يُعدّ مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين في حلب واحداً من أكثر المخيمات التي طاولها الدمار خلال الحرب التي شنّها النظام السوري السابق على المدن والبلدات السورية، بما فيها مخيمات الفلسطينيين. وقد خلّفت تلك الحرب دماراً واسعاً في المنازل والبنى التحتية، زاد عليه الزلزال المدمّر في شباط/فبراير 2023.
اليوم، يقف المخيم شاهداً على كارثة عمرانية وإنسانية، حيث بلغت نسبة الدمار نحو 80%، فيما تعتبر غالبية المنازل المتبقية غير آمنة للسكن.
ورغم توقّف المعارك منذ سنوات، ومرور عام كامل على سقوط النظام البائد، ما تزال أكوام الركام تملأ أحياء المخيم. ويعيش الأهالي العائدون وسط جدران متصدعة، وانهيار شبه كامل للخدمات الأساسية، ومعاناة تتفاقم يومًا بعد يوم.
خدمات شبه غائبة… كهرباء لا تصل ومياه غير صالحة
في جولة أجراها موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" داخل المخيم، بدت شهادات السكان متباينة في التفاصيل، لكن متطابقة في وصف الواقع: حياة لا تشبه أي شكل من أشكال الحياة الطبيعية.
اللاجئ علاء رستم أوضح حجم الأزمة قائلاً: "هناك مشكلات كثيرة لا تُعد ولا تُحصى. جرى إصلاح الكهرباء من قبل أونروا ومنظمة UNDB، لكنها لا تغذي سوى 15% من المخيم، وهناك مناطق لم يصلها التيار نهائياً".
وتابع:"تم تشغيل خزان المياه وترميمه، لكننا لم نستفد منه، لأن شبكة المياه مدمّرة بالكامل، خصوصاً في منطقة الجبل التي تشكّل ثلثي مساحة المخيم".
من جهته، يؤكد عضو لجنة التنمية والخدمات حسن قويسمي فشل مشروع خزان المياه الذي أنشأته منظمة "أوكسفام" قبل أربع سنوات، قائلاً: "الخزان موجود لكنه بلا فائدة. الشبكة كلها متصدعة بسبب الحرب وبسبب الزلزال. لم نجد أي استجابة حتى اليوم".

مخيم بلا إنارة… وعودة 210 عائلات فقط
ويضيف قويسمي:"بمجرد حلول الليل يتحول المخيم إلى مدينة أشباح. لا توجد إنارة في الشوارع، ولا يستطيع الناس الخروج من منازلهم. نحن لا نشعر بالأمان على أطفالنا".
رغم حجم الدمار، لم تعد إلى المخيم سوى 210 عائلات من أصل 1300 كانت تقطنه قبل الحرب، وغالبية من عادوا لم يمتلكوا خياراً آخر في ظل الارتفاع المهول في الإيجارات خارج المخيم.
ويقول قويسمي: "ما دفع الناس للعودة هو غلاء الإيجارات. ملايين الليرات لا يستطيع أحد دفعها. الترميم لا يكفي… نحن نحتاج إلى إعادة إعمار حقيقية".

فقر، غياب خدمات، وخطر صحي متزايد
اللاجئ فادي السعدي يؤكد أنه يعيش في منزل غير منزله بعد تدمير بيته:"لم نحصل على معونة من ’أونروا‘ منذ سنة ونصف. إذا طُلب مني إخلاء البيت الذي أسكنه الآن، فلا مكان أذهب إليه. لا يوجد أي بديل".
أما اللاجئة سمر شلبي، فتصف المشهد بكلمات مؤلمة: "لا توجد حياة كريمة. الكهرباء تنقطع لأربعة أو خمسة أيام. لا خدمات ولا شيء. وجدت في بيتي أفعى سوداء، ولا نعرف من أين تأتي من الخراب والركام حولنا".
وتضيف:"الحلول تبدأ بإزالة القمامة والرمال. قبل أيام دخل شيء غريب إلى منزلي، ولا نعرف من أين جاء".
بدوره، اضطر اللاجئ تيسير عباس للنزوح إلى مخيم النيرب بعد تدمير منزله، ويقول:"الإيجارات ترتفع يومياً، وصل بعضها إلى مليون ليرة. لدينا طلاب جامعيون ومصاريف كثيرة، ولم نعد قادرين على العيش. نريد أن تُرمّم بيوتنا لنعود".
مطالب السكان: إعمار كامل لا ترميمات سطحية
ويختصر سكان المخيم مطالبهم بإعادة إعمار شاملة، وإزالة الركام وفتح الطرق، وتفعيل شبكة المياه وصيانة البنى التحتية، وتأمين الإنارة لوقف حالة الرعب ليلاً، وتوفير مساعدات غذائية ومالية منتظمة، ودعم ملموس من "أونروا" والمنظمات الإنسانية.
ويختتم اللاجئ حسن أبو حميد المشهد قائلاً:"الحرب أثّرت على المخيم بشكل كبير. خرج الجميع وتركوا كل شيء خلفهم. وعندما عدنا… بدأنا من الصفر".
شاهد/ي التقرير
