لبنان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
انتصار الدنّان
حلّ شهر رمضان المبارك هذا العام يحمل معه العديد من المشكلات التي يعيشها مخيم عين الحلوة، فبين وضع أمني هش، ووضع اقتصادي صعب يحار الفلسطيني في إيجاد السبل التي تؤمن له حياة كريمة وآمنة، وبعد اشتباكات دامت حوالي الأسبوع في شهر نيسان الفائت، وتهجير معظم أهالي حيي الصحون والطيرة إلى خارج المخيم، وتعطل معظم الأعمال التي كان عدد من الفلسطينيين يعتمدون على دخلها في تأمين سبل معيشتهم وعوائلهم، يتأثر الوضع الاقتصادي بشكل مباشر، وبالتالي يفقد شهر الصوم العديد من المداخيل التي كان يعتمد عليها التجار، فهؤلاء الناس صارت معيشتهم خارج المخيم وإن كانت أوضاعهم المادية صعبة، وكذلك فقد المخيم عدداً من الوافدين إليه من المناطق المجاورة للتبضع والتسوق.
صادق الشولي بائع للمشروبات الرمضانية، كالجلاب والسوس والتمر التي يروج بيعها في هذا الشهر، في مخيم عين الحلوة.
لم تكن هذه مهنته في السابق، فصادق في السابق كان يعتمد في توفير معيشته ومعيشة عائلته على عمل يختلف كلياً عن المهنة التي فرضت نفسها عليه حالياً لتأمين سبل معيشته وعائلته.
صادق يبلغ من العمر اثنين وأربعين عاماً، وهو من بلدة شفا عمر بفلسطين، ولد لاجئًا كالعديد من أترابه، بعيداً عن وطنه الأم، ويعيش في مخيم عين الحلوة منذ ولادته.
كان صادق يعمل في البناء، لكنه تعرض لحادث ترك آثاره على حالته الصحية، وأحدث عنده آلاماً في الظهر منعته من متابعة عمله في البناء، ما جعله يبحث عن مهنة أخرى.
يقول صادق الذي وجد رزقه في بيع المشروبات الرمضانية لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: " منذ تسعة عشر عاماً وأنا أبيع المشروبات الرمضانية، لكنه لم يمر علي عام كهذا العام، فنسبة المبيعات جداً متدنية، مع أن هذا المشروبات كالجلاب والسوس والتمر، هي ما يفضل الناس في هذا الشهر الكريم، وسبب تدني نسبة المبيعات هوالوضع الأمني في المخيم، كذلك الوضع الاقتصادي السيئ، فكل هذه الأمور تؤثر سلباً على الناس، وينعكس ذلك أيضاً على حركة السوق والمبيعات".
يضيف: "أما عن سعر قنينة أي نوع من الأنواع فهو ألفا ليرة لبنانية فقط، علماً أنني أنا من يعمل على إعدادها، أنا أشتري البضاعة فقط، بضاعة التمر والجلاب حتى أتمكن من بيع القنينة بسعر متدني لأضمن بأن يتم شراؤها."
صادق يبيع في منطقة الشارع التحتاني للمخيم، في المكان الذي لم تطله الاشتباكات الأخيرة، لكنه يقول: على الرغم من أنني أبيع في الشارع التحتاني غير أنني تضررت وتضرر الجميع جراء الاشتباكات، فلم يتضرر فقط الشارع الفوقاني أو السوق، لكن ما حصل أثر على المخيم وأهله كافة، ونحن نتمنى أن تنتهي هذه الحالة الموجودة ويعود الأمن والاستقرار إلى المخيم وأهله، وأن يتم التعويض على الناس الذين تضررت منازلهم حتى يستطيعوا العودة إلى بيوتهم ويتابعوا حياتهم كما كانت عليه في السابق.
فالمخيم هو البيت الوحيد الذي يجمع الفلسطينيين جميعاً في بوتقة واحدة، وهوكما يعتبره الفلسطينيون عنواناً لحق العودة الذي لا عودة عنه، لذلك يرى معظم الفلسطينيون ضرورة التمسك بالمخيم والحفاظ على أمنه واستقراره حتى لا تنتهي القضية الفلسطينية، وينتهي حق العودة.
وصادق وعدد كبير من الباعة الذين كانوا ينتظرون هذا الشهر المبارك بفارغ الصبر لم يثمر انتظارهم ما كانوا يتمنونه، غير أنهم يقولون كما يقول صادق: "إن الحياة يجب أن تستمر وستستمر بكل الظروف التي نمر بها، ومهما حصل من انتكاسات هنا أوهناك، سأظل أجهز المشروبات التي لطالما انتظرني العديد من الناس حتى أبيعهم إياها، ولن أكل وأمل مهما كانت الظروف صعبة".