كشفت منظمة "أطباء بلا حدود" عن تصاعد خطر التطهير العرقي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، نتيجة ما يتعرض له الفلسطينيون من تهجير قسري جماعي على يد قوات الاحتلال والمستوطنين، ضمن سياسات وممارسات وصفت بأنها صممت بوقاحة لطرد السكان الفلسطينيين من أرضهم ومنع أي إمكانية للعودة.
وقالت المنظمة، في بيان اليوم الخميس 4 أيلول/ سبتمبر، إن المعاناة التي يسببها الاحتلال باتت واقعًا طبيعيًا أكثر من أي وقت مضى خلال تاريخها الممتد على مدى 36 عامًا في فلسطين.
وأضافت: أن عام 2025 شهد تصعيدًا في هذه الممارسات، داعيةً الدول ذات العلاقات الوثيقة مع "إسرائيل"، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى ممارسة ضغوط جدية لوقف الانتهاكات وضمان إنهاء الاحتلال.
وأوضحت "أطباء بلا حدود" أن العملية العسكرية المستمرة منذ مطلع العام، والمسماة "الجدار الحديدي"، تسببت بتهجير نحو 40 ألف شخص في شمال الضفة، وفق أرقام "أونروا". وأشارت إلى أن ثلاثة مخيمات للاجئين اقتحمت وأخليت بالقوة، فيما دمرت منازل وبنى تحتية مدنية شملت مدارس ومراكز رعاية صحية.
وأضافت أن سياسات الاحتلال، بما فيها خطة E1 الاستيطانية التي أقرت مؤخرا، تهدف إلى تقسيم الضفة وعزل شمالها عن جنوبها، وفصل القدس الشرقية بالكامل، معتبرة ذلك "محاولة واضحة للقضاء على أي أفق لمستقبل فلسطيني".
وكشفت المنظمة عن أرقام صادمة منذ كانون الثاني/ يناير 2023، أبرزها أن عمليات الهدم تسببت بتهجير 6,450 فلسطينيًا، بينهم مئات الأطفال، كان آخرهم 246 شخصًا في محافظة الخليل بين نيسان/ أبريل وأيار/ مايو 2025. كما أدت هجمات المستوطنين، التي تنفذ تحت حماية الجيش، إلى تهجير 2,900 فلسطيني منذ بداية 2023.
وأشار البيان إلى أنّ القيود على الحركة ازدادت قسوة، مع إنشاء 36 حاجزًا جديدًا بين كانون الأول/ ديسمبر 2024 وشباط/ فبراير 2025، وارتفاع الحواجز المؤقتة من 116 إلى 370 خلال عام ونصف، ما حرم الفلسطينيين من الوصول إلى المستشفيات والمدارس وأماكن العمل.
كما حذّرت المنظمة من تفاقم أزمة المياه، إذ أدت اعتداءات المستوطنين وقطع الأنابيب إلى انخفاض إمدادات المياه العامة في الخليل بأكثر من 50% منذ أيار/ مايو 2025، ما أثّر على نحو 800 ألف شخص، بينهم نصف سكان قرى جنوب جبل الخليل.
وأكدت أن سياسات الاحتلال لا تقتصر على الهدم، بل تستهدف سبل العيش أيضًا، عبر الاستيلاء على الأراضي الزراعية ومنع الرعي وحرمان الفلسطينيين من تصاريح العمل. وفي السياق ذاته، نقلت المنظمة عن أحد سكان بلدة مسافر يطا قوله: "الأمر لا يقتصر على هدم منازلنا، بل يستولون على أرضنا، ويجعلون بقائنا مستحيلًا".
وختمت "أطباء بلا حدود" بيانها بالتشديد على أن هذه السياسات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، مجددة دعوتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول ذات العلاقات الوثيقة مع "إسرائيل" إلى ممارسة ضغوط جدية لوقف الانتهاكات وضمان إنهاء الاحتلال.