وسط ترحيب دولي وتهديد إسرائيلي

مزيد من الدول الأوروبية تعترف بـ "دولة" فلسطينية تزامناً مع مؤتمر "حل الدولتين"

الإثنين 22 سبتمبر 2025

اعترفت كلّ من بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال، بـ "دولة" فلسطينية أمس الأحد 21 أيلول/ اسبتمبر، في خطوة وُصفت بالتاريخية، وسط ترجيحات لانضمام المزيد من الدول كجزيرة مالطا وإيلندا وسواها، التي أعلنت موقفها اليوم الاثنين بأنها بصدد الاعتراف بـ "الدولة" الفلسطينية، خلال مؤتمر حل الدولتين المزمع عقده اليوم.

وجاءت هذه الاعترافات، بعد نحو عامين من الحرب المستمرة على قطاع غزة، لتضاف هذه الدول إلى قائمة طويلة تضم ثلاثة أرباع أعضاء الأمم المتحدة الذين اعترفوا بـ "الدولة" الفلسطينية منذ إعلانها عام 1988.

وبذلك يرتفع عدد الدول التي تعترف بفلسطين إلى 153 من أصل 193 دولة عضو في المنظمة الأممية، في حين يُنتظر أن تحذو فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا ودول أخرى الحذو ذاته خلال القمة الأممية التي افتتحت اليوم الاثنين في نيويورك.

مسار طويل

الاعترافات الأخيرة جاءت بعد مسار طويل بدأ من الجزائر، التي كانت أول دولة تعترف بفلسطين عام 1988 عقب إعلان الرئيس الراحل ياسر عرفات قيام الدولة من المنفى، ثم تلتها موجات اعتراف لاحقة، كان آخرها قبل أيام مع ازدياد الضغط الدولي لإنهاء الحرب على غزة وتحقيق رؤية "حل الدولتين".

في المقابل، ما زالت 45 دولة على الأقل، بينها الولايات المتحدة و"إسرائيل" واليابان وكوريا الجنوبية، ترفض الاعتراف بـ "الدولة" الفلسطينية، فيما تنقسم أوروبا بشكل شبه متساوٍ حول القضية.

ترحيب عربي ودولي وتهديد "إسرائيلي"

لاقى الاعتراف الجديد ترحيباً واسعاً من الدول العربية والإسلامية والمنظمات الدولية، التي اعتبرته خطوة تدعم حقوق الشعب الفلسطيني وتُعزز فرص "تحقيق السلام".

السعودية أكدت أن الاعتراف يجسّد التزاماً جاداً من الدول الصديقة بدعم مسار "السلام" والدفع باتجاه "حل الدولتين"، معربة عن تطلعها لمزيد من الاعترافات، فيما رأت الأردن في القرار انسجاماً مع الإرادة الدولية المتنامية بإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية.

أما الكويت، فأكدت أن هذه الخطوة ستسهم في تعزيز فرص "السلام"، داعية بقية الدول للحذو بالمثل، فيما وصفت قطر الاعتراف بأنه "انتصار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني"، وعدّته سلطنة عُمان تطوراً مهماً في مسار الحل السياسي.

أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي قال: إن الاعترافات الأخيرة "تمنح حل الدولتين زخماً شرعياً وتتصدى لمحاولات تكريس الاحتلال".

أما الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، فوصف القرار بـ"الشجاع"، مؤكداً أنه يعكس التزاماً بالشرعية الدولية وحق الفلسطينيين في تقرير المصير.

أما الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، فاعتبر الاعتراف البريطاني تحديداً ذا دلالة خاصة، واصفاً مجمل الاعترافات بأنها "تفتح مساراً جدياً للتسوية السلمية".

من جانبها، عدّت منظمة التعاون الإسلامي، الاعترافات "تاريخية ومنسجمة مع القانون الدولي"، داعية الدول التي لم تعترف بعد إلى المسارعة بذلك.

فلسطينياً، رحّب رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته محمود عباس بقرارات الاعتراف الجديدة، معتبراً أنها خطوة تاريخية نحو تجسيد الدولة المستقلة. وأشاد نائب عبّاس، حسين الشيخ، بما وصفه بـ"انتصار دولي للحق والعدالة"، فيما رأت حركة حماس أن الاعتراف تثبيت لحق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته، مشددة على وجوب أن تترافق هذه الخطوة مع إجراءات عملية لوقف حرب الإبادة في غزة.

دولياً، أكد الكرملين أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، بينما رأى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الاعترافات الجديدة تمنح الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة طابعاً مميزاً.

في المقابل، قلّلت الولايات المتحدة من شأن الاعترافات ووصفتها بأنها "لفتة استعراضية"، مشددة على أولوياتها المتعلقة بأمن "إسرائيل".

أما داخل "إسرائيل"، فرفضت حكومة بنيامين نتنياهو الاعترافات بشدة، إذ توعّد رئيس الوزراء بمواجهتها في كل المحافل، مؤكداً أنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية غرب نهر الأردن"، بينما وصف وزير ما يسمى بـ الأمن القومي "إيتمار بن غفير" الاعترافات بأنها "جائزة للإرهاب"، ودعا إلى فرض السيادة "الإسرائيلية" على الضفة الغربية وتفكيك السلطة الفلسطينية.

انطلاق المؤتمر الدولي لـ"حل الدولتين"

يتزامن الإعلان عن الاعترافات الجديدة مع انطلاق أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالطرق السلمية وتنفيذ "حل الدولتين"، اليوم الاثنين 22 ايلول/ سبتمبر، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا، وبمشاركة واسعة من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية.

ومن المقرر أن يفتتح المؤتمر بكلمات للرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش"، ورئيسة الجمعية العامة "أنالينا بيربوك"، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

المؤتمر الذي يستمر لثلاث ساعات، يهدف إلى تحويل "إعلان نيويورك"، الذي تم تبنيه في تموز/ يوليو الماضي، إلى خارطة طريق عملية لتنفيذ "حل الدولتين"، ويتضمن الإعلان عن خطوات "ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها"، بينها وقف الحرب على غزة، وانسحاب "إسرائيل" من القطاع لصالح السلطة الفلسطينية وفق مبدأ "حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد"، إضافة إلى تشكيل لجنة إدارية انتقالية لإدارة غزة بعد وقف إطلاق النار.

كما يشدد الإعلان على دعم السلطة الفلسطينية مالياً ومؤسسياً، والإفراج عن عائدات الضرائب المحتجزة، وإدماج فلسطين في النظامين المالي والنقدي الدوليين، ويؤكد على ضرورة وقف الاستيطان، والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي للأماكن المقدسة في القدس، وفرض عقوبات على المستوطنين المتطرفين.

وقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 أيلول/سبتمبر الجاري "إعلان نيويورك" بأغلبية 142 دولة، في ما اعتُبر تحوّلاً تاريخياً يمنح حل الدولتين زخماً متجدداً، وسط توقعات بأن تشهد جلسات المؤتمر الحالي اعترافات جديدة من دول بينها مالطا ولوكسمبورغ ونيوزيلندا وأرمينيا وبلجيكا.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين / وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد