أعلن "كوري أرشابالد" و"كيسي كينيدي"، بعد عامين من العمل المتخفي، عن هويّتهما بوصفهما المؤسسين الحقيقيين لموقع (Track AIPAC ) المنصة التي أصبحت أبرز أدوات مراقبة التمويل السياسي المتصل باللوبي "الإسرائيلي" في الولايات المتحدة، وكشف أثره في صياغة الدعم العسكري والسياسي لجرائم الاحتلال في غزة.
ويأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد الجدل حول "أيباك"، التي تعتبر اللوبي الأقوى في واشنطن الداعم لـ"اسرائيل" والمتهم منذ سنوات بتقديم مصالح "تل أبيب" على حساب المصالح الأميركية، وسط مطالبات متكررة من سياسيين جمهوريين وديمقراطيين بضرورة تسجيله كمنظمة أجنبية وفق القانون الأميركي الذي يتيح تلقي الأموال من جماعات ضغط أجنبية بشرط تسجيلها، وهو ما لا تلتزم به "أيباك".
إطلاق المنصة ومسارها الرقابي
وأُطلق موقع (Track AIPAC) في نيسان/أبريل 2024 كمنصة مستقلة غير رسمية، تستند إلى بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية ومصادر رسمية أخرى لتتبّع التبرعات المرتبطة بـ"أيباك"، وحجم الإنفاق في الانتخابات التمهيدية والعامة، وتحديد المرشحين الذين تلقوا دعماً مباشراً أو غير مباشر من شبكات التمويل المتحالفة مع اللوبي "الإسرائيلي".
وتحوّلت المنصة سريعاً إلى مرجع رقابي واسع الانتشار، خصوصاً بعد الهزيمة التي مُني بها النائب الديمقراطي جمال بومان في انتخابات 2024، عقب إنفاق اللوبي الداعم لكيان الاحتلال 17 مليون دولار ضده، وتوجيه 9 ملايين دولار أخرى لإسقاط النائبة كوري بوش، وهو ما تحقق بالفعل.
من تجربة الحملات إلى بناء أداة مواجهة اللوبي
وكشفت "أرشابالد" و"كينيدي"، خلال ظهورهما العلني الأول عبر قناة "بريكينغ بوينتس" المستقلة، أنهما عملا ضمن حملات شخصيات تقدمية مثل "ألكساندريا أوكاسيو كورتيز"، و"كوري بوش"، و"جمال بومان"، الأمر الذي جعلهما أكثر إدراكاً لطريقة عمل "أيباك" وتأثيرها الخفي في المشهد الانتخابي الأميركي.
وأوضحت "أرشابالد" أنها بدأت التفكير بإطلاق الموقع بعدما اكتشفت حجم نفوذ اللوبي داخل الكونغرس، فيما قال "كينيدي"، المتخصص في التسويق الرقمي: إن اهتمامه بدأ عام 2020 بعد مشاهدته فيلماً وثائقياً عن جماعات الضغط، ثم تعزز بعد بدء الإبادة الجماعية في غزة عام 2023.
وقال "كينيدي": "رأيت جرائم حرب بأمّ عيني بعد 7 أكتوبر 2023، وبدأت أتساءل: لماذا يقبل المسؤولون الأميركيون التواطؤ؟ لماذا تُستخدم أموال الضرائب الأميركية في جرائم حرب؟ ولماذا تُرسل الأسلحة الأميركية لقتل المدنيين؟ المعلومات كانت متاحة دائماً، وهذا دفعني لبدء الحساب على تويتر".
وأشار المؤسسان إلى أن تأثير الموقع بدا سريعاً، إذ بدأت تصلهم رسائل من أعضاء في الكونغرس يطلبون نشر بيانات تثبت أنهم لم يتلقوا أموالاً من "أيباك".
ومع اعتماد الموقع على تقديم البيانات المعقدة بصيغ بصرية يسهل فهمها من رسوم بيانية وصور مفلترة، اتسعت دائرة متابعيه على منصة "إكس" لتصل إلى 384 ألف متابع، ليصبح الموقع جزءاً فاعلاً من النقاش السياسي داخل الولايات المتحدة.
لكن "أرشابالد" و"كينيدي" شددا على أن الإعلان عن عدم تلقي دعم من "أيباك" لا يكفي، وأن معيارهما الأهم هو رفض الإبادة الجماعية ومعارضة المساعدات العسكرية لـ "اسرائيل".
وأكد المؤسسان أنهما سيعملان على توسيع نطاق الرقابة ليشمل مجموعات ضغط أخرى وأشكال التمويل السري والمتبرعين الأفراد المتصلين بـ"أيباك"، مثل رابطة مكافحة التشهير المؤيدة لـ "اسرائيل"، والتي "تتخفى كمنظمة مجتمع مدني وتهاجم المعارضين للإبادة في غزة"، كما يخططان لإطلاق مشروع جديد لتتبّع أموال شركات النفط تحت اسم (Track Oil PAC).
وأوضحا أن قرارهما بكشف هويتهما جاء بعد تعرض صفحة الموقع على "إكس" لهجمات تشهير ونشر معلومات وصور خاصة بـ"كينيدي"، وجدد كلٌّ منهما التأكيد على أنهما يعملان كمتطوعين ولا يتلقيان أي تمويل أجنبي، معتبرين أن التهم الجاهزة بمعاداة السامية تُستخدم لإسكات أي صوت يعارض الإبادة في غزة.
وقالا: إن هدفهما هو مكافحة الفساد باستخدام بيانات عامة متاحة للجميع، مؤكدَين أن الوقوف ضد الإبادة في غزة "ليس معاداة للسامية بأي شكل",
وبينما يسعى "أرشابالد" و"كينيدي" لتحويل الارتباط بـ"أيباك" إلى عبء سياسي خلال الانتخابات التمهيدية المقبلة، يشيران إلى أن سقوط "بومان" و"بوش"، ومحاولات استهداف "بيرني ساندرز" وغيرهم، جعلتهما أكثر تصميماً على خلق توازن داخل الحياة السياسية الأميركية في مواجهة المال السياسي "الإسرائيلي".
