فلسطين المحتلة-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
وصل الوفد الحكومي لحكومة التوافق الفلسطينية إلى قطاع غزة عبر حاجز بيت حانون شمالي قطاع غزة برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمدلله، الاثنين 2 تشرين الأول، لاستلام الوزارات في قطاع غزة، في إطار تنفيذ الخطوات الأولى من المُصالحة الفلسطينية التي جاءت بواسطة مصرية، ورافق وفد الحكومة حضور مدير جهاز المخابرات العامة ماجد فرج ورئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ، بالإضافة إلى وفود مصريّة وأمميّة.
جاء تلك الخطوات في أعقاب إعلان حركة حماس خلال شهر أيلول عن حل اللجنة الإدارية، في فترة تواجد وفد من الحركة في القاهرة بدعوة من الجانب المصري الذي سعى إلى المضي في ملف المصالحة.
ويُشار إلى أنّ الوفود المُشاركة شملت وفود مصريّة أمنيّة وسياسية مثل سفير الجمهورية لدى الكيان الصهيوني حازم خيرت، واللواء همام أبو زيد واللواء سامح كامل، كما يحضر الثلاثاء مسؤول المخابرات المصرية خالد فوزي بالإضافة إلى محافظ شمال سيناء وشخصيات أمنيّة أخرى.
رئيس الوزراء رامي الحمدلله قال في مؤتمرٍ صحفي عُقد لدى وصوله حاجز بيت حانون "من الآن فصاعداً الكل منخرط ومسؤول وموحّد في جهود إعادة إعمار القطاع وتعزيز صمود المواطنين وضمان تطورهم واستقرارهم وإعمال مبادئ حقوق الإنسان وصون الحريّات"، وتابع "تتسلّم اليوم حكومة الوفاق مسؤولياتها ومهامها في إدارة شؤون القطاع، الأمنية والمالية والمدنيّة، حيث شكّلنا عدداً من اللجان الوزارية لتُباشر تسلّم المؤسسات والدوائر الحكومية ومهام الأمن، إضافة إلى شؤون المعابر والمنافذ، وتحقيقاً لوحدة النظام السياسي، سيتم معالجة القضايا الإدارية العالقة وعلى رأسها ملف الموظفين في إطار اتفاق القاهرة، ومن خلال اللجنة الإدارية القانونية، وضمن الإمكانات المُتاحة."
استطرد قائلاً "إنّ الوضع الكارثي غير المسبوق الذي وصلت إليه غزة بفعل سنوات الحصار والانقسام وتوالي العدوان الإسرائيلي عليها، والذي حذّرت المنظمات الدولية من مغبّة استمراره، لم يعد يحتمل إضاعة أية لحظة بالمُماطلة والتجاذبات والخلاف، فقد آن وقت العمل والوقوف عند المسؤوليات."
وأكّد وزراء حكومة التوافق أنّ احتياجات قطاع غزة ستكون على جدول أعمال الحكومة الثلاثاء للبدء بتنفيذها، وأكّد الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود على أنّ احتياجات المواطنين في قطاع غزة هي أولوية بالنسبة للحكومة.
هذا وحضر المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية التسوية بالشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، والوفد المرافق له، لمتابعة تسلّم حكومة التوافق لمهامها في غزة، وأعلن أنّه ناقش مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خطة يكون فيها وفد أممي مشرف على تمكين حكومة التوافق من العمل في مؤسسات قطاع غزة، فيما رحّب ملادينوف بحذر بالتحسن في العلاقات بين حركتي فتح وحماس، وأكّد أنه لا يُقلل من التعقيدات والصعوبات الكبيرة التي يمكن أن تطرح على طول الطريق.
واعتبر ملادينوف أنّ "بإمكان هذه الجهود أن تنجح في حال بقيت المنطقة منخرطة بلعب دور المصالحة، وإذا استمر دور مصر، وفي حال واصلت الأحزاب السياسية إظهار الاستعداد نفسه الذي تظهره حالياً للعمل معنا في هذه العملية."
كما دعا المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم المالي لحكومة تترأسها السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، مُضيفاً "هذه محاولة لتعزيز قوى الاعتدال في منطقة فيها اضطرابات كبيرة"، مُعتبراً أنّ "عودة الحكومة إلى غزة يُقوّي الذي يرغبون بتحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل، والذين يرغبون بتحقيق ذلك على أساس المفاوضات وليس العنف."
رد على سؤال حول إمكانية قبول الولايات المتحدة للمصالحة بين حماس والسلطة، أجاب ملادينوف أن الوقت لا يزال مبكراً كثيراً للكلام عن هذا الأمر، وبعد ساعات نشر موقع "واللا" العبري نقلاً عن مسؤول أمريكي في إدارة ترامب أنّ واشنطن تؤكد أنّ أي اتفاق لن يتم إلا بموافقة حماس على شروط اللجنة الرباعية الثلاثة، وهي "الاعتراف بإسرائيل والالتزام بالاتفاقيات والتعهدات السابقة للسلطة ونبذ العنف والإرهاب"، مؤكداً أنّه خلال الأسابيع الأخيرة أكدت الولايات المتحدة تأييدها لتسلّم السلطة إدارة قطاع غزة للتخفيف من الوضع الإنساني الصعب لسكان القطاع وفي نفس الوقت قال أنّ حماس لن تكون جزء من حكومة السلطة ما لم تعترف بـ "إسرائيل".
من جانبه أكّد المفوّض العام لـ "الأونروا" بيير كرينبول، خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر الوكالة، وقوف المجتمع الدولي مع الشعب الفلسطيني، مُشدداً أنّ الوكالة ستواصل تقديم خدماتها، وتابع "ما يحدث في غزة وإتمام المصالحة فرصة للعمل سوياً من أجل خق الأمل بعيداً عن التشكيك"، مؤكداً على استعداد "الأونروا" للتعاون مع الحكومة بهدف تحسين الأوضاع المعيشية لسكان القطاع.
شدّد كرينبول كذلك أنّ "الأونروا" عامل أساسي وشريك في قطاع غزة "ونحن نعيش لحظة مهمة تتطلّب دعم جميع الأطراف"، مؤكداً أنّ إتمام المُصالحة فرصة لخلق فرص عمل لـ (65) بالمائة من الشباب الفلسطيني الذين هم بحاجة لخلق فرص عمل مُشدداً أنّ خلق فرص العمل لهم يحتاج إلى تعاون كافة الأطراف الفلسطينية.
كما شدّد على أهمية إزالة الحصار وحل القضايا الأساسية التي يُعاني منها القطاع بما فيها ملف الكهرباء، وأكّد على حق المرضى وخاصة مرضى السرطان بالسماح لهم الخروج لتلقي العلاج، وهذا مثال على الأشياء التي يجب أن تتغيّر، مُشدداً على أنّ "الأونروا" اتخذت العديد من الإجراءات حتى تبقى قضية اللاجئين على طاولة صانعي القرار والأمم المتحدة.
يُشار إلى أنّ حركة حماس قدمت تسهيلات كبيرة للمضي في ملف المصالحة، من ضبط للشارع الغزي ولأفرادها في الدوائر الحكومية وغير ذلك، وما سبق ذلك من حل اللجنة الإدارية، بالإضافة إلى الإفراج عن عدد من المعتقلين وغيره من التسهيلات، في حين أنّ السلطة لا تزال تعتقل في سجونها العشرات من المُعتقلين السياسيين، بالإضافة إلى عدم تراجعها على الأرض حتى اللحظة عن الإجراءات العقابية التي ألحقتها بغزة خلال الأشهر الماضية.
يُذكر أنّ الانقسام الفلسطيني مُستمر منذ عشرة أعوام وامتد معه حصار دخل عامه الحادي عشر على قطاع غزة، من الاحتلال والسلطة وقوى إقليمية ودولية ضيّقت الخناق على أهالي القطاع، كان آخرها الإجراءات العقابية التي اتخذتها حكومة التوافق برام الله بحق غزة من خصومات على رواتب موظفي القطاع ووقف سداد مستحقات الكهرباء عن قطاع غزة ما أدى إلى تفاقم الأزمة الحاصلة بالفعل منذ قيام الاحتلال قصف محطة الكهرباء في المرة الأولى والتحكم بالوقود الواصل إلى القطاع، بالإضافة إلى التضييق على القطاع من الجانب المصري بإغلاق معبر رفح البري ما أدّى إلى تأزّم الأوضاع الإنسانية بشكل مضاعف، وأثّر الحصار الاقتصادي والبرّي والبحري والجوي على القطاع في كافة جوانب حياة سكانه، تخلله ثلاثة حروب أدت إلى دمار البنية التحتية وآلاف المساكن، واستشهاد الآلاف وإصابة آخرين، ليصبح الأمر أقرب إلى كارثة إنسانية مستمرة حتى الوصول للهاوية.