قدّم الفنان التشكيلي الفلسطيني الذي يقطن في قطاع غزة، شحدة أحمد درغام، في معرضه الشخصي الأخير، الذي أقيم في العاصمة الأرجنتينية "بوينس آيرس" تجربة فنية استثنائية، تأخذ المتلقي في رحلة عميقة بين الألم والمعاناة والأمل.

المعرض الذي نظمه "المركز الثقافي الأحمر"، ضم حوالي أربعين لوحة، أنجزها درغام خلال العام الحالي، تزامناً مع استمرار حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة وكل واحدة منها ليست مجرد عمل بصري، بل سرد متواصل لمعاناة الفلسطينيين جراء الحرب ومرارة الفقد والجوع والنزوح، لتحمل اللوحات في جوهرها انعكاساً مباشراً لحرب الإبادة المستمرة منذ ما يقارب عامين، وتعبيراً عن الذاكرة الجمعية لأكثر من مليوني فلسطيني يرزحون تحت الإبادة والحصار، ورسماً للأمل النابع من التمسك بالحياة وسط الركام والموت.

WhatsApp Image 2025-09-23 at 4.57.21 AM (3).jpeg

 

كل لوحة هي صدى للمعاناة الإنسانية وفهم أعمق للواقع الفلسطيني

يقول الفنان شحدة درغام لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن "المنتج الفني لي ليس مجرد لوحة، بل حالة من حالات الاشتباك المعرفي، للتأكيد على السردية الفلسطينية تجاه ما يحدث في قطاع غزة من حرب إبادة بالقوة، والجوع المستمر، والتهجير القسري، كل لوحة تحمل صدى المعاناة الإنسانية، وتحمل رؤية فلسفية تدعو المشاهد للانخراط في فهم أعمق للواقع الفلسطيني، بما يتجاوز المشاهدة البصرية إلى تفاعل معرفي ووجداني مع الحدث".

WhatsApp Image 2025-09-23 at 4.57.20 AM.jpeg

تجربة درغام في هذا المعرض هي امتداد لتجاربه الطويلة في البحث بالشكل وبياناته، مع التمسك بالمضمون الإنساني الذي ينبض في كل أعماله، من خلال هذه اللوحات، يتجسد الفقد في خطوط دقيقة ووجوه مكتومة، ويصبح النزوح ملموسًا في الانكسارات الهندسية للفضاءات، بينما ينبعث الصمت من المباني المهدمة كصرخة مكتومة في الهواء.

أعمال المعرض تتشابك في طابع موحد لتكوّن جدارية مستمرة

يشير الفنان درغام إلى أن "الألوان اختيرت بعناية فلسفية، الأسود ومشتقاته من الرمادي يرمزون إلى الغبار والقصف، بينما يضاف اللون الأحمر بطريقة درامية تخلق توازنًا بصريًا مؤثرًا، وكأن الألم والتحول إلى جمال متوازنان على اللوحة نفسها، هذه الأعمال تتشابك في طابع موحد، لتكوّن جدارية مستمرة، تتدفق بين الأعين كقصة متكاملة، تدعو المتلقي للتأمل والعيش داخل كل مشهد".

WhatsApp Image 2025-09-23 at 4.57.21 AM (1).jpeg


ويوضح بأن كل لوحة تحمل رمزية فلسفية: الأطفال لا يظهرون فقط كرموز للبراءة، بل كنبض للحياة في مواجهة الدمار، الأمهات لا يحتضن فقط، بل يخلقن وطنًا صغيرًا في حضن أبنائهن، المباني المدمرة ليست مجرد حطام، بل سجل صامت للوجود الإنساني،التكرار في العناصر الرمزية ليس تصرفًا فنيًا فقط، بل موقفًا فلسفيًا يؤكد استمرار الحياة رغم الخراب.

أرسل لوحاته إلى خارج القطاع بينما لا يزال يصارع فيه من أجل البقاء

معرض درغام في "بوينس آيرس"، لم يكن حدثاً فنياً بحتاً، بل مساحة للتأمل في قيمة الإنسان، ووسيلة لتواصل إنساني عالمي، حيث يتحول الألم إلى لغة بصرية تفهمها الروح قبل العين.

في كل لوحة، يدعو الفنان المتلقي ليس فقط للرؤية، بل للشعور، للتفاعل، وللتفكير في معاني الحياة والموت والأمل والصمود.

أربعون لوحة يعبرن عن أربعين تجربة إنسانية وفلسفية، كلها تنبض بالسردية الفلسطينية، وتؤكد أن الفن قادر على تحويل المأساة إلى جمال يلامس القلوب، ويدعو إلى الحوار العالمي حول الإنسانية والحياة، مع الحفاظ على صوت فلسطين حيًا في كل تفاصيلها.

يشار إلى أن درغام، أرسل لوحاته إلى خارج القطاع، فيما هو ما زال يصارع من أجل البقاء في قطاع غزة، وكان قد استشهد ابنه أمام عينيه، واضطر للنزوح أكثر من مرة، وكما كان قد ذكر سابقاً، أنه "لم يكن يهرب فقط بجسده، بل بأعماله الفنية، كأنها كنزه الأخير، ذاكرته التي لا يجوز دفنها تحت الأنقاض، وكان يحمل بين يديه فلسطين، كما لم يحملها أحد".

WhatsApp Image 2025-09-23 at 4.57.21 AM.jpeg


 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد