السعودية - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
إيمان العبد
أطلق لاجئون فلسطينيون سوريّون يمكثون في السعوديّة، مناشدات خلال الأسابيع الماضية، في محاولة لإيجاد حلول لهم بعد أن تفاقمت معاناتهم، نتيجة منع السلطات السعودية منحهم حق الإقامة القانونية بعد مخالفتهم شروط الإقامة، ومنعهم من العمل والتعليم بعد أن وصلوها هاربين من الصراع الدائر في سوريا.
ويشكو اللاجئون صعوبة ظروفهم المعيشيّة، وعدم تمكّنهم من تدبّر أمورهم الحياتيّة، بعد أن كانوا قد توجّهوا لأداء العمرة بتأشيرة نظاميّة بعد الأحداث التي اندلعت في سوريّة بأشهر قليلة، وبقوا هناك "مُخالفين" دون وجود أي دور لجهة فلسطينية أو حقوقية لمساعدتهم في تسوية أوضاعهم والحصول على إقامات، أو التوجّه إلى دولة أخرى.
اللاجئ الفلسطيني السوري (أ. ج) أب لأربعة أطفال ناشد عبر "بوّابة اللاجئين" الجهات المعنيّة لمساعدتهم في الحصول على إقامة أو توفير جوازات سفر لهم للخروج من السعوديّة، والتوجّه إلى دولة تُمكّنهم من البدء في حياة كريمة، نظراً لصعوبة أوضاعهم المعيشيّة في السعودية.
حول طبيعة ظروفهم، أوضح أنّ السلطات السعوديّة لا تسمح لهم بالعمل أو التعليم أو الإقامة، والعلاج والمعيشة هناك باهظة الثمن، وبعض أطفاله في عمر يتطلّب الالتحاق بالمدرسة، إلّا أنّه من غير المسموح لهم التعليم.
كما توفيت طفلتيه في السعودية، بالإضافة إلى تراكم الديون عليه، ولا يملك جوازات سفر لأطفاله، وأشار إلى لاجئ آخر في نفس الظروف كان قد توفّي وبقيت جثّته لمدة شهرين كاملين في المستشفى إلى أن سمحوا بدفنه.
اللاجئ (أ. ج) يملك وثيقة سفر سورية للاجئين الفلسطينيين، وحين حاول إصدار جوازات سفر طُلب منه شهادات ميلاد لأطفاله، لكن ثلاثة منهم لا يملكون شهادة ميلاد لأنهم وُلدوا في السعوديّة وهي لا تُصدر شهادات إلا لمن لديه إقامة.
يقول اللاجئ (أ. ج) لبوّابة اللاجئين "أستطيع إخراج جوازات سفر لهم من تحت الطاولة عن طريق الرشوة، لكن سيُكلّفني الأمر حوالي سبعة آلاف دولار تقريباً، وأنا لا أملك مبلغ كهذا، وديوني حوالي عشرة آلاف دولار، ولا أريد أن أغرق نفسي بالديون أكثر."
في ظل استمرار معاناته، حاول الحصول على مساعدة من قِبل هيئة حقوق الإنسان في السعوديّة وقام بالتواصل معهم وشرح معاناته، إلّا أنّ الموظّف أجابه بأنّ هذا نظام دولة ويجب أن يُحترم، كما حاول في الكثير من المرات الاتصال بمفوضيّة شؤون اللاجئين لكن دون استجابة.
في سياق متصل، كان قد توجّه لاجئون فلسطينيون سوريّون إلى القنصليّة الفلسطينية في السعودية مؤخراً، للمطالبة بالعودة إلى ديارهم رافضين بقائهم لاجئين للأبد والسفر والانتقال من بلد لآخر، وفي النهاية يتم طردهم، وقالوا خلال اللقاء أنّ دول العالم تُعاملهم كإرهابيين ومُجرمين، وهم يرغبون بالعودة إلى فلسطين، عاشوا لاجئين وأبنائهم يعيشون نفس المأساة.
آنذاك جاءت ردود القنصل الفلسطيني على مُطالباتهم، باستخفاف وتعليقات غير مسؤولة، إذ قال لهم "ماذا سأفعل لكم؟"، وأنّه من الممكن أن يقوم بعمل جوازات سفر ومعاملات وما شابه، وحين طلب اللاجئون المساعدة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للعودة إلى فلسطين، قال القنصل "ماذا سيفعل لكم أبو مازن؟".
يُشار إلى أنّه لا تتوافر مُعطيات أو إحصائيات حول أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين فرّوا من سوريا إلى السعودية بعد الأحداث التي دارت فيها، وحتى منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، لم توفّر أي مساعدة لهم.
ومن الجدير بالذكر أنّ موقع السفارة الفلسطينية في السعودية يُشير إلى أنّ ما تُسمّى بـ "إدارة شؤون الرعايا" لدى القنصلية، تُعنى بمشاكل الفلسطينيين المقيمين أو الزائرين، من خلال تقديم العون والمساعدة لهم بعد دراسة مشكلتهم وتقديم النُصح والمشورة ومن ثمّ الحلول المناسبة، وتزويدهم بالخطابات اللازمة لإتمام ذلك، وفي بعض الأحيان وعندما تتعدد الشكاوى من أمر ما، يقومون برفعه إلى الجهات المختصة للنظر فيها، ومتابعتها لدى تلك الجهات للتأكد من إتمام حلّها.
في اتصال لـ"بوّابة" اللاجئين" مع دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، أوضحت أنّه لم يتم التواصل معها بشأن هؤلاء اللاجئين، ومن المفترض أن تقوم السفارة الفلسطينية في السعوديّة، بمساعدتهم على تدبير أمرهم في البلد التي يمكثون فيها إن كان في السكن والعمل والإقامة، أو جواز السفر المؤقت، أو مساعدتهم على السفر إلى بلد آخر لتدبّر أمرهم، في حال قبلت دولة بذلك.
إذن هكذا تبدو حياة اللاجئين الفلسطينيين السوريين الذين يمكثون في السعوديّة، يدورون في حلقة مفرغة في محاولات للحصول على المساعدة وتصحيح وضعهم في ذلك البلد، أو الخروج منها ليتمكّنوا من البدء بحياةٍ كريمة، لكنّ الأمر لم يقتصر على عدم الاستجابة، بل وصل أيضاً إلى الردود المستهترة وتجاهل معاناتهم.
إن اعتبرت هيئة حقوقيّة، أنّ ظلم قوانين دولة، أنّه نظام يجب احترامه، فما مصير هؤلاء اللاجئين؟ الموت اليومي واحتجاز جثثهم في ثلاجات الموتى بمستشفيات أنظمة ظالمة لا تأبه لأدنى درجات الإنسانيّة، في الوقت الذي تتواطأ فيه هذه الدولة ذاتها مع الكيان الصهيوني، الذي يقتل الفلسطينيين ويُضيّق عليهم العيش كل يوم أينما حلّوا.