بقلم ايمن خالد
جريمة قانونية يتم ارتكابها بحق اللاجئين الفلسطينيين الجدد، وبالتحديد اللاجئين الذين غادروا سوريا نحو أوروبا، حيث يتم استبدال التوصيف القانوني للاجئين الفلسطينيين، ومعاملتهم (قانونيا) كاللاجئين السوريين أو العراقيين، أو غيرهم فهذه مسألة في غاية الأهمية، خصوصا وأن عدد اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا تجاوز حاجز الـ73 ألف لاجئ فلسطيني، ليكون عدد اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا هو الثاني بالترتيب بعد اللاجئين السوريين.
في حالات الحرب، وعند اضطرار اللاجئين المقيمين في أي أرض تقع عليها الحرب عند اضطرارهم للمغادرة، لا يمكن إلغاء صفة اللجوء السابقة لهم، ومنحهم صفة لجوء جديدة أسوة بأصحاب البلاد التي وقعت فيها الحرب، وهذا هو بالضبط جوهر الأزمة التي يعانيها الآلف اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا، خصوصا العالقين منهم في اليونان، والتي رفضت اليونان بعد الاتفاق الأوروبي التركي الأخير، منحهم حقهم في طلب اللجوء أو التوطين وهذه مخالفة قانونية واضحة، لأن اللاجئ الفلسطيني هو بلا وطن، والقوانين الدولية المتعارف عليها والمعمول فيها في جميع الدول الأوروبية، تعتبر أن فاقد الوطن، من حقه الإقامة والتوطين، وهو ما يستدعي أولا ضرورة كشف تفاصيل هذا الاتفاق لأن هذا الاتفاق لا ينطبق قانونيا على حالة اللاجئين الفلسطينيين، وأن تطبيقه عليهم هو مساس جوهري بحقهم وبتوصيفهم الذي منحتهم الأمم المتحدة إياه منذ عام 1948.
لهذا تحولت الجزر اليونانية إلى مجرد معتقلات إضافية تنتقل إليها معاناة مئات العائلات الفلسطينية، والتي خلال وجودها في هذه الجزر تكون محرومة من أبسط الحقوق الإنسانية، حيث تشير التقارير التي وثقها صحفيون وصلوا هناك، إلى أنه حتى أطفال اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم ممن وصلوا بعد توقيع الاتفاق التركي الأوروبي يعيشون ظروفا صحية صعبة، ولا يتمكن أهاليهم من متابعة أوضاعهم الصحية، والأمر يصل حتى حليب الأطفال، والذي يتم منحه لهم بشق الأنفس، ما يستدعي الأهل تجويع أطفالهم حتى تكفي عبوة الحليب المدة المعينة.
التوصيف القانوني للفلسطينيين في ألمانيا أيضا يواجه تعقيدات هامة، فالمسألة القانونية أن اللاجئ الفلسطيني هو مصنف قانونيا بحسب الأمم المتحدة بأنه لاجئ بلا وطن، فعندما يتم معاملته في ألمانيا بصفة (لاجئ قيد الدرس) تبدأ المعاناة، فهذا التوصيف يحول دون حقه في طلب اللجوء والتوطين، ويتم حرمانه من حق الإقامة الطويلة نسبيا ويمنح بدل ذلك إقامة مؤقتة لمدة عام، لا تسمح له بتاتا بجمع شمل أسرته، بمن فيهم الذين تقطعت بهم السبل داخل الاتحاد الأوروبي ذاته، وخصوصا أفراد العائلة العالقين بين اليونان وبقية الدول وهو ما يبدو واضحا بأنه مخالفة قانونية بلا أي لبس.
وأما معاناة اللاجئين الفلسطينيين في تركيا فهي التي تزداد تعقيدا، فبعد مرور خمس سنوات على الأزمة السورية، سمحت الحكومة التركية لبقية اللاجئين الفلسطينيين بحمل بطاقة اللجوء المؤقتة، ولكنها قبل وبعد هذا، لا تزال الحكومة التركية تشترط تعقيدات عجيبة بحق اللاجئين الفلسطينيين، فاللاجئ الفلسطيني الذي لا يمتلك بطاقة اللجوء يمكن لأطفاله أن يدخلوا المدارس ولكن لا يحق لهم الحصول فقط على الشهادة المدرسية، وأما الجامعة، فمنذ 6سنوات لا تسمح الحكومة التركية للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا بمواصلة تعليمهم الجامعي، وهو ما تسبب بهجرة عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من تركيا إلى أوروبا، ورغم سيل المطالبات، غير أن النتيجة حتى اليوم أن تصنيف اللاجئ الفلسطيني في تركيا هو الأصعب.
إذا كانت الظروف السياسية الفلسطينية معقدة، فالمطلوب من الحقوقيين الفلسطينيين العمل على حماية اللاجئين الفلسطينيين، وإخراجهم من معتقلات اليونان، التي تسمى أماكن لجوء، كما أنه من الضروري مخاطبة بعض الدول الأوروبية التي تتعامل مع اللاجئ الفلسطيني بطريقة غير قانونية بأن تلتزم بالمعايير القانونية الدولية لحقوق اللاجئين.