أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الخميس، فرض عقوبات على ثلاث منظمات حقوقية فلسطينية، في خطوة أثارت استنكاراً واسعاً، واعتبرت استهدافاً مباشراً للجهود الفلسطينية في ملاحقة الاحتلال "الإسرائيلي" أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وبحسب ما ورد على الموقع الإلكتروني للوزارة، فقد شملت العقوبات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان، وكلاهما مقرهما قطاع غزة، إضافة إلى مؤسسة الحق – القانون من أجل الإنسان ومقرها مدينة رام الله.
وذكرت الوزارة أن هذه الإجراءات تأتي في إطار ما سمّته "تصنيفات متعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية"، مشيرة إلى أن "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) أصدر الترخيص العام رقم 10 المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، والذي يجيز إنهاء المعاملات المتعلقة ببعض الأشخاص المحظورين في 4 أيلول/ سبتمبر 2025". كما تم تحديث قائمة الأشخاص والكيانات الخاضعين للعقوبات ضمن القائمة الأميركية الخاصة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام قليلة من إعلان واشنطن، في 29 آب/ أغسطس الماضي، أنها لن تمنح تأشيرات للرئيس الفلسطيني محمود عباس و80 مسؤولاً آخرين في السلطة الفلسطينية لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت تستعد فيه فرنسا ودول أخرى للاعتراف بدولة فلسطين.
وفي أول رد فعل فلسطيني، رفض مدير عام "مؤسسة الحق" شعوان جبارين، الجمعة، قرار واشنطن، مؤكداً أن هذه الإجراءات لن تردع المؤسسات الحقوقية عن مواصلة عملها في ملاحقة مرتكبي الإبادة "الإسرائيلية" في قطاع غزة.
وقال جبارين في تصريحات صحفية: "من دفع باتجاه هذا القرار هو وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي يضغط بقوة لوضع مؤسسات حقوقية فلسطينية على قوائم الإرهاب الأميركية".
وأضاف: "لا يملكون أي حجة قانونية لاتهامنا بالإرهاب، لذلك يحاولون محاربة جهودنا في المحكمة الجنائية الدولية".
وأشار جبارين إلى أن المؤسسات الثلاث كانت قد تقدمت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 بطلب رسمي إلى المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق في الغارات الجوية "الإسرائيلية" التي استهدفت المناطق المدنية في قطاع غزة، إضافة إلى الحصار وتشريد مئات الآلاف من السكان.
واختتم بالقول: "لن يخيفنا هذا القرار، ولن يردعنا أي تهديد أو محاولات لإغلاق الطرق أمامنا. سنواصل عملنا أمام المحكمة الجنائية الدولية وأمام أي منصة دولية أخرى، لمحاسبة مرتكبي الجرائم الدولية، وعلى رأسها جريمة الإبادة في غزة".
يشار إلى أن العقوبات الأميركية جاءت في إطار محاولة عرقلة المسار القانوني ضد "إسرائيل" في المحكمة الجنائية الدولية، إذ كانت المنظمات الثلاث قد تقدمت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 بطلب رسمي لفتح تحقيق بجرائم الاحتلال في غزة، بما يشمل الغارات الجوية التي استهدفت المدنيين، والحصار، وتشريد مئات الآلاف من السكان.
وبحسب تقارير "رويترز" و"بوليتيكو"، فإن هذه المطالب ساهمت في إصدار المحكمة أوامر توقيف بحق رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
أما صحيفة "Times of India" فقد وصفت الخطوة الأميركية بأنها "استهداف غير شرعي"، مشيرة إلى أن واشنطن لا تكتفي برفض الاعتراف بقرارات المحكمة الجنائية الدولية، بل تفرض عقوبات على المنظمات الفلسطينية التي تدعم تلك الجهود، ما يضعها في مواجهة مباشرة مع المؤسسات الحقوقية والمجتمع الدولي الداعي للمحاسبة.