكن الوقاية منها.

ووفق التحليل الجديد للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، فإنّ ظروف المجاعة مرشحة للانتشار من محافظة غزة إلى دير البلح وخان يونس خلال الأسابيع المقبلة.

وأكدت الوكالات الأممية أنه بحلول نهاية أيلول/ سبتمبر، سيواجه أكثر من 640 ألف شخص مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة الخامسة)، فيما سيعاني 1.14 مليون شخص إضافي من حالة طوارئ غذائية (المرحلة الرابعة)، و396 ألف شخص آخر من حالة أزمة غذائية (المرحلة الثالثة).

وأشارت التقديرات إلى أنّ الأوضاع في شمال غزة لا تقل سوءاً – أو ربما أسوأ – من تلك التي تعيشها مدينة غزة، غير أن محدودية البيانات حالت دون تصنيف الوضع هناك بشكل كامل.

كما لفت البيان إلى أن التصنيف الأممي للمجاعة يفعل عند تجاوز ثلاث عتبات حرجة: الحرمان الغذائي الشديد، وسوء التغذية الحاد، والوفيات المرتبطة بالجوع، مؤكداً أنّ غزة استوفت هذه المعايير كافة.

وأشار إلى أن ما يقرب من عامين من الحرب والنزوح والقيود المشددة على وصول المساعدات الإنسانية وانهيار أنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي دفعت السكان إلى حافة المجاعة.

وأظهر التقرير أن سوء التغذية بين الأطفال يتسارع بوتيرة كارثية، حيث سجلت في تموز/ يوليو وحده إصابة أكثر من 12 ألف طفل بسوء التغذية الحاد، وهو أعلى رقم شهري مسجل على الإطلاق، وزيادة بمقدار ستة أضعاف منذ بداية العام. ويعاني نحو طفل من بين كل أربعة من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أخطر أشكال سوء التغذية وأكثرها فتكا.

وشددت الوكالات الدولية على أن الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء الصراع شرط أساسي للسماح باستجابة إنسانية واسعة النطاق، محذرة من أن أي هجوم عسكري جديد على مدينة غزة ستكون له عواقب وخيمة على المدنيين، خاصة أن كثيرين من بينهم الأطفال، المرضى، كبار السن وذوو الإعاقة لن يتمكنوا من الإخلاء.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد