يشكّل أصحاب البسطات في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان صورة حيّة عن معاناة يومية تتكثّف فيها ملامح بذل الجهد لانتزاع لقمة العيش والكرامة معاً، في ظل الفقر وغياب فرص العمل والدعم، وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم في بلد يمنعهم من مزاولة عشرات المهن.

 حتى المتعلم يجد نفسه عاملاً على بسطة، وقد تحوّلت هذه المهنة بالنسبة للكثيرين إلى وسيلة وحيدة لتأمين قوت يومهم، رغم المشقة وقسوة الظروف.

فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" جال في المخيم واستطلع شهادات عدد من أصحاب البسطات الذين تحدثوا بمرارة عن واقعهم.

يقول أحد الباعة المتجولين على بسطة مشاوي إنه يعمل منذ ثلاث سنوات من دون أن يجد فرصة لفتح محل مستقل: "نقف تحت الشمس حتى تغيب، وفي الشتاء نغطي عربتنا بنايلون كي نواصل العمل. لا أقبل أن أعمل عند أحد مقابل أجر زهيد، أفضل أن أكون سيد نفسي، ولو لم أوفّر شيئاً".

أما محمد عوض، الذي يبيع الكعك، فأكد أن هذه المهنة باتت مصدر الرزق الوحيد له ولأسرته بعد أن فقد عمله السابق: "في الشتاء يتوقف عملنا أحياناً، لكن المهم أن نؤمّن لقمة عيشنا بكرامة، ولو عبر بسطة متواضعة".

في حين لم يجد "الدوخي"، وهو مصاب في يده، سوى البسطة ملجأً رغم قساوة العمل: "نعيش يوماً بيوم. ما نكسبه ننفقه فوراً، لكن أحمد الله فهي مصدر رزقنا الوحيد. أتمنى فقط أن أملك محلاً صغيراً يحميني من مشقة الشارع."

من جانبه، يواصل أسعد أسعد بيع الفحم منذ أكثر من عشر سنوات: "رغم الدخان والمشقة، إلا أني أفضل هذا العمل على سؤال الناس. نكسب ما تيسّر، لكنه يكفينا".

وكذلك أحمد عبد الرحمن، صاحب بسطة خضار، تحدث عن مهنة ورثها عن أجداده منذ أكثر من سبعين عاماً: "بدأت ببيع الخضار على سيارة بيك آب، واليوم لدي بسطة بسيطة. أسعارنا شعبية كي تكون في متناول الناس".

ورغم إصرارهم على العمل بكرامة، يصطدم هؤلاء بواقع صعب، إذ يحول ارتفاع الإيجارات دون تحقيق حلم فتح محل صغير.

الناشط زاهر الجندي يلخّص المشهد قائلاً: "الفلسطيني في لبنان يعيش تحت ضغط شديد، لكنه يسعى للعيش بكرامة. كثير من الشباب لم يجدوا سوى البسطات والأكشاك، حتى لو كانوا أصحاب شهادات. نتساءل: أين الدولة اللبنانية من معاناة هؤلاء؟ وأين الفصائل الفلسطينية ووكالة (أونروا) التي بدلاً من أن تقدم الدعم، تواصل تقليص خدماتها؟".

بين عربات الخضار وبسطات الكعك والفحم والمشاوي، يصرّ أهالي مخيم نهر البارد على التشبث بالحياة والعمل، رغم كل التحديات التي تجعل كسب لقمة العيش في المخيم معركة يومية بحد ذاتها.

شاهد/ي التقرير
 

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد