خطر بنيوي يهدد حياة 80 عائلة فلسطينية

بناية "العمرة" في مخيم الجليل.. جدران متشققة ومرافق منهارة تهدد اللاجئين

السبت 13 سبتمبر 2025

في قلب مخيم الجليل، أحد أصغر المخيمات الفلسطينية في لبنان، تقف البناية الفرنسية القديمة المعروفة باسم "العمرة" شاهداً على تاريخ طويل من المعاناة. فالمبنى الذي كان في السابق مهاجع للجيش الفرنسي، تحول إلى مأوى لعشرات العائلات الفلسطينية، لكنه اليوم يواجه خطراً بنيوياً كبيراً، فيما يفتقر قاطنوه إلى أبسط مقومات الحياة الصحية.

ورغم أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تُجري بين الحين والآخر مشاريع لتحسين المخيمات، إلا أن هذه المشاريع لم تشمل البنى التحتية الأساسية ولا معالجة أوضاع "العمرة"، التي يتكون كل بيت فيها من غرفة ضيقة لا تصلح للسكن العائلي، مع افتقار كامل للخدمات.

إحدى اللاجئات المقيمات في المبنى قالت لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "أنا ولدت هنا في المبنى، وأولادي ولدوا هنا وربيتهم هنا، ومعاناتنا كبيرة، حيث المرافق الصحية في الخارج، والجدران كلها عم تفسخ. المرضى وكبار السن يعانون كثيراً، خصوصاً في الشتاء حين يضطرون للخروج إلى الخارج من أجل استعمال الحمام".

لاجئ آخر أضاف: "البيت بالإيجار والمصاريف كتيرة. قدمنا على ترميم من قبل وكالة أونروا ورفضوه. عندنا مشاكل بالزبالة، الأدراج سيئة، والوضع صعب. ما في مصاري حتى نحسن البناء".

سليمان الفيومي، سكرتير إقليم لبنان في حركة "فتح"، شرح أزمة البناء لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قائلاً: "هذه البناية لم تصمم أصلاً لسكن العائلات، بل كانت مهاجع للجيش الفرنسي. تفتقر إلى خدمات أساسية كالصرف الصحي والمطابخ. الأهالي اضطروا لاحقاً لإضافة مراحيض ومطابخ، ما زاد الأعباء على المبنى وأضعف بنيته. هناك خلل بنيوي واضح".

وأضاف الفيومي أن "أونروا" كانت في السابق تجري إصلاحات محدودة مثل الدهان الخارجي أو ترميم الأدراج، لكنها توقفت منذ سنوات. وأوضح أن الأهالي واللجان الشعبية رفعوا رسائل عديدة للمطالبة بإعادة ترميم المبنى، إلا أن "أونروا" استثنته من برامجها الأخيرة التي ركزت على تحسين الساحات العامة والتشجير، بدلاً من معالجة أزمات السكن الأساسية.

وتابع: "اليوم نرى تحسينات في بعض المرافق العامة داخل المخيم، لكن إذا لم يعالج السكن للعائلات فلن يكون لهذه التحسينات معنى. كان الأولى أن تبدأ أونروا بترميم المباني المهددة قبل الاستثمار في المساحات الخارجية."

وأشار الفيومي إلى أن لجاناً هندسية أعدت دراسات وتقارير حول وضع البناية، لافتاً إلى أن كلفة هذه الدراسات وحدها قد تكفي لإعادة بناء مبنى بديل. وأكد أن "العمرة" يضم حالياً نحو 80 عائلة، لكن العدد تراجع بسبب الهجرة وعدم قدرة المكان على استيعاب المزيد.

وتبقى "العمرة" مثالاً صارخاً لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث يورّث السكان أزمات السكن جيلاً بعد جيل، في ظل غياب حلول جذرية تضمن لهم حياة كريمة وآمنة.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد