مخيّم خان دنون - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
هاجس التدفئة، يجتاح نفوس أهالي المخيّمات الفلسطينيّة في سوريا، مترافقاً مع برد الشتاء القاسي الذي يحل يحل ثقيلاً على منازلهم و أبدانهم مع كل موسم شتوي، خصوصاً بالمخيّمات الأكثر تأثراً بالفصل البارد، و الواقعة في المناطق الريفيّة المفتوحة كميخّم خان دنون بريف دمشق، حيث يطغى همّ توفير مادة المازوت على سواه من هموم كثيرة، في ظل تردي الواقع المعيشي والخدمي ووجود أعداد كبيرة من النازحين عن مخيّمات طالتها الحرب السورية.
أخيراً وصلت مخصصات المازوت الحكومي المدعّم الى المخيّم، يقول أحد السكّان خان دنون مبتهجاً، لكنّ سرعان ما يخبو وهج البهجة أمام حقيقة الـ50 لتر. وفي صورة تعبيريّة قوامها السخريّة والمرارة، يطالب بأن توزّع الجهات المختصّة أجهزة "السيروم" لضمان أقل كميّة من تقطير المازوت في المدافئ.
وكانت عمليّات توزيع المازوت الحكومي، في مخيّم خان دنون، قد بدأت يوم أمس الأربعاء 25 تشرين الأوّل، في مرحلتها الأولى لدورة شتاء 2017 – 2018، بكميّة مبدئيّة تبلغ 20 الف لتر، يجري توزيعها على العائلات التي لم تستلم مخصصاتها خلال السنوات السابقة، بواقع 500 لتر لكل عائلة، على أن تنتظر باقي العائلات وصول الدفعة الثانيّة، والتي لن تتجاوز أيضاً كميّة الـ20 الف لتر، حيث لن تحصل كل أسرة على أكثر من 50 لتراً، تُباع لهم بسعرٍ مدعّم وقدره 185 ليرة سوريّة للتر الواحد.
أمام هذه الكميّات التي تخصصها الجهات الحكوميّة، تصبح التدفئة رفاهاً مقرورناً بالقدرة الشرائيّة للأهالي، حيث يسدّ من لديهم ممكنات ماليّة، عجز الموسم من مادة المازوت بشرائه من السوق السوداء، يقول أحد الناشطين من ابناء المخيّم لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
ويردف قائلاً، " أنّ سعر المازوت في السوق السوداء يتجاوز أحيانا 350 ليرة سورية للتر الواحد وهو مبلغ خيالي، لذلك ينتظر الأهالي مع حلول كل موسم، دورة التوزيع الحكومي المدعّم وفقاً للبطاقة العائليّة، حيث من المفترض توزيع 500 لتر لكل أسرة على دفعتين، وبسعر 185 ليرة للتر الواحد، بينما نُفاجأ في كل عام بكميّات أقل من المقرر بكثير، ولا تكاد تكفي لأسبوع واحد من أسابيع الشتاء القارسة".
فساد وانتقائيّة
الى جانب ضئالة الكميّات المخصصة، يشتكي أهالي المخيّم من الفساد الذي يغلّف عمليّة التوزيع في كل عام، حيث لا يخلو الأمر من سرقات تطال المخصصات الحكوميّة، لصالح السوق السوداء أو لصالح مؤسسات ومشاريع خاصّة، تجري برعاية المتنفذّين داخل المخيّم وخارجه.
أحد الناشطين من أبناء المخيّم، قال لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ بعض الجمعيات والمؤسسات والمرافق الخاصّة في المخيّم وخارجه، تستلم سنويّاً قرابة 120 الف لتر من المازوت المدعّم، متسائلاً عمّا اذا كان الأمر طبيعيّاً أن تكون الأولوية لهؤولاء على حساب الأهالي" على حد قوله.
الى جانب ذلك، يمر التوزيع الحكومي سنويّاً بشكل انتقائي، وفق ما يؤكد الكثير من الأهالي والناشطين، حيث لا تمر صهاريج المازوت الحكومي على الكثير من الحارات، وبعضها لم يطله التوزيع منذ سبع سنوات، والبعض الآخر يتم تعويضهم عن السنوات السابقة بشكل لا يوازي ما هو مستحق من متراكمات السنين السابقة.
الجدير بالذكر، أنّ مخيّم خان دنون بريف دمشق، يعاني من حجم كبير بالكثافة السكّانية، بعد موجات النزوح التي استقبلها لسكّان المخيّمات، التي تعرضّت لأهوال العمليّات العسكرية والقصف المدمر، كمخيّمات سبينة و خان الشيح واليرموك، حيث بلغت أعدادهم نحو 17 ألف نازح، أضيفو إلى نحو 12 الف من سكّان المخيّم، يعيش كثيرٌ منهم، في مناطق مكشوفة كالمدارس والأماكن العامة، ما راكم أعباء معيشيّة كبيرة على عموم السكّان وسط غياب خطط طوارئ تأخذ بعين الاعتبار، الحاجات المعيشيّة والخدميّة المتزيدة، لاسيّما في فصل الشتاء الذي يزداد قساوةً على ضوء هذه الظروف.