في ظل الأزمات الإنسانية المتفاقمة، ومع استمرار العدوان على قطاع غزة، برزت مبادرات فردية وخاصة حاولت كسر النمط التقليدي للمساعدات، عبر ربط العمل الإنساني بالاستهلاك اليومي، فأطلقت شركة "المكارم" للمياه، مبادرة "مياه غزة" كفكرة مبتكرة تجمع بين التضامن العملي مع الشعب الفلسطيني ودعم الفئات الأكثر حاجة في شمالي لبنان، لتتحول عبوة مياه إلى رسالة إنسانية.

مبادرة إنسانية بفكرة إبداعية

وفي هذا السياق، تحدث مالك الشركة عبد الهادي الحاج، لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، عن الفكرة، قائلاً: إن "فكرة مياه غزة جاءت من منطلق مساعدة أهلنا بطرق إبداعية، موضحاً: "حاولنا أن نفكر بطريقة مختلفة، كيف يمكن أن نساعد أهلنا في غزة من دون تقديم المال بشكل مباشر، بحيث يستفيد الناس من المنتج في الوقت نفسه، ويكون في قلب هذا المنتج صدقة لأهلنا في غزة".

دعم مزدوج: غزة وشمال لبنان

وأضاف الحاج، أن "المشروع انطلق كتعبير واضح عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، حيث تم تقديم أول دفعة من المساعدات المالية لأهالي في قطاع غزة، واستفادت منها عشرات الأسر، وتم توثيق هذا العمل عبر فيديو خاص سيتم نشره بأسلوب مميز وإبداعي قريباً، على الأرجح مع نهاية الأسبوع الحالي"، مؤكداً أن الدعم لم يقتصر على غزة فقط، فسوف يستفيد منه أيضاً الأهالي في شمال لبنان، وتم اختيار الشمال لأنه يعد من أفقر المناطق في لبنان، فهناك مرضى وأشخاص محتاجون لا يجدون من يقف إلى جانبهم، لذلك قرر أصحاب المبادرة و إنتاج هذه المياه أن يعود جزء من الربح للفقراء في شمالي لبنان، "وبهذا نكون ساعدنا في بلدنا وساعدنا أهلنا في غزة"، وفق الحاج.

50 % من أرباح المشروع لدعم غزة

وعن استقبال السوق اللبناني للمياه، قال: "إن الاستقبال كان لافتاً، إذ تم بيع نحو 100 ألف عبوة مياه خلال عشرة أيام فقط، ما يدل على تقبل الناس للفكرة بشكل كبير"، مبيناً إلى أنه تم إرسال المساعدات إلى غزة بعد عمليات البيع.

وفيما يتعلق بخطط التوسع، أوضح أن الشركة تعمل على خطة لتوزيع المياه خارج نطاق شمالي لبنان، إلا أن التوسع تأخر إلى حين استكمال أنواع العبوات، مشيراً إلى أن "عبوة اللتر متوفرة حالياً، وعبوة اللتر ونصف ستصل يوم غد الاثنين المقبل، فيما تم تجهيز عبوة العشرة ليترات منذ يومين، ويتم توسيع التوزيع ليشمل البقاع وبيروت والجنوب.

وفي سياق متصل، انتقد الحاج تقصير بعض الشركات المحلية في دعم القضايا الاجتماعية، كاشفاً أن بعض المؤسسات رفضت الفكرة لمجرد أنها تتضمن مساعدة إنسانية، واعتبرتها أمراً مستهجناً، وهو ما وصفه بالأمر الغريب وغير المقبول، مشيراً إلى أن "بعض الأشخاص شككوا بالفكرة بدلاً من دعمها، ما دفع أصحاب الفكرة إلى إعداد فيديو موثق لإثبات الجدية والشفافية".

وسيتم تخصيص 50% من أرباح هذا المشروع لدعم غزة والفقراء في لبنان؟ وفيما شرح القائمون على المبادرة أهدافهم، كان هناك رأي للناس الذين تفاعلوا مع مياه "غزة"، حيث عبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين عن موقفهم من الفكرة، بين دعم ومطالبة بتوسيع التوزيع، وتجربة مباشرة للمنتج نفسه.

منتج له الأفضلية كون شرائه يساهم في إغاثة غزة

وقالت اللاجئة سماح صليبي، من منطقة طرابلس في شمال لبنان، إنها تفاجأت بهذا المنتج، خاصة وأنه يحمل اسم "غزة"، وبعد تجربته وجدنا أن المنتج جيد وسعره مقبول، وإذا كان جزء من الربح سيعود لمساعدة أهلنا في غزة، فأكيد سأفضله على أي منتج آخر، فهذا أقل ما يمكن أن نفعله هو الوقوف إلى جانب غزة من خلال مبادرات كهذه، حتى لو كانت بسيطة، لكن معناها كبير؟

من جهتها، عبرت اللاجئة فاتن صالح، من مدينة صيدا، جنوب لبنان، عن إعجابها بفكرة مياه غزة، معتبرة أن "المبادرة تشكل نموذجاً عملياً للتضامن مع أهلنا في غزة، ونتمنى أن نجرب هذا المنتج ونكون جزءاً من هذه المبادرة لأنها تخصنا بشكل مباشر، ونساهم بدعم أهل الشمال أيضاً"، داعية إلى توسيع نطاق التوزيع ليشمل الجنوب.

في وقت تتسع فيه رقعة الأزمات الإنسانية وتضيق فيه سبل الدعم، تشكل مبادرة "مياه غزة" نموذجاً مختلفاً للعمل الإنساني القائم على مشاريع يذهب جزء من أرباحها لإغاثة أهالي غزة والفقراء، حيث تتحول الحاجة اليومية إلى وسيلة تضامن حقيقية، وبين تفاعل الناس وإقبالهم على الفكرة، تبقى هذه المبادرات رسالة واضحة بأن الدعم لا يحتاج إلى تعقيد، بل يمكن أن يكون بطرق بسيطة جداً، لكنه يتطلب أشخاصاً صادقين ومسؤولين.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد