وصل العام 2025 إلى نهايته، فيما يهمّ اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الجليل بالبقاع اللبناني إلى توديع العام، الذي حمل في طيّاته تجارب متناقضة بين الأمل والألم.

بين حلمٍ تحقّق ومبادرات فردية صغيرة خفّفت حدّة المعاناة وسط الأزمات المتلاحقة، يروي نساء وشباب وطلاب من أبناء المخيم لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، شهاداتهم عن عامٍ قاسٍ لم يخل من الإصرار، ولم يغِب عنه الأمل.

نهاية الحرب… واستمرار المعاناة

مع انتهاء الحرب على لبنان، سجّل الوضع الاقتصادي تحسناً نسبياً، إلا أنّ الأسعار واصلت ارتفاعها في ظل استمرار تقليص الخدمات، ما أجبر العديد من العائلات على تقليل مصاريفها والاكتفاء بشراء الضروريات.

الأستاذ محمد نمر، لاجئ من مخيم الجليل، يرى أن عام 2025 كان جيداً من ناحية انتهاء الحرب، الأمر الذي أحدث نوعاً من الانتعاش العام، إلا أن المعاناة الاقتصادية ما زالت مستمرة، لا سيما مع ارتفاع الأسعار، خصوصاً في فصل الشتاء؛ بسبب غلاء مادة المازوت. ويشير نمر إلى أن بعض العائلات تضطر إلى تقليص احتياجات أساسية لتأمين القرطاسية مع بداية العام الدراسي، باستثناء الدروس الخصوصية.

ويضيف أن معظم الشباب، وخاصة خريجي الجامعات، يواجهون صعوبات كبيرة في إيجاد فرص عمل تتناسب مع اختصاصاتهم، ما يزيد شعور الإحباط، ويدفع بعضهم إلى التفكير بالهجرة أو العمل في وظائف لا تتلاءم مع مؤهلاتهم وبمردود مالي متدنٍ.

كما يؤكد نمر أن تقليص خدمات وكالة "أونروا" والجمعيات ما زال مستمراً، الأمر الذي يربك أوضاع العديد من العائلات. وعلى صعيد المخيم، يشير إلى لفتة إيجابية تمثلت بانتظام العام الدراسي وعودة الطلاب إلى التأقلم في المدارس والجامعات كما في السابق.

تغييرات ملموسة في مخيم الجليل

أحمد، شاب لاجئ فلسطيني، يصف عام 2025 بأنه شهد تغييرات إيجابية على مستوى الحارات والبناية الوسطى، قائلاً: "كان في شي حلو، زبطولنا الدرج، وخاصة لكبار السن، وهالخطوة كانت إيجابية". ويلفت أحمد إلى الدور المميّز الذي أدّته جمعية الشفاء خلال العام، من خلال تلبية احتياجات أهالي المخيم، ولا سيما نقل المرضى بسرعة وتأمين بعض الأدوية.

كما أشار إلى أن الدور الإعلامي كان لافتاً خلال عام 2025، إذ أتاح للأهالي إيصال صوتهم والتعبير عن معاناتهم.

من جهته، يقول عبدالله، وهو لاجئ من مخيم الجليل، إن المخيم شهد هذا العام بعض التغييرات الإيجابية، موضحاً أن "أونروا" وزّعت في بداية العام مبلغ 300 دولار بدل مازوت، إلا أنّه خلال هذا الفصل لم تتمكن أي من العائلات من الحصول على الإعاشة أو بدل مادة المازوت.

ويضيف أن الجهات المعنية عملت على إصلاح محرك الكهرباء، ما ساهم في تحسّن التغذية الكهربائية مقارنة بالفترات السابقة، الأمر الذي خفّف من الاعتماد على المازوت، حيث بات الأهالي يكتفون بتشغيل المدافئ لساعات محدودة.

ويشير عبدالله إلى أن شريحة من المتعلمين لم تتح لهم فرص عمل تتناسب مع اختصاصاتهم، ما انعكس سلباً على حالتهم النفسية، قائلاً: "خصوصاً بمدينة بعلبك، ما في شغل، الوظائف محدودة، وفي علينا قيود كفلسطينيين ما فينا نشتغل بأي محل أو شركة".

أحلام تتحقّق… رغم غياب الدعم

رغم التحديات اليومية وغياب الدعم، لم تتوقف أحلام الشباب في مخيم الجليل.

غنوة طه، لاجئة فلسطينية، تصف عام 2025 بأنه كان عاماً صعباً عليها، في ظل ظروف الحرب التي مرّ بها العالم، والتي انعكست بشكل مباشر على حالتها النفسية نتيجة الضغوط والمشاكل التي واجهتها.

وتقول طه إن هدفها كان تحقيق حلمها بافتتاح صالون للسيدات أمام المخيم، وهو حلم استغرق سنوات من التخطيط والتجهيز. وتعتبر هذه الخطوة جريئة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، مشيرة إلى أنها واجهت صعوبات ملموسة بسبب غياب الدعم، إلا أنها استطاعت تحقيق حلمها بالإصرار والشغف.

طلاب المخيم… بين الطموح والضغط

ريان عوض، طالبة في مدرسة القسطل، وصفت عام 2025 بأنه كان جميلاً من ناحية ترتيب وتنظيم الحارة التي تقطن فيها، حيث جرى تزيينها بالرسومات وتبليط الأرض. وطالبت بتخصيص مكان للعب كرة السلة، إلا أن هذا المطلب قوبل برفض من قبل كبار السن في الحارة، خشية الإزعاج.

WhatsApp Image‏ 2025-12-31 at 15.59.59.jpeg

وأوضحت عوض أنها انتقلت هذا العام إلى المرحلة الأخيرة من المدرسة، مرحلة البكالوريا، لكنها بدأت تشعر بضغط الدروس، لا سيما مع ذهابها إلى المدرسة يوم الجمعة لتلقي الدروس الخصوصية لمدة أربع ساعات، ما يشكّل عبئاً إضافياً عليها.

وأعربت عن امتنانها لدعم أهالي المخيم لطلاب الشهادات خلال هذا العام، من خلال التشجيع المستمر لها ولزملائها، متمنية أن يحمل العام الجديد فرحة نجاحها.

WhatsApp Image‏ 2025-12-31 at 16.02.43.jpeg
 

الصمود والأمل… رغم غياب الجهات المعنية

أم أحمد، لاجئة فلسطينية وأم لسبعة أطفال، تصف عام 2025 بأنه كان جيداً رغم الصعوبات، في ظل الوضع المادي الصعب الذي تعيشه. وأوضحت أن تقليص خدمات "أونروا" وانقطاع الإعاشة ساهما في تراجع وضعها المعيشي، حيث كانت تتقاضى مبلغ 370 دولاراً، ما كان يخفف جزءاً من الأعباء.

وتشير أم أحمد إلى أن أحد أبنائها تعرّض خلال العام لوعكة صحية، إلا أنها لم تتمكن من اللجوء إلى طبيب خاص؛ بسبب كلفة الكشف وفروق المستشفى، واضطرت للاعتماد على العلاج الذي وصفته بـ"البدائي" في عيادة "أونروا"، ما أثّر سلباً على حالتها النفسية.

وتضيف أن الجمعيات ما زالت، برأيها، تتعامل بالمحسوبيات، مؤكدة أن الشيء الإيجابي الوحيد الذي استطاعت اعتباره جميلاً هذا العام هو أن أبناءها أنهوا حفظ جزئين من القرآن الكريم.

عامٌ يرحل… وأسئلة باقية

هكذا يودّع أبناء مخيم الجليل عام 2025، بين أزمات مستمرة وأملٍ بحياة كريمة، في ظل غياب الدعم وتفاقم الواقع الاقتصادي. ورغم قسوة الظروف، لم يستسلم اللاجئون لواقعهم، بل تمسّكوا بالأمل في تحقيق حقوقهم الغائبة. ويبقى السؤال الذي يرافقهم مع مطلع العام الجديد:هل يحمل العام القادم تحقيق الأحلام التي طال انتظارها؟

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد