أيمن الأمين

رغم التهدئة الموقتة بين الرياض وبيروت، والتي أعقبت حوار رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري، بظهوره على فضائية المستقبل التابعة لتياره مطمئنًا أنصاره، إلا أن الأزمة لم تنته بعد، فثمة تحركات من الجانبين ربما تؤزم المنطقة.

لبنان بقيادة رئيسها ميشال عون هدد باللجوء لمجلس الأمن حال استمرار احتجاز الحريري بحسب وصفه، يقابله تهديد من حزب الله للرياض وسط وعيد إيراني.

أما السعودية والتي باتت اللاعب الأهم في المنطقة، فمراقبون يرون تحركاتها قاتلة؛ تلك التحركات والتي ذكرتها وسائل إعلام عربية أظهرت فيها خشية فلسطينيي المخيمات اللبنانية من انعكاس استدعاء رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى العاصمة السعودية الرياض، للضغط على أهالي المخيمات في التحرك للوقوف ضد ميليشيات حزب الله اللبنانية.

الفصائل الفلسطينية والتي أكدت تحييدها عن الأزمة السعودية اللبنانية، تتخوف هي الأخرى من دخول أهالي المخيمات في النزاع.

وبعد استقالة رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، توالت الاجتماعات بالمخيمات الفلسطينية اللبنانية والتي أكّدت أهمية تحييدها عن التوترات الداخلية في لبنان، والحفاظ على العلاقات بين الفلسطينيين واللبنانيين، وعدم زجهم فيما يزيد معاناتهم.

فصائل فلسطينية

حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أكدت أن "الوضع الفلسطيني في لبنان متماسك"، مبينة أنها "حريصة على إبعاد الوجود الفلسطيني عن الصراعات الداخلية"، وأنها "ستستمر في جهودها للمحافظة على الأمن والاستقرار بالمخيمات اللبنانية".

وتأكيداً لتحييد المخيمات التقى وفد من "عصبة الأنصار الإسلامية" كلاً من منسق العلاقات الخارجية في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، شكيب العينا، والمسؤول السياسي لحركة "حماس" في منطقة صيدا ومخيماتها، أيمن شناعة، في زيارتين منفصلتين نتج عنهما تناغم الجهود لإبقاء الساحة الفلسطينية بعيدة عن التجاذبات السياسية اللبنانية، بحسب ما نشر موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، الخميس 9 نوفمبر.

صراعات المحاور

الكاتب الصحفي الفلسطيني هادي إبراهيم، مدير بوابة اللاجئين الفلسطينيين الإلكترونية قال: إن الشعب الفلسطيني جزء من المجتمع اللبناني يـتأثر به ويؤثر فيه، وفي سياق صراعات المحاور الموجودة الآن يحاول الجميع اللعب بالورقة الفلسطينية، خاصة أمن مخيماتنا وعلاقته بالجوار وانحيازه لأطراف لبنانية على حساب أخرى.

وأوضح الكاتب الصحفي الفلسطيني لـ"مصر العربية" أنّه رغم وجود إجماع فلسطيني على المستوى الشعبي والرسمي بضرورة إخراج المخيمات من أي حالة استقطاب لبناني داخلي كوننا دفعنا الثمن سابقًا، وكون نموذج الحالة الفلسطينية السورية حاضر أمام الجميع من نزوح وتهجير وتدمير لمخيماتنا، إلا أن هناك خوفا وقلقا يجري التنسيق والتشاور لإبعاد شبحه عن المخيمات الفلسطينية في ظل وجود جهود لتعزيز الأمن والاستقرار والعمل على حل القضايا العالقة على صعيد المطلوبين بمخيم عين الحلوة خصوصًا وبقاء المخيمات على الحياد مما يجري.

وتابع: "رغم تلك المحاولات تبقى أطراف محسوبة على هذا الطرف اللبناني أو ذاك تعمل على الاستثمار بالعامل الفلسطيني، تحت عناوين وحسابات كل طرف" فالبعض ينظر لنا كحالةٍ سنيةٍ وكجزءٍ من المعادلة، والطرف الآخر ينظر للمخيمات كحاضنة للمقاومة وخيارته السياسية"، وهذا  قد يساهم في تفتيت وحدة الموقف الفلسطيني في حال زادت حدة الاستقطاب الداخلي اللبناني.

واستكمل هادي حديثه قائلًا: "للعلم وردت معلومات لم نتأكد من صحتها عن محاولات نائب ووزير لبناني محسوب على السعودية دخول مخيم عين الحلوة للقاء جهات وأطراف إسلامية كعملية تمهيد للعب بهذا العامل الحساس في الداخل اللبناني.

وأضاف: "بالنسبة لنا نرفض أن يكون اللاجئ والمخيم أداة بيد أي طرف، ودور جميع الأطراف اللبنانية والفلسطينية العمل على تعزيز أمن واستقرار المخيمات وذلك من خلال إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنية، ورفع كافة الإجراءات والقوانين التي تميز في معاملتنا وحل كافة المشكلات العالقة بهذا الجانب، فالمخيمات بيئة هشة تنتشر فيها البطالة والأمراض الاجتماعية وحالة من الإحباط الجماعي لدى قطاعات واسعة من شعبنا قد تستغل في ضرب استقرار المخيمات أولاً وجوارها اللبناني ثانياً.

الالتزام بالحيادية

الالتزام بالحيادية في المخيمات، بتلك الكلمات وصف أبو خالد جهاد نائب المسؤول السياسي لحركة حماس في لبنان لبوابة اللاجئين الفلسطينيين وضع اللاجئين حيال استقالة الحريري.

وأوضح في تصريحات صحفية أنّ الإشكال داخلي لبناني لا علاقة لمخيماتنا به، قائلا: "الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني كفيل لوضع مظلة حماية لمخيماتنا، بغية عدم الانجرار إلى فتنة.

الكاتب والباحث اللبناني وائل نجم أكَّد أن "الاستقالة التي تقدم بها الحريري كانت مفاجئة، وواضح أنها جاءت بضغط من السعودية، وإن كان لها العديد من الأسباب من بينها الحرب أو الفوضى الداخلية، وهذا ترك أجواء من القلق وعدم الارتياح بالداخل اللبناني، والحراك الآن يحاول استيعاب أي شيء حتى لا تنزلق الساحة الداخلية إلى مواجهات مفتوحة".

وحول الضغط على عباس من أجل الزجّ بالفلسطينيين أو انخراطهم للوقوف أمام حزب الله، قال نجم لـ"الخليج أونلاين": "إننا لم نلمس في لبنان أي شيء من هذا القبيل، ولكن زيارته كانت محل استفهام من قبل الكثيرين؛ البعض ربطها بمحاولات ضغط سعودية على السلطة لعدم إنجاز المصالحة بين فتح وحماس، وخاصة بعد انفتاح حماس على طهران".

وبين أنه "لا معلومات حول هذا الموضوع"، وأشار إلى أن "المكون الفلسطيني جزء أساسي اليوم من الساحة السنية اللبنانية".

عملية أمنية

وأكد الباحث اللبناني أن "المخيمات الفلسطينية في لبنان تعرف مصلحتها، وهناك فصائل منظمة التحرير الفلسطينية أو غير المنضوية معها أكدت في تصريحات لها أنها تريد الحفاظ على استقرار لبنان والمخيمات فيه، وتخشى من أي عملية أمنية عسكرية فيها".

وأوضح نجم أن "اللاجئ الفلسطيني سيدفع الثمن حتماً، من تدمير المخيمات وإرجاع الفلسطينيين، ولم ينس الفلسطينيون أحداث مخيم نهر البارد سابقاً، وأظن أن اللاجئين أعقل من دخول أي مواجهة. وسط التأكيدات التي تطلقها الفصائل"، وفقا للخليج أونلاين.

في السياق، كشف مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، عن تفاصيل الزيارة المفاجئة للرئيس عباس إلى العاصمة السعودية الرياض، والملفات التي فتحت خلال لقائه العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وأكّد، أنّ "لقاء القمة الأخير أبلغت السعودية فيه  عباس معارضتها للتقارب الأخير بين حركة حماس وطهران، خاصة بعد زيارة وفد الحركة برئاسة نائب رئيسها صالح العاروري إلى إيران، وتأكيدات قيادات الحركة على عودة العلاقات بين الطرفين، والإشادة المتبادلة بينهما".

هل يضغط عباس على حماس؟

ولفت المسؤول إلى أن الرياض "منزعجة" من موقف حركة "حماس" الأخير من طهران، وطالبت عباس بالضغط على الحركة لتخفيف العلاقات مع طهران، و"الانضمام للصف والتحالف العربي في مواجهة نفوذها بالمنطقة".

وكشف المسؤول ذاته أن الرياض تطرقت كذلك لملف لبنان، وطلبت من عباس إصدار أوامر للفصائل الفلسطينية داخل المخيمات في بيروت بإنهاء أي تحالفات مع حزب الله، وتوحيد كل الفصائل في خندق واضح لمواجهة الحزب بدعم مالي سعودي.

وأضاف: "السعودية تسعى لأن يُنهي الفلسطينيون أي ارتباطات عسكرية أو سياسية أو حتى مالية معها، والاستعداد للمرحلة المقبلة جيداً".

وقال إن العاهل السعودي وعد الرئيس عباس بدعم "مالي سخي" لخزينة السلطة الفلسطينية، والمساعدة في مشاريع إعادة إعمار القطاع ورفع الحصار كاملاً عن غزة، في حال نجح بالضغط على حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في تغيير وجهة نظر الحركتين حول طهران ومنع تقاربهما معها.وفقا للخليج أونلاين.

أرقام الأونروا

وتقدر وكالة "أونروا" عدد الفلسطينيين المسجلين رسميًا في لبنان بـ449.957 لاجئاً. وبالرغم من أن هذه الأرقام صدرت عن المكتب الإعلامي لرئاسة الأونروا فإنها غير دقيقة؛ لأنها تعتمد على معلومات يتقدم بها اللاجئون طواعية ليستفيدوا من الخدمات التي يستحقونها، وكذلك لا تشمل الأرقام الزيادة الطبيعية.

وهناك أشخاص يعتبرون لاجئين حقيقيين نزحوا عن فلسطين عام 1948، أو أشخاص ينحدرون منهم مباشرة ولم يسجلوا لدى الأونروا مطلقاً.

ومن المخيمات المعترف بها لدى الأونروا: نهر البارد، البداوي، برج البراجنة، ضبية، مار الياس، عين الحلوة، الرشيدية، برج الشمالي، البص، شاتيلا، ويفل (الجليل)، المية مية.

وجدير بالذكر أن الحريري أعلن استقالته من منصبه قبل أيام في خطاب متلفز من السعودية، راداً قراره إلى "مساعي إيران لخطف لبنان وفرض الوصاية عليه، بعد تمكن حزب الله من فرض أمر واقع بقوة سلاحه".

موقع مصر العربية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد