الأردن-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
أطلق المفوّض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" نداء استغاثة لإنقاذ الوكالة الأمميّة من أزمتها المالية والعجز الكبير وتسديد المصاريف التشغيلية ورواتب الموظفين في مناطق عملياتها الخمس "لبنان، سوريا، الأردن، قطاع غزة، الضفة الغربية."
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي ضمن اجتماع الدول المانحة في البحر الميت، الاثنين 13 تشرين الثاني، وكشف كرينبول خلال المؤتمر أنّ العجز المالي في الوكالة وصل إلى (77) مليون دولار أمريكي.
وتابع أنّ "تفويض الأونروا ليس للبيع وسنواصل تقديم الخدمات، وهناك تأييد دولي ضخم بعد تمديد عمل الأونروا لثلاث سنوات، والتي حازت على ثقة 167 دولة في هيئة الأمم المتحدة."
واستعرض المفوّض العام العديد من الأعباء التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في المناطق الخمس والأوضاع المأساوية التي يُعانون منها في غزة.
بدوره أكّد سفير مصر لدى الأردن طارق عادل، بصفتها رئيس اللجنة الاستشارية لـ "الأونروا"، خلال اجتماع البحر الميت، على ضرورة الحفاظ على أنشطة وكالة الأمم المتحدة، كونها أضحت أحد ركائز الاستقرار في الدول المُضيفة في ظرف إقليمي شديد الخطورة. كما أشار إلى الطابع الإنساني للوكالة، وعدم جواز ربط استمرار التمويل من قِبل البعض بأي أغراض أو مصالح أو أهداف سياسية كانت، مُحذراً من مغبّة توقّف أنشطة الوكالة قبل التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.
كما نبه إلى أهمية مبادئ عدم التمييز في خدمات "الأونروا" عبر وضع أفضليات برامجية أو مناطقية لعملها، والاحترام الكامل لحرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات، داعياً إلى التوقف عن أية أنشطة أو سلوك يُعرض اللاجئين والموظفين على حدٍ سواء للخطر.
وأوضح عادل إدراك الحكومة المصرية لحجم المُعاناة التي تكتنف أوضاع لاجئي قطاع غزة، بما يدفعها إلى العمل الدؤوب على طريق إتمام مصالحة فلسطينية شاملة يُمكن من خلالها تقويض ذرائع الحصار "الإسرائيلي" المضروب على القطاع منذ عام 2006.
أكّد كذلك أنّ المواقف المصرية دائماً ما كانت تأخذ في اعتبارها الأوضاع الإنسانية الصعبة لسكان القطاع، إلا أنها لم تكن لتغفل في الوقت ذاته أهمية أن تتسق سياساتها مع المصالحة الاستراتيجية ذات الصلة بالحفاظ على تماسك القضية الفلسطينية في مواجهة مخططات التصفية، وشدّد على أهمية العمل على استمرار ولاية وكالة الغوث وهياكلها القائمة، وإيجاد سُبل ناجعة لسد العجز السنوي المُستديم في ميزانية الوكالة من خلال تنفيذ توصيات تقرير سكرتير عام الامم المتحدة في هذا الصدد وقيام سكرتارية الوكالة بالمُضي قُدماً في طريق ترشيد الاتفاق، فضلاً عن مبادرة الدول المانحة بزيادة مساهماتها بالشكل المُلائم.
من جانبه، ألقى الأمين العام لوزارة الخارجية الأردنية زيد اللوزي كلمة عن البلد المُستضيف، أوضح فيها مخاطر اللجوء والأعباء الكبيرة التي يتحملها الأردن قائلاً "إنّ الأردن سيستمر بالعمل مع المجتمع الدولي لاستئناف مفاوضات جادة ومُحددة بسقف يصل إلى تجسيد حل الدولتين، وإنّ استمرار إنكار العدالة للشعب الفلسطيني وبما يحول بينه وبين تجسيد حقوقه غير القابلة للتصرف، يظل عنصراً جاذباً تستخدمه الجماعات الإرهابية وأصحاب الفكر الإسلامي المتطرف لتجنيد الأتباع والمؤيدين خدمة لأجندتهم."
وأضاف اللوزي أنه يتطلب وقف كل إجراءات الاحتلال أحادية الجانب وعلى رأسها المستوطنات والإجراءات الرامية لتغيير طابع القدس الشرقية وهويّتها ووضعها القانوني كأرض محتلة بموجب القانون الدولي، مُبيّناً أنّ تلك الإجراءات الخطيرة والمُدانة والمستهدفة للمقدسات الإسلامية والمسيحية وعلى رأسها المسجد الأقصى، تُشكل انتهاكاً مستمراً للشرعية الدولية والقانون الإنساني الدولي.
تابع اللوزي "إننا نشعر بالقلق البالغ بسبب الأزمات المالية المتكررة التي تواجهها الأونروا، والآثار الإنسانية والسياسية الخطيرة المترتبة على عدم توفر الموارد للوكالة، وعلى رأسها التعليم الذي يُحصن مئات ألوف الطلبة من الأطفال ضد استدراجهم من قِبل أصحاب الفكر المُتطرف وأهمية مواصلة المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار والأمن بين أوساط اللاجئين."
كما أشار إلى أنّ الأردن هي الدولة الوحيدة المستضيفة لأكبر نسبة من اللاجئين، وهي (40) بالمائة من أصل خمسة ملايين ونصف المليون، موزعين على مناطق عمليات "الأونروا" الخمس، مُبيناً أنّ لدى الأردن حقوق واستحقاقات فرضتها الأعباء الجسيمة التي تكبدتها منذ نشوء مشكلة اللجوء الفلسطيني.
أضاف كذلك أنّ الحكومة الأردنية تتابع بقلق عميق استمرار الفجوة الكبيرة بين الاحتياجات المالية اللازمة للوكالة لتحقيق أهدافها من جهة وبين مواردها من جهةٍ أخرى، حيث أنّ الأردن وبتوجيهات مباشرة من الملك وعلى مدى سبعين عاماً يقوم بتقديم خدمات مباشرة وغير مباشرة للاجئين الفلسطينيين لضمان عيش كريم لهم، حيث تجاوزت المبالغ التي ينفقها الأردن سنوياً لهذه الغاية مجموع الموازنة السنوية الكليّة للوكالة في مناطقها الخمس.
وعلى هامش اجتماع اللجنة الاستشارية لـ "الأونروا"، اجتمع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بالمفوّض العام للوكالة الأمميّة كرينبول، وأكّد خلال اللقاء على ضرورة استمرار المجتمع الدولي في دعم وكالة الغوث وتوفير الاحتياجات المالية اللازمة لها للاستمرار في أداء واجباتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وجميع مناطق عملها.
كما شدّد على ضرورة التغلّب على مشكلة العجز السنوي المُتكرر في موازنة "الأونروا"، وبما يُمكّنها من الاستمرار في تقديم خدماتها بفعالية في مجالات التعليم والصحة والإغاثة، وبما يتوافق مع تفويض الوكالة وصلاحياتها بموجب قرار تأسيسها من قِبل الأمم المتحدة الذي يتضمّن مواصلة تقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين إلى حين التوصل لحل عادل لقضيّتهم.
وأشار الصفدي إلى أهمية اجتماع اللجنة الاستشارية مُعرباً عن أمله في أن يخرج الاجتماع بنتائج هامّة تُسهم في تغطية العجز في موازنة الوكالة لهذا العام، كما شدد على تطوير آليّة عمل تضمن حل دائم لمشكلة العجز التي تتكرر سنوياً.
يُشار إلى أنّ أعمال الاجتماع الدوري للجنة الاستشارية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، انطلقت في منتجع البحر الميت جنوبي الأردن، الاثنين 13 تشرين الثاني لمدة يومين بمشاركة (25) دولة أعضاء دائمين في اللجنة، ومُمثلين عن الدول العربية المُضيفة للاجئين الفلسطينيين والدول المانحة للوكالة، والمجموعة الأوروبية وجامعة الدول العربية.
وتُناقش اللجنة على مدى يومين التحديات المالية التي تواجه الوكالة، والوضع المالي لها والبرامج الخدمية والصحية والتعليمية والإغاثة الاجتماعية، التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها، والتحديات التي تعترض عملها.
ومن المُقرر أن تبحث تبعات ضعف منافذ الدعم الدولي وضرورة فتح قنوات أخرى للمساندة في ظل الأزمة المالية الحادة التي تواجهها، بالإضافة لمناقشة التطورات الداخلية الميدانية على صعيد مناطق عملها الخمس.