رزان غنيم… بطلة من مخيم نهر البارد تحلّق بفلسطين في سماء الكيك بوكسينغ

الإثنين 08 سبتمبر 2025

قصة نجاح أنثوية جديدة تخرج من مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان، صنعتها الإرادة والإصرار، للاجئة فلسطينية رفعت اسم فلسطين عالياً بعد فوزها بالمركز الأول في بطولة ACS السادسة عشرة للكيك بوكسينغ، التي أقيمت في منطقة عاليه قرب بيروت وسط منافسة قوية ومشاركة واسعة من أبطال اللعبة.

إنجاز البطلة رزان غنيم لم يكن مجرد فوز رياضي، بل محطة مضيئة في مسيرة فتاة فلسطينية كسرت القيود لتثبت أن المخيم، رغم قسوة العيش فيه، قادر على أن يقدّم للعالم أبطالاً يرفعون راية فلسطين في المحافل الرياضية.

WhatsApp Image 2025-09-08 at 2.12.58 PM.jpeg

بداية مبكرة وإصرار وتشجيع

تتحدث رزان لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن بداياتها، فتقول إنها دخلت عالم الكيك بوكسينغ وهي في السابعة من عمرها، إذ بدأت التدريب بهدف تنمية الليونة البدنية فقط، قبل أن تقع في حب اللعبة، وتقرر ممارستها بجدية استعداداً لخوض البطولات.

وتشير إلى أن أبرز ما واجهته من صعوبات كان اضطرارها للمشاركة في فئات وزن أعلى من وزنها، الأمر الذي أثار لديها القلق والتردد. لكنها، كما تقول، كانت تستحضر تجاربها السابقة وتتساءل: "إذا تجاوزت الصعوبات الأكبر، فلماذا لا أخوض هذه أيضاً؟"

وتوضح رزان أن التمارين الشاقة والنظام الغذائي الصارم والتحضيرات الطويلة كانت جزءاً أساسياً من حياتها اليومية. وتؤكد أن الدعم الكبير الذي تلقته من والدها، الذي لعب دور المدرب أيضاً، ساعدها على تجاوز لحظات الخوف، خاصة أمام النظرة السلبية لبعض الأوساط لمشاركة الفتيات المحجبات في الرياضات القتالية.

والدها كان المُدرّب المُحب

والدها ومدربها، رامز غنيم، يروي بداياتها قائلاً إن رزان كانت ترافقه إلى النوادي الرياضية، وتسمع منه باستمرار عن حلمه الرياضي الذي لم يتمكن من إكماله بسبب مسؤوليات الحياة والعمل، ورأى في ابنته أهلاً لإكمال مسيرة في رياضة قتالية صنفتها الصور النمطية كرياضة ذكورية.

ويضيف في حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "لم يرزقني الله بصبي يكمل مسيرتي، فجاءت رزان لتعوض ذلك، ووجدت فيها الموهبة التي تستحق أن تصقل".

WhatsApp Image 2025-09-08 at 2.12.58 PM (1).jpeg

ويتابع: "جربتها في بطولة محلية، وهناك لمست فيها قوة قلب وإصراراً استثنائياً. رغم أن أداءها في البطولة الأخيرة لم يكن بمستوى توقعاتي لأسباب تتعلق بالتحضير، إلا أن تقييمها العام كان ممتازاً".

وعن صعوبة الجمع بين كونه أباً ومدرباً، يقول رامز: "أحياناً يكون من الصعب أن أكون صارماً كمدرب وحنوناً كأب في الوقت نفسه، لكنني مضطر لذلك من أجل مستقبلها الرياضي".

ويشير إلى أن أبرز التحديات التي يواجهها في تدريب ابنته داخل المخيم تتمثل في تنسيق وقتها بين الدراسة والتدريب، فضلاً عن ضعف الإمكانيات. ويؤكد أن المخيمات الفلسطينية مليئة بالمواهب، لكنها تعاني غياب الدعم وتسليط الضوء. ويختم بالتأكيد على عزمه تكثيف تدريباتها وتوسيع دائرة احتكاكها بلاعبين من أندية أخرى استعداداً لبطولات أكبر وربما دولية.

رسالة رزان للفتيات

لم تغفل رزان عن توجيه رسالة للفتيات في ظروف مشابهة، فقالت: "على كل فتاة أن تثق بنفسها، وتسعى وراء هدفها. لا يوجد خسارة بلا درس. حتى في المخيمات الصعبة، يمكن للعزيمة أن تكسر الحواجز".

وتضيف أنها تطمح إلى المشاركة في بطولات عالمية، وأن تصبح قدوة لكل من يلاحق حلمه. وعن شعورها بعد الفوز الأخير، تقول: "كان شعوراً رائعاً لأنني أدركت أن كل تعبي لم يذهب سدى. حتى خسارتي الوحيدة كانت درساً عظيماً زاد من عزيمتي."

واختتمت حديثها برسالة مفعمة بالأمل والفخر: "إهداء نجاحي هذا إلى فلسطين، وإلى أهلنا في غزة على وجه الخصوص. فلسطين لا تغيب عن وجدان أبناء المخيمات، وكل إنجاز يبقى موجهاً إلى أهلها الصامدين".

وتضيف أن فلسطين تعيش في قلوب اللاجئين جيلاً بعد جيل، وأن الظروف القاسية يجب أن تتحول إلى دافع إضافي لمواصلة الحلم، مؤكدة: "كل فوز يحققه أبناء المخيمات هو رسالة حب ووفاء لغزة وفلسطين، وإثبات أن الهوية لا تزول".

ويأتي إنجاز رزان وغيرها من المتفوقين رياضياً في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في ظل واقع رياضي متردٍ ومحروم من الدعم الحقيقي، ويعكس جانباً من معاناة اللاجئين اليومية، حيث الملاعب شبه معدومة، والإمكانيات ضعيفة، والدعم الرسمي غائب.



ومع ذلك، ينجح كثير من الشباب والفتيات في إثبات حضورهم، سواء في الألعاب القتالية أو الجماعية. إنجاز رزان غنيم يعيد تسليط الضوء على هذه الطاقات، ويدل أن إنجازها ليس مجرد لقب رياضي، بل قصة صمود فلسطينية تضاف إلى سجل المخيمات، ورسالة بأن الطموح لا يعرف حدوداً، وأن الحلم أكبر من الأزقة الضيقة والجدران العالية.

رزان اليوم نموذج لجيل فلسطيني جديد يرى في الرياضة مساحة للتعبير عن الهوية والانتماء، ويؤمن أن كل إنجاز فردي هو إهداء لفلسطين وقضيتها العادلة.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد