رام الله ـ «القدس العربي»: وقعت السلطة الفلسطينية وإسرائيل مذكرة تفاهم حول تنظيم قطاع الطاقة في فلسطين وفق ما أعلن حسين الشيخ رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية. ووصف الشيخ مذكرة التفاهم «بالتاريخية» من حيث نقل صلاحيات الكهرباء للحكومة الفلسطينية بما في ذلك التحكم الكامل بنقاط الربط والقطع وهي قرابة 230 نقطة والتعامل مع الجانب الفلسطيني كدولة مستوردة للطاقة وليس كأفراد كما كان معمول به في السابق، أي منذ توقيع اتفاق أوسلو.
وتعتبر المذكرة بمثابة اتفاق تجاري جديد بين الجانبين يتم انجازه خلال ستة أشهر من توقيع هذه المذكرة، كما تم بموجب هذه المذكرة الاتفاق على تعرفة جديدة للكهرباء أقل مما هي عليه الآن بـ 1.5% مؤقتا إلى حين الاتفاق على التعرفة النهائية خلال فترة ستة أشهر.
كما تم الاتفاق على تسوية شاملة لديون الكهرباء المتراكمة على الفلسطينيين بما في ذلك تخفيض ما يقارب نصف المبلغ المصرح به من قبل شركة كهرباء إسرائيل على أن يتم دفع المبالغ المتبقية على 48 دفعة شهرية واعتراف إسرائيل بأموال محتجزة لديها لعشرات السنوات والاتفاق على تحويلها للخزينة الفلسطينية بعد أن يتم الاتفاق على المبالغ وتحويل هذه الأموال على أساس شهري.
واتفق في المذكرة على وقف عملية اقتطاع أموال من فاتورة المقاصة الفلسطينية لصالح ديون الكهرباء في حال الالتزام بدفع فاتورة الكهرباء كاملة واستمرار القيادة الفلسطينية بالإبقاء على التزاماتها تجاه مواطنيها في المحافظات الجنوبية والتزام من الدول المانحة بمزيد من الدعم لقطاع الطاقة في فلسطين من خلال مؤتمر المانحين الذي سيعقد في نيويورك الأسبوع المقبل.
وأشار البيان، الذي صدر عن الشيخ، إلى أنه تم خلال الفترة السابقة التوقيع على مذكرة تفاهم حول تنظيم قطاع الاتصالات في دولة فلسطين بما يشمل تشغيل الوطنية موبايل في قطاع غزة وتشغيل خدمة الجيل الثالث في فلسطين. كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم حول عملية تبادل البريد بين فلسطين وباقي دول العالم بما يشمل استقلالية كاملة في هذا المجال من حيث التحاسب وحرية حركة البريد حسب قرارات منظمة البريد العالمية. وتطرق الشيخ إلى الاتفاق مع الحكومة الإسرائيلية على تشغيل خط إقليمي يربط مدينة أريحا الصناعية الزراعية ومدينة الشونة في الأردن الشقيق وصولا إلى ميناء العقبة ومن ثم إلى الخارج.
واعتبر الشيخ في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية أن المذكرة هي الأولى من نوعها منذ قدوم السلطة الوطنية إلى أرض الوطن في العام 1994 وبموجبها ستصبح سلطة الطاقة هي الوحيدة فقط المسؤولة عن إدارة هذا القطاع. وستقوم سلطة الطاقة بتوزيع الكهرباء على الشركات بعد شرائها من إسرائيل ولن تتعامل إسرائيل مباشرة مع الشركات.
ونفى الشيخ ما يجري التحدث به عن الاتفاق مع الاحتلال على خصم ديون الكهرباء من مستحقات التأمين الصحي للعمال الفلسطينيين في إسرائيل، موضحا أن الحكومة الفلسطينية تعمل كل ما بوسعها من أجل حصول العمال الفلسطينيين على مستحقاتهم. يذكر أن الديون المتراكمة على شركات الكهرباء تبلغ نحو 1.8 مليار شيقل منها 1.4 مليار شيقل على شركة كهرباء القدس.
ووصف يوسف، المحمود المتحدث الرسمي باسم الحكومة، الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين دولة فلسطين والحكومة الإسرائيلية بخصوص قطاع الطاقة بالإنجاز الكبير نظرا لمدلولاته السياسية وتعزيز الصلاحيات وانعكاساته الاقتصادية. وقال المتحدث الرسمي إن هذا الاتفاق يحرّر قطاع الكهرباء من السيطرة الإسرائيلية ويدرجه تحت المسؤولية الكاملة لسلطة الطاقة الفلسطينية لأول مرة منذ العام 1994 إذ ستلغى جميع أشكال التعامل السابقة التي كانت مفروضة في هذا الإطار ويتحول شكل التعامل إلى أن تكون دولة فلسطين مستوردا للطاقة.
وأضاف أن هذا الاتفاق يأتي ضمن تصميم الحكومة الفلسطينية على انتزاع الصلاحيات الخاصة بدولة فلسطين. وأوضح أن الاتفاق شمل أيضا التوقيع على مذكرات تفاهم أخرى من أهمها تحرير الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى الجانب الإسرائيلي منذ العام 2006. وأشار إلى أنه سيتم تطبيق تفاصيل هذا الاتفاق بعد مؤتمر الدول المانحة الذي يعقد في نيويورك بداية الأسبوع المقبل.
وقالت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية إن ديون السلطة لشركة الكهرباء وصلت إلى حوالي ملياري شيقل وشكلت عبئا كبيرا على الشركة وأخرت إلى حد كبير زيادة حجم الطاقة للاقتصاد الفلسطيني والتطوير الاقتصادي في السلطة. وحسب الاتفاق ستدفع السلطة للشركة مبلغ 570 مليون شيقل وتقسيط البقية لـ48 دفعة. وتم تخفيض الفوائد والغرامات بقيمة مئات الملايين من الديون المتراكمة. وتم الاتفاق أيضا على قيام إسرائيل بتحويل أكثر من مليار شيقل إلى الفلسطينيين كانت قد اقتطعتها من أموال الضرائب المستحقة للسلطة. كما تقرر نقل إدارة شؤون الكهرباء الفلسطينية إلى السلطة مباشرة وإقامة شركة لشراء الكهرباء بشكل حصري من شركة الكهرباء الإسرائيلية على أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن دفع ثمن الكهرباء.
وقال وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون إن «هذا الاتفاق سيوفر الكثير من الصراعات في المستقبل. هذه خطوة أولى على طريق طويلة. استقرار الاقتصاد الفلسطيني هو مصلحة إسرائيلية من ناحية اقتصادية وسياسية وأمنية». وقال حسين الشيخ إن «تحويل المسؤولية إلى السلطة يسمح بالسيطرة الكاملة على استهلاك السكان للكهرباء ويسمح لشركة الكهرباء بإدارة الأمور مع الفلسطينيين عبر عنوان واحد».
لكن هذه المذكرة، التي وقعت والتي وصفها الفلسطينيون بأنها تاريخية، لم تلق آذاناً فلسطينية صاغية. وهاجم الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين ما جرى وكتب على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أنه «في ذكرى توقيع اتفاق أوسلو وقعت السلطة اتفاقا اعتبره الطرف الفلسطيني «اتفاقا تاريخيا» و»الأول من نوعه منذ قدوم السلطة»!
وتساءل «طيب لماذا «تاريخي»؟ لأنه بموجب الاتفاق لن تتعامل إسرائيل مباشرة مع الشركات بل ستقوم سلطة الطاقة بتوزيع الكهرباء على الشركات بعد شرائها من إسرائيل! شو هذا الابداع؟ فعلا إنه اتفاق «تاريخي» يعني عن جد شو بدها السلطة بوجع الراس بالعمل على إنشاء مشروع فلسطيني لتوليد الطاقة والكهرباء في الضفة خليها تشتغل موزع كهرباء أسهل وربحه يمكن أكثر. وبلاش حكي عن تنفيذ قرارات المجلس المركزي بإعادة تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال لأن العلاقة عم يحددها الاحتلال أصلا».