قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني: إن تصويت الكنيست على تشريع جديد يستهدف الوكالة يعد “أمرا مشينا” وانتهاكا صريحا للولاية الممنوحة لها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويتعارض بشكل مباشر مع أحكام محكمة العدل الدولية التي تلزم كيان الاحتلال بتيسير عمل الوكالة والوفاء بالتزاماته بصفته عضوا في الأمم المتحدة.
وأوضح لازاريني أن التشريع الجديد يقضي بقطع المياه والكهرباء والوقود وخدمات الاتصالات عن "أونروا"، ويمنح حكومة كيان الاحتلال صلاحية مصادرة ممتلكات تابعة للأمم المتحدة في شرقي القدس المحتلة، بما في ذلك مقر "أونروا" ومركزها الرئيسي للتدريب المهني.
وأضاف: أن مشروع القانون يستثني "أونروا" صراحة من القانون الذي يفعل التزامات كيان الاحتلال بموجب اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، معتبرا ذلك انتهاكا صارخا لالتزاماته بموجب القانون الدولي.
وأشار "لازاريني" إلى أن هذا التشريع يوسع نطاق القوانين التي أقرت العام الماضي وبدأ تطبيقها منذ كانون الثاني/يناير 2025، والتي حظرت عمليات "أونروا" في شرقي القدس المحتلة، وأوقفت جميع أشكال التواصل بين مسؤولي كيان الاحتلال والوكالة.
وأكد أن الخطوة الجديدة تشكل ضربة إضافية للنظام الدولي متعدد الأطراف، وتأتي في إطار حملة ممنهجة لتشويه سمعة "أونروا" وعرقلة دورها الأساسي في تقديم المساعدات والخدمات التنموية للاجئي فلسطين، لافتاً إلى أن محكمة العدل الدولية أكدت أن خدمات "أونروا" ضرورية للوفاء بالتزامات الأمم المتحدة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير.
وذكر "لازاريني" بأن المحكمة الدولية جددت، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تأكيدها على التزام كيان الاحتلال بموجب القانون الدولي بتيسير عمليات "أونروا" لا عرقلتها أو منعها، معتبراً أن التشريع الجديد يمثل رفضاً غير مقبول لأحكام المحكمة.
وشدد على أن كيان الاحتلال ملزم بالعمل ضمن إطار الأمم المتحدة وعدم اتخاذ إجراءات أحادية تتعارض مع ميثاقها، موضحا أنه في حال اعتراضه على عمل "أونروا"، يتوجب عليه إحالة المسألة إلى الهيئات المختصة في الأمم المتحدة والسعي للحصول على حكم من محكمة العدل الدولية، لا فرض وقائع أحادية على الأرض.
وأشار إلى أن هذه التشريعات رافقتها ممارسات ميدانية تعكس استخفافا متكررا بالقانون الدولي، من بينها اقتحام مسؤولين من كيان الاحتلال مجمع "أونروا" في القدس الشرقية المحتلة في وقت سابق من الشهر الجاري، وتمزيق علم الأمم المتحدة واستبداله بعلم كيان الاحتلال، إضافة إلى إغلاق مدارس "أونروا" في القدس الشرقية خلال أيار/مايو الماضي، ما حرم مئات الأطفال من حقهم في التعليم.
وأكد "لازاريني" أن الإجراءات تؤثر بشكل مباشر على عمل "أونروا" في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة، حيث تشكل الوكالة العمود الفقري للعملية الإنسانية الدولية، مشددا على أنه في ظل استمرار الصراع تصبح "أونروا" غير قابلة للاستبدال.
وحذر من أن التشريعات المناهضة لـ"أونروا" تمثل انتكاسة خطيرة للجهود الرامية إلى التوصل إلى حل دبلوماسي عادل ودائم، مؤكدا أن الوكالة ستواصل تقديم خدماتها الصحية والتعليمية للاجئي فلسطين إلى حين التوصل إلى حل سياسي.
وختم بالقول إن حقوق لاجئي فلسطين مكفولة بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وعلى رأسها القرار 194، وهي حقوق قائمة بغض النظر عن وجود "أونروا" من عدمه، محذرا من أن استهداف الوكالة يشكل سابقة خطيرة قد تستخدم في نزاعات أخرى لتقويض وجود الأمم المتحدة، بما من شأنه إضعاف العمل الإنساني وحقوق الإنسان عالميا.
وفي سياق متصل، أدانت دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية مصادقة الكنيست نهائيا (بالقراءتين الثانية والثالثة) على مشروع قانون يقضي بقطع إمدادات المياه والكهرباء عن مقرات ومنشآت "أونروا" في شرقي القدس المحتلة بأغلبية 59 صوتا، ودخوله حيز التنفيذ مباشرة، معتبرة الخطوة محاولة لشرعنة شل ومصادرة مقرات "أونروا" وتصفية وجودها القانوني في القدس المحتلة وتجفيف الموارد الحيوية عن الفلسطينيين.
وحذرت الدائرة من تداعيات القانون الذي يهدف إلى شل عمل 17 منشأة حيوية تشمل مدارس ومراكز صحية ومكاتب إدارية تخدم أكثر من 110 آلاف فلسطيني في القدس، موضحة أن المصادقة النهائية تفتح الطريق لمصادرة المقرات الرئيسية، وعلى رأسها مقر رئاسة "أونروا" في حي الشيخ جراح ومعهد تدريب قلنديا.
وأكدت الدائرة أن القانون يمثل "تعديا صارخاً" على الأمم المتحدة وميثاقها، واعتداء مباشراً على الأعراف والاتفاقيات الدولية، وتحدياً سافرا لقرارات الجمعية العامة المتعلقة بحصانات وحماية المنظمات الدولية، بما في ذلك القرار (302) المنشئ للوكالة، إضافة إلى خرقه لاتفاقية عام 1946 بشأن امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، وقرار مجلس الأمن رقم 2730 الصادر في 24 أيار/مايو 2024، كما أشارت إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بذات الشأن.
وأشارت الدائرة إلى أن قطع المياه والكهرباء عن مقرات "أونروا" ومنشآتها التعليمية والصحية والإغاثية في شرقي القدس المحتلة يمثل جريمة عقاب جماعي تهدف إلى تقويض ولاية عمل "أونروا" في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإنهاء دورها التاريخي كشاهد سياسي على حق العودة.
وطالبت الدائرة الأمم المتحدة بالعمل على حماية ولاية "أونروا" في مناطق عملها الخمسة، وخاصة في القدس الشرقية المحتلة، واتخاذ إجراءات رادعة فورية تلزم قوة الاحتلال بالانصياع للقانون الدولي ووقف تنفيذ قوانينها واحترام منشآت وولاية وحصانة "أونروا"، والانصياع للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر بتاريخ 22 تشرين الأول/أكتوبر 2025، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكد التزامات قوة الاحتلال القانونية تجاه "أونروا" وحقها في أداء مهامها الإنسانية دون عوائق، واحترام الامتيازات والحصانات التي تتمتع بها الوكالة وموظفوها وعدم المساس بعملها أو ممتلكاتها.
