كشف تحقيق ميداني موسّع أصدره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين 29 كانون الأول/ ديسمبر، تفاصيل جريمة قتل جماعي ارتكبها الجيش "الإسرائيلي" بحق عائلة "أبو نحل" في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد 15 مدنيًا، بينهم 13 طفلًا وامرأة، جراء قصف جوي مباشر دون أي تحذير مسبق أو وجود ضرورة عسكرية تبرّر الاستهداف.

وأوضح المرصد أن الجريمة ارتكبت مساء السبت 17 فبراير/شباط 2024، حين استهدفت طائرة حربية "إسرائيلية" استراحة عائلية (شاليه) تقع في منطقة "خربة العدس" شمال شرقي رفح، باستخدام قنبلتين ثقيلتين أمريكيتَي الصنع، ما أدى إلى تدمير المكان بالكامل على رؤوس ساكنيه.

وبيّن التحقيق، الذي استند إلى عمل استقصائي استمر لأشهر، وشمل معاينة ميدانية لموقع الجريمة، وتقاطع شهادات ناجين وشهود عيان، وتحليل مواد رقمية وتقنية، أن الموقع المستهدف كان مدنيًا بحتًا، ويقع في منطقة زراعية مفتوحة وبعيدة عن أي منشآت أو مظاهر عسكرية، ما يجعله هدفًا مدنيًا واضحًا وسهل التمييز من الجو.

وأكد المرصد أن الشاليه كانت تقيم فيه العائلة بعد نزوحها من مكان سكنها الأصلي، ولم يكن في محيطه أي نشاط عسكري أو وجود لفصائل مسلّحة، الأمر الذي يدحض أي ادعاءات "إسرائيلية" محتملة حول "الضرورة العسكرية"، ويشير إلى استهداف متعمّد للمدنيين بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.

وفنّد التحقيق مزاعم وجود أهداف عسكرية، موضحًا أن ربّ الأسرة، إبراهيم أبو نحل (57 عامًا)، لم يكن منخرطًا في أي نشاط سياسي أو عسكري، وكان يعمل تاجرًا للمواد الغذائية والمركبات، واستمر في عمله خلال الحرب، ويتنقّل بشكل طبيعي دون اتخاذ أي إجراءات احترازية تدل على توقعه الاستهداف.

ووثّق التحقيق أن العائلة كانت مجتمعة داخل إحدى غرف الشاليه حول مائدة العشاء في أجواء عائلية احتفالًا بزواج الابن عبد الله (26 عامًا) من ابنة عمته مريم (20 عامًا)، قبل أن تصل طائرتان حربيتان وتنفذا القصف بعد نحو عشر دقائق فقط من وصول ربّ الأسرة إلى المكان، ما أدى إلى إبادة العائلة بالكامل.

وأشار المرصد إلى أن الطفل أسامة إبراهيم أبو نحل (16 عامًا) كان الناجي الوحيد من داخل الشاليه، حيث أصيب بجروح وحروق بالغة، فيما استشهد جميع من كانوا معه.

كما وثّق التحقيق شهادة أحد أفراد العائلة الذي غادر المكان قبل دقائق لشراء حاجيات، وعاد ليجد الاستراحة مدمّرة بالكامل وأشلاء الضحايا متناثرة في المكان.

وكشف التحليل الفني لآثار الدمار أن الجيش "الإسرائيلي" استخدم قنبلتين من طراز (GBU-31 ) و(MK-84 مزوّدة بنظام توجيه JDAM)، تزن الواحدة نحو 900 كيلوغرام، وهي ذخائر مخصّصة لاختراق التحصينات العسكرية، ما يفسّر الحجم الهائل للدمار وتمزّق أجساد الضحايا.

ولفت المرصد إلى أن الجريمة لم تتوقف عند القتل، إذ أقدمت آليات الجيش "الإسرائيلي" خلال اجتياح رفح في مايو/أيار 2024 على تجريف المقبرة الجماعية التي دُفن فيها أفراد العائلة قرب محور فيلادلفيا، ما أدى إلى طمس القبور وانتهاك حرمة الموتى.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الجيش "الإسرائيلي" لم يصدر أي بيان يوضح فيه ملابسات الهجوم أو يقدّم مبرراته، في نمط متكرر يعكس الاستهتار بأرواح المدنيين والتنصّل من الالتزامات القانونية الدولية.

وشدّد على أن استخدام قوة تدميرية مفرطة ضد هدف مدني مكشوف ودون إنذار يثبت توافر النية المبيّتة للقتل، ويُصنّف الجريمة كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وتشكل دليلًا إضافيًا على جريمة الإبادة الجماعية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية.

ودعا المرصد المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عملية وملزمة لوقف جريمة الإبادة، تشمل فرض وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية على المسؤولين عن الجرائم، ووقف أشكال التعاون العسكري مع "إسرائيل".

كما طالب الدول التي تطبّق مبدأ الولاية القضائية العالمية بفتح تحقيقات جنائية مستقلة، وحثّ المحكمة الجنائية الدولية على تسريع وتوسيع تحقيقاتها في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، بما يضمن محاسبة المسؤولين ومنع إفلاتهم من العقاب.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين/ متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد