أثار تصويت الكنيست التابع للاحتلال "الإسرائيلي"، مساء أمس الاثنين، بالقراءة الأولى على مشروع قانون يجيز تنفيذ عقوبة الإعدام بحق أسرى فلسطينيين، يدانون بما تسميه سلطات الاحتلال "أعمالًا إرهابية يقتل فيها إسرائيليون"، موجة غضب فلسطينية عارمة، وسط تأكيدات أن حكومة الاحتلال تمضي في تشريع القتل الجماعي المنظّم وتقنين الفاشية ضد الشعب الفلسطيني.

وقالت هيئة البث "الإسرائيلية" إن مشروع القانون أقر بأغلبية 39 عضوًا من أصل 120، مقابل 16 صوتوا ضده، مشيرة إلى أن الجلسة شهدت مشادة حادة بين النائب العربي أيمن عودة ووزير الأمن القومي المتطرف "إيتمار بن غفير"، كادت أن تتطور إلى شجار داخل قاعة الكنيست.

ويقدّم التشريع حزب "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية) اليميني المتطرف بزعامة بن غفير، الذي دعا إلى التصويت عليه باعتباره "خطوة تاريخية"، وهدّد سابقًا بأن حزبه لن يلتزم بالائتلاف الحكومي إذا لم يعرض القانون للتصويت خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة.

وينص مشروع القانون على أن "كل من يتسبب عمدًا أو بسبب الإهمال في وفاة مواطن إسرائيلي بدافع قومي أو عنصري أو بدافع الكراهية لـ إسرائيل، يحكم عليه بالإعدام، ولا يجوز تخفيف العقوبة أو استبدالها بعد صدور الحكم النهائي".

واعتبرت الفصائل الفلسطينية ومؤسسات حقوقية هذا القانون  تجسيدًا للفاشية وانحدارًا أخلاقيًا خطيرًا، وتجاوزًا لكل الأعراف القانونية والإنسانية، في ظل موجة إدانات فلسطينية واسعة.

الفصائل الفلسطينية: تشريع للقتل الجماعي وتكريس للفاشية

من جهتها، وصفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) القانون بأنه امتداد لنهج الحكومة الصهيونية العنصري والإجرامي، ومحاولة لتشريع القتل الجماعي ضد الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، مؤكدة أنه إصرار على انتهاك القوانين الدولية، وفي مقدمتها القانون الدولي الإنساني.

من جانبها، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن ما أقدم عليه الكنيست يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان وخطوة فاشية تُشرعن القتل بحق الأسرى الفلسطينيين، مشيرة إلى أن القانون "يُضفي غطاءً قانونيًا على ما تمارسه سلطات الاحتلال فعليًا داخل السجون من قتلٍ بطيء عبر التعذيب والإهمال الطبي".

أما حركة الجهاد الإسلامي، فقد وصفت مشروع القانون بأنه تصعيد إجرامي وفصل جديد من سياسة الإبادة والتطهير العرقي التي يمارسها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن القانون "يكشف جوهر الكيان القائم على العنصرية والبطش".

وطالبت الحركة بملاحقة وزراء حكومة الاحتلال وأعضاء الكنيست الذين صوّتوا لصالح هذا التشريع أمام المحاكم الدولية، بتهم التحريض على ارتكاب جرائم حرب، مؤكدة أن الأسرى الفلسطينيين "أمانة في أعناق الشعب"، وداعية إلى تصعيد المقاومة الشعبية والسياسية للدفاع عنهم، ومشددة على أن القانون لن ينجح في كسر إرادتهم أو النيل من صمودهم.

المجلس الوطني الفلسطيني: تشريع رسمي للقتل وإرهاب الدولة

وأدان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح بأشد العبارات مصادقة الكنيست على القانون، واصفًا إياه بأنه "تشريع رسمي للقتل وإرهاب الدولة المنظّم" الذي تمارسه حكومة الاحتلال اليمينية ضد الشعب الفلسطيني.

وقال فتوح إن القانون العنصري يأتي امتدادًا لجرائم الاحتلال اليومية من إبادة جماعية وتطهير عرقي بحق الأسرى والشعب الفلسطيني الأعزل، مشيرًا إلى أن "الكنيست الذي فقد شرعيته الأخلاقية والسياسية لم يعد ينتج سوى تشريعات تسرق الأرض، وتشرعن القتل والعقاب الجماعي، في انتهاك واضح لاتفاقيات جنيف".

وأكد أن القانون "يكرّس التطرف ويغذّي الكراهية، ويكشف طبيعة المؤسسة الإسرائيلية القائمة على الفصل العنصري"، داعيًا المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية إلى التحرك العاجل لوقفه ومحاسبة كيان الاحتلال، بل وفرض عقوبات على الكنيست وطرده من الاتحادات البرلمانية الدولية.

وشدد فتوح على أن "هذا القانون لن يرهب الأسرى ولا الشعب الفلسطيني، بل سيزيدهم إصرارًا على نيل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

تحذيرات حقوقية من "إعدامات جماعية"

وفي السياق، حذّرت تسع منظمات حقوقية فلسطينية معنية بشؤون الأسرى من خطر ارتكاب الاحتلال "الإسرائيلي" إعدامات جماعية بحق الأسرى الفلسطينيين في حال إقرار القانون، معتبرة أن تمريره سيشكّل سابقة قانونية فاشية خطيرة.

وقالت المنظمات في ورقة موقف صدرت عنها إن أخطر ما في مسودة التشريع أنه يسري بأثر رجعي، ما يعني إمكانية تطبيقه على مئات الأسرى المعتقلين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهو ما يتعارض تمامًا مع المبادئ القانونية التي تمنع تطبيق القوانين الجزائية بأثر رجعي.

وأضافت الورقة أن جوهر التشريع المقترح ليس الردع أو المنع المستقبلي، بل تلبية لدوافع الانتقام والثأر السياسي، مشيرة إلى أن حكومة الاحتلال بقيادة بن غفير تسعى لتصفية عناصر المقاومة داخل السجون تحت غطاء قانوني.

كما أكدت المنظمات الحقوقية أن الاحتلال لم يتوقف فعليًا عن تنفيذ الإعدامات بحق الفلسطينيين، إذ يمارسها بشكل ممنهج عبر الاغتيالات والقنص وإطلاق النار المباشر على المدنيين، معتبرة أن ما يسمى "قانون الإعدام" هو مجرد تقنين لما يجري فعليًا على الأرض منذ عقود.

وأوضحت الورقة أن سياسة الاغتيالات المعتمدة رسميًا من قبل المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" تنفذ خارج نطاق القضاء وبدون محاكمة، مضيفة أن مئات الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، قُتلوا في ظروف لم تشكّل أي تهديد لقوات الاحتلال، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

ودعت القوى والفصائل الفلسطينية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف هذا التشريع العنصري، ومحاسبة كيان الاحتلال على جرائمه بحق الأسرى والشعب الفلسطيني.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين- متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد