يعيش مخيم الحسينية للاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق واقعاً خدمياً صعباً يتجدد مع كل منخفض جوي، حيث تتحول الشوارع إلى برك من المياه الآسنة، وتغرق المنازل بمياه الصرف الصحي، في ظل بنية تحتية متهالكة ونقص حاد في الخدمات الأساسية، ما يدفع الأهالي إلى إطلاق صرخات استغاثة متكررة مع بداية كل موسم أمطار.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين عاين الواقع، ووصفت إحدى اللاجئات في المخيم لموقعنا وضعها المعيشي بالكارثي، مؤكدةً أن منزلها يعاني من تراكم الأوساخ من كل الجهات، في ظل غياب شبه كامل للكهرباء والمياه والأمن والخدمات الأساسية.

أزمة تضطر اللاجئين إلى إيقاف حياتهم اليومية

وتضيف أن السكان لا يحصلون على أي دعم، ويضطرون إلى تعبئة المياه مرة واحدة أسبوعياً عبر صهاريج متنقلة، مشيرة إلى أن أبناءها حُرموا من الذهاب إلى مدارسهم بسبب سوء الطرقات وغرقها الكامل بمياه الأمطار، نتيجة غياب البنية التحتية الملائمة.

وفي شهادة أخرى، يؤكد أحد سكان المخيم أن معظم شوارع الحسينية غير معبّدة، باستثناء عدد محدود منها مثل شارع بستان محاسن، وشارع السوق، وشارع الخزان، بينما تعاني بقية الشوارع من الإهمال منذ سنوات طويلة. كما أشار إلى انقطاع الكهرباء بشكل كامل منذ نحو عشرة أيام، لا سيما في شارع عدنان والمناطق التي يقطنها نازحون، ما ضاعف من معاناة الأهالي ليلاً.

وأضاف أن مبادرات شعبية محدودة تحاول مع بداية كل موسم أمطار فتح المصارف وتصريف المياه، إلا أن هذه الجهود تبقى غير كافية دون دعم حقيقي للبلديات من قبل المحافظة لمعالجة المشكلة جذرياً.

بلدية فقيرة الموارد

من جهته، أوضح أحمد أبو عيشة، موظف في بلدية الحسينية، لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن البلدية والمنطقة تعانيان حالياً من انسدادات كبيرة في شبكات الصرف الصحي ومصارف مياه الأمطار، لافتاً إلى أن بعض المصارف تعمل بشكل جزئي فقط، وبالحد الأدنى من الإمكانيات المتاحة.

وأشار إلى أن البلدية تفتقر إلى المعدات الأساسية، فلا تتوفر أدوات تسليك متخصصة أو آليات كافية، وتعتمد على وسائل بدائية مثل الأنابيب أو الخراطيم.

وأضاف أن "الحفر" الموجودة في المخيم ليست سوى حلول فنية مؤقتة فُرضت نتيجة غياب التوسع في شبكة الصرف الصحي، حيث تقتصر الشبكة الحالية على الشوارع الرئيسية، بينما تفتقر الشوارع الفرعية لأي بنية تصريف، وأكد أن البلدية تعتزم رفع مشاريع التوسعة والمعالجة إلى السيد المحافظ، خاصة بعد الارتفاع الكبير في منسوب المياه خلال الفترة الأخيرة.

مياه الصرف الصحي تجتاح المنازل

ويشير أحد السكان إلى أن منسوب مياه الصرف الصحي ارتفع بشكل خطير، ما أدى إلى طفح المجاري في الشوارع ووصول المياه الملوثة إلى داخل المنازل، مسبباً معاناة شديدة للأهالي.

ووجّه نداءً إلى بلدية ريف دمشق ومحافظة ريف دمشق للتعاون من أجل تعبيد الطرق غير المعبّدة، لافتاً إلى أن سكان المنطقة يطالبون بذلك منذ أكثر من 20 عاماً دون استجابة جدية، الأمر الذي جعل أزمة الصرف الصحي جزءاً دائماً من حياتهم اليومية.

وتتجسد هذه المعاناة بأقسى صورها داخل المنازل المتضررة، حيث يروي أحد اللاجئين أن مياه الصرف الصحي اقتحمت منزله، ما اضطره إلى إبعاد أطفاله ووضعهم في أماكن مرتفعة، بينما غمرت المياه الملوثة أرجاء البيت.

ويؤكد أن هذه المعاناة مستمرة منذ سنوات، ورغم الوعود المتكررة بإجراء إصلاحات، لم يُنفذ أي حل فعلي على الأرض. ويضيف أن المجاري فاضت هذه المرة ودخلت إلى ثلاث غرف وصالون ومطبخ وحمام، بارتفاع تجاوز 15 سنتيمتراً، مشيراً إلى أنهم خسروا في المرة السابقة كامل الأثاث، بينما حاولوا هذه المرة تقليل الخسائر عبر رفع الفرش، إلا أن المياه عادت واجتاحت المنزل من جديد.

وفي مقابل هذا الواقع الخدمي القاسي، أُعلن مؤخراً عن إنجاز مشروع إنارة شوارع "تجمع الحسينية" بالطاقة الشمسية، في خطوة اعتبرها الأهالي بارقة أمل نحو التوجه إلى حل باقي المشاكل التي يعاني منها المخيم.

فقد أعلنت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية عن تنفيذ المشروع بالتعاون مع سفارة دولة فلسطين والهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين العرب في سوريا.

وأوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين الدكتور أحمد أبو هولي، أن المشروع شمل تركيب مصابيح إنارة تعمل بالطاقة الشمسية في شارع السرو الأول والثاني، وشارع حيفا، وشارع جامع القدس، إضافة إلى مدخل الحسينية ومنطقة مشروع المحافظة، بمشاركة فاعلة من فريق الشباب التطوعي.

وأشار إلى أن تجمع الحسينية، الذي يقطنه نحو 4000 لاجئ فلسطيني، يعاني من نقص حاد في الخدمات العامة والبنى التحتية، وأزمات متداخلة تشمل الصرف الصحي، ونقص مياه الشرب والكهرباء، وضعف إنارة الشوارع، فضلاً عن تراجع الخدمات المقدمة من وكالة "أونروا".

موضوع ذو صلة: مستنقعات آسنة وغياب الخدمات يجعل مخيم الحسينية غير صالح للحياة

وأكد أبو هولي أن أهمية المشروع تكمن في مساهمته في التخفيف من أزمة انقطاع الكهرباء، وتحسين مستوى الأمان ليلاً، والحد من الحوادث، وتوفير بيئة أكثر أماناً لحركة الطلاب والنساء وكبار السن.

وأشار إلى أن دائرة شؤون اللاجئين تعمل ضمن خطة لحصر الاحتياجات الملحّة في مخيمات الشتات، لا سيما في سوريا ولبنان، والتنسيق مع وكالة "أونروا" والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين في سوريا لتنفيذ مشاريع خدمية تنموية ذات أولوية، خاصة في مجالات المياه والكهرباء.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد