فلسطين المحتلة-بوابة اللاجئين الفلسطينيين

أصدرت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار المفروض على قطاع غزة تقريراً حول وضع القطاع، بالتزامن مع توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس، حيث يتطلّب الوضع الإنساني في غزة حراكاً واسعاً وشراكة حقيقية من كافة الأطراف الفلسطينية بدعم عربي وإسلامي ودولي، لمواجهة التحديات المختلفة وأبرزها ملف الحصار "الإسرائيلي" على القطاع، وما خلفه من آثار تدميرية، وملف إعادة إعمار ما دمّره الاحتلال من مباني ومنشآت إلى جانب آثار الانقسام.

اللجنة الشعبية التي يترأسها النائب المستقل في المجلس التشريعي جمال الخضري، ترصد في تقريرها الحالة الإنسانية في قطاع غزة بعد أكثر من (10) سنوات على الحصار البري والبحري والجوي المُشدد على غزة، وآثار ثلاثة حروب شنّها الاحتلال في الأعوام (2008، 2012، 2014)، خلّفة نحو (4500) شهيد و(20) ألف جريح، بالإضافة لآثار الانقسام الداخلي على أكثر من مليوني مواطن يعيشون في خمسة محافظات وثمانية مخيّمات بأعلى معدلات كثافة سكانية في العالم.

أشار التقرير إلى أنّه خلال سنوات الحصار هناك زيادة حوالي نصف مليون مواطن في غزة، ولم يُرافق هذه الزيادة تطوّر في الخدمات كافة، بل تضررت الخدمات باختلافها لتعقّد الأمور، وطالت آثار الحصار كل السكان في مجالات مختلفة.

حول القطاع الإنساني، تتزايد آثار الحصار الكارثية بالنسبة لمعدلات الفقر والبطالة وانخفاض القوة الشرائية بشكل كبير، فهناك (80) بالمائة من السكان تحت خط الفقر، وبلغت نسبة البطالة (50) بالمائة، ونسبة البطالة بين فئة الشباب والخريجين وصلت (60) بالمائة، فيما وصل معدل دخل الفرد اليومي (2) دولار أمريكي، وهناك ربع مليون مُعطل عن العمل.

حول المساعدات الغذائية، ذكر التقرير أنّ مليون ونصف المليون يعتمدون في قطاع غزة على المساعدات الغذائية، وهناك (40) بالمائة من الأطفال مصابون بأمراض فقر الدم وسوء التغذية، و(15.500) يتيم يُعانون جراء الوضع الإنساني والمعيشي، و(50) ألف من ذوي الإعاقة منذ الولادة وبسبب الاعتداءات.

أمّا عن القطاع الصحي، أشار التقرير إلى أنّه يمر بمرحلة خطيرة ولعلها الأسوأ منذ فرض الحصار، حيث تتفاقم معاناة المرضى بشكل غير عادي، والأرقام التي يعرضها التقرير تتطلب خطوات عملية سريعة وعاجلة للحد من التدهور في هذا القطاع الحيوي، فهناك (30) من الأدوية غير متوافر، و(45) بالمائة من المستهلكات الطبية غير متوافرة، و(300) جهاز متعطل عن العمل، و(13000) مصاب بالسرطان يحتاجون تحويلات طبيّة، بالإضافة لآلاف المواطنين خاصة الفقراء مصابين بأمراض مزمنة.

حول القطاع البيئي، اعتبره التقرير أبرز القطاعات تضرراً جراء الحصار والاعتداءات المتتالية، إذ شكّل استهداف هذا القطاع خطورة على حياة السكان، فهو يمس كل مواطن بشكل مباشر، إذ تُعتبر نسبة (95) بالمائة من المياه غير صالحة للشرب، وهناك (50) مليون متر مكعب سنوياً طاقة الخزان الجوفي وحاجة السكان تصل (250) مليون، بالإضافة إلى أنّ (150) ألف لتر مكعب غير معالجة تُضخ يومياً للبيئة "البر والبحر"، بسبب توقف المضخات ومحطات التحلية بسبب أزمة الكهرباء، وعجز الطاقة الكهربائية أثّر بشكل كبير على عدم وصول المياه لمنازل السكان.

حول القطاع الصناعي، حاول الاحتلال منذ بدء فرض الحصار على غزة تدمير الاقتصاد الفلسطيني، واستهدف كل قطاعاته سواء بتشديد الحصار أو استهدافه خلال الاعتداءات المتتالية، فهناك (80) بالمائة من المصانع مغلقة بشكل كلي أو جزئي، ونسبة الصادرات إلى الواردات بلغت (0.62) بالمائة، بالإضافة إلى قلّة الطاقة الإنتاجية بسبب أزمات الكهرباء والتصدير، وهناك خسائر سنوية مباشرة وغير مباشرة بلغت (250) مليون دولار.

حول القطاع التعليمي، شكّل استهدافه هدف أساسي للكيان الصهيوني منذ احتلال الأراضي الفلسطينية، وجاء الحصار ليكمل هذا المخطط الخطير، فحسب التقرير هناك (10) آلاف خريج جامعي سنوياً لا يجدون فرصة عمل دائمة أو مؤقتة، (400) مدرسة تعمل بنظام فترتين يومياً، و(50) طالباً في كل فصل دراسي في المدارس الحكومية والتابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

عن قطاع الإعمار والبناء، يُقيّد الاحتلال دخول مواد البناء وكثير من مستلزمات الإعمار طوال السنوات الماضية، ما كان أحد الأسباب التي أعاقت عملية إعادة الإعمار، بالإضافة لعدم وفاء العديد من الدول بالتزاماتها التي تعهدت بها في مؤتمر المانحين بالقاهرة.

هناك (40) بالمائة من المنازل التي دُمّرت بشكل كلي في عدوان 2014 لم يتم إعادة إعمارها حتى اليوم، وآلاف العائلات ما زالت تعيش في منازل مُستأجرة غير مؤهلة لاستيعاب هذه العائلات، وهناك (5500) منزل غير صالح للسكن، و(40) مسجد ما زال مُدمّر.

عن قطاع الطاقة، حمّل التقرير الاحتلال المسؤولية الأكبر عن التدهور الحاصل في إمدادات الطاقة لقطاع غزة، حيث تعرضت محطة التوليد للقصف والاستهداف خلال الحروب التي شنّها الاحتلال على غزة، وكذلك يرفض الاحتلال تزويد المحطة بالغاز بدلاً من السولار الصناعي عالي الثمن، ويرفض مقترح السفينة المجهزة لتوليد الكهرباء قبالة شواطئ غزة لسد العجز في الطاقة.

كما أنّ الطوق البحري الذي يفرضه الاحتلال أعاق استثمار حقول الغاز التي تم اكتشافها في عهد رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات.

ويصل انقطاع الكهرباء يومياً من (12-20) ساعة، فيما يبلغ العجز في الطاقة الكهربائية (270) ميجا وات، وتوفي (29) شخص بينهم (23) طفل بسبب استخدام الشموع ووسائل الإنارة غير الآمنة منذ عام 2010.

حول القطاع الزراعي، استهدف الاحتلال الأراضي الزراعية الحدودية بالمبيدات الحشرية ما تسبب بضرر المحاصيل، وهناك (27) بالمائة عجز حيواني وسمكي، فيما بلغت المساحة المسموح بها من قِبل الاحتلال للصيد (6) ميل بحري، وتصل أحياناً لفترات محدودة إلى (9) ميل بحري، ويستمر استهداف الصيادين الفلسطينيين بإطلاق النار والاعتقالات وتدمير مراكبهم ومُعداتهم.

هذا وأثّرت أزمة الكهرباء على كميات المياه المخصصة للري وانخفضت بمعدل (50-60) بالمائة، كما أدت أزمة الكهرباء لعدم ري المحاصيل بالكمية الكافية من المياه وأثّر ذلك على جودة المنتج، فيما تزداد كلفة الغذاء بسبب تكاليف العملية الإنتاجية.

حول قطاع المعابر، يُسيطر الاحتلال بشكل كامل على معابر غزة ويُحدد أي المعابر يتم فتحه وأي المعابر يتم إغلاقه بشكل نهائي، ويتحكم بشكل كامل في كل ما يدخل إلى غزة من بضائع ومستلزمات الصناعة والتجارة وقطاع الأعمال، وكذلك في وضع قائمة طويلة من الممنوعات لدخول غزة بحجة "الاستخدام المزدوج"، بالإضافة للمنع شبه الكامل للسكان من السفر عبر حاجز بيت حانون "إيريز"، ويستمر إغلاق كافة معابر غزة التجارية باستثناء معبر كرم أبو سالم "مفتوح جزئياً"، وبيت حانون "مفتوح جزئياً".

حسب التقرير، (400) صنف ممنوع إدخاله إلى قطاع غزة عبر المعابر، وغالبيتها مواد خام ومواد بناء، بالإضافة إلى تقييد حركة سفر المرضى والتجار واستمرار عمليات اعتقال المسافرين عبر الحاجز، ومنع آلاف الفلسطينيين من السفر عبر بيت حانون لحجج أمنيّة.

أوصت اللجنة في ختام التقرير بأنّ، الحصار الذي يفرضه الاحتلال على غزة منذ عام 2006، يُعتبر عقوبة جماعية ويتناقض مع مبادئ القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وخرق فاضح لكل المواثيق الدولية.

واعتبر التقرير "إسرائيل" بصفتها قوة احتلال وفق القانون الدولي فهي تتحمل المسؤولية عن تدهور الأوضاع الإنسانية ومُلزمة بتسهيل وتيسير حياة السكان تحت الاحتلال وليس العكس.

كما أوصت اللجنة بإنشاء صندوق طوارئ غزة لمساعدة السكان والحكومة الفلسطينية في تسيير المهام إلى جانب معالجة كثير من القضايا والأزمات في غزة، وإقامة مشروعات بشكل عاجل لتشغيل أكبر عدد ممكن من العمال المتعطلين عن العمل من خلال دعوة المستثمرين للعمل في غزة استثماراً لأجواء المصالحة.

وطالبت اللجنة الحكومة الفلسطينية بوضع خطة شاملة للنهوض بكل القطاعات وإنهاء كل آثار الانقسام لمواجهة كل آثار الحصار بجهود فلسطينية وعربية ودولية من خلال ضغط دولي يُمارس على الاحتلال، حتى يتم رفع كامل للحصار، يتمثّل بفتح جميع المعابر دون استثناء ووقف العمل بقوائم الممنوعات على المعابر، وتشغيل الممر الآمن الذي يربط غزة بالضفة الغربية وتسهيل حركة تنقّل الأفراد من خلال، بالإضافة إلى رفع الطوق البحري بما يضمن تشغيل ممر بحري لحين الشروع في ميناء غزة.

وكالات-بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد