لبنان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
يُحيي الفلسطينيون، بمشاركة الكثير من شعوب العالم، اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني"، الذي يوافق ذكرى قرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947، والذي نصّ على أن يتم إنشاء دولة يهودية وأخرى عربية على أرض فلسطين، مع اعتبار القدس كياناً متميّزاً يخضع لنظام دولي خاص. إلا أنّ ما حصل لاحقاً هو إنشاء دولة يهودية دون الدولة العربية.
مأساة ذاقها الفلسطينيون منذ إحتلّ الكيان الصهيوني المصطنع أرضهم، والذي مارس بحقهم شتّى أنواع العذابات ولفّ حياتهم بالمِحن، من قتلٍ وأسرٍ ونهب وتهجير وإهمال على مرأى من العالم. فأصبح اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، مناسبة لتذكير العالم بمأساة شعب شرّد من وطنه.
رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة، قال في تصريح لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إنّ "يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، يُعبّر عن نضال هذا الشعب بالنسبة للمجتمع الدولي وسائر الشعوب الطامحة إلى العدل والسلام الدوليين، خصوصاً أنّ صلابة هذا الشعب وعدالة قضيته تتأكد من أنّه لم ينكسر طوال مئة عام من الصمود، رغم كل الوحشية التي مارستها قوات الانتداب البريطاني والاحتلال الصهيوني".
وتابع منيمنة أنّه "من المهم تفعيل هذا اليوم، وهي مسؤولية تقع على عاتق كل المجتمع الفلسطيني والمتضامنين مع نضالهم من شعوب عربية وصديقة، خصوصاً وأن "إسرائيل" تعمل دون كلل أو ملل، من أجل تكريس احتلالها الاستيطاني عبر بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية وتدمير بيوت الفلسطينيين، ومرافق عيشهم وأماكنهم المقدسة، والسيطرة على أراضيهم ومياههم ومقدساتهم".
وأوضح منيمنة أنّ "أشكال القمع والقهر الصهيونيين قد بلغت مداها اليومي من خلال أعمال الحصار والقمع وفرض المعازل وتوسيع السجون والمعتقلات، بل تحويل كل فلسطين إلى معتقل كبير يحتجز فيه الفلسطينيون، بينما تطلق أيدي الجماعات الصهيونية لممارساتها العدوانية التهويدية، حيث تتولى سلطات الاحتلال كلّ ما من شأنه تكريس سياسة التمييز العنصرية على الأساس الديني، ما يتناقض مع شرعة حقوق الإنسان وجملة المواثيق الدولية".
وطالب منيمنة الفلسطينيين والعرب بـ "تحويل هذا اليوم إلى محفز للنضال من أجل استحضار قضية التضامن مع فلسطين على كل المنابر ومختلف المنتديات، وعبر كل أشكال النضال المتاحة، نُصرة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم وبلادهم التي تم طردهم منها عبر سلسلة من الحروب والاعتداءات الوحشية المتلاحقة".
بدوره، قال الروائي والسياسي الفلسطيني مروان عبد العال لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "التاسع والعشرون من شهر تشرين الثاني هو اليوم الذي يذّكر العالم بمأساة تشريد الفلسطينيين من وطنهم، ويؤكد على حقّهم في العودة إلى ديارهم كحق ثابت وغير قابل للتصرف من قبل أي كان، وكحق لا يجوز التنازل عنه أو التفريط به".
وتابع عبد العال: "كان يومها القرار 181، الذي يُعتبر من أخطر القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة خلال تعاملها مع القضية الفلسطينية. والذي رفضه شعبنا آنذاك كونه يشكل الأساس الذي قام عليه "الكيان الصهيوني" بعد نحو ستة أشهر من إصداره. لذلك إقرار يوم 29 تشرين الثاني بالتحديد، لأنّه يحمل دلالات رمزية وتاريخية وكفاحية كبيرة بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني"
وأضاف عبد العال" بالنسبة لنا هو يوم يرمز للتأييد العالمي على نضال الشعب الفلسطيني والاعتراف بالظلم التاريخي الذي لحق به، وهي دعوة بالمناسبة لمطالبة الأمم المتحدة لتصحيح الظلم بالعمل على تنفيذ القرارات الدولية بشأن القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها، تلك المتعلقة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضهم التي اقتلعوا منها".
أما بالنسبة للظروف الصعبة التي يواجهها الشعب الفلسطيني، فقال عبد العال إنّ: "الظروف التي يواجهها شعبنا، في الداخل، هي حصيلة تاريخية لعملية الصراع والإنحدار المتدرج، بدأ بسلوك المسار السياسي الذي اتخذته النُظم الرسمية العربية باعتماد استراتيجية التسوية، والذي جعل من أوسلو مسبباً في احداث الشرخ العنيف داخل المجتمع الفلسطينيّ. ثمّ جاء الانقسام الفلسطينيّ بين طرفي السلطة وأدى إلى انقسام مؤسساتي وجغرافي بين الضفة وغزة وترك زمام المبادرة بيد العدو كقوة فعل رئيسية في زرع الاستيطان، والذي وصل إلى حدود ٧٥٠ ألف مستوطن بالضفة، وكذلك تهويد الأرض وابتلاع المناطق التي قسمها أوسلو ليبدأ بفك ارتباط مدينة القدس بمؤسسات السلطة، كما فصل قطاع غزة عن الكيان الفلسطيني الناشئ فإن أطرافاً فلسطينية وعربية وإقليمية، كذلك تحت مظلة استراتيجية التسوية، عملت على زعزعة المشروع الوطني الفلسطيني وتفكيك ركائزه بين الداخل و48 وشتات قريب وشتات بعيد وفرّغت منظمة التحرير الفلسطينية من مضمونها ودورها".
وفي الشتات، فقد أعيد تشتيت الشتات مرّة أخرى، على حدّ تعبيره، وذلك عن طريق الاستمرار النزف لأسباب أمنية واقتصادية ونفسية وأهمها فقدان الثقة والأمل، أي أنّ أزمة الوجود طالت أكثر من مخيّم وما يمثله كعنوان لقضية، فقد انفصل اللاجئين عن الحالة السياسية والشراكة في القرار السياسي والمظلة السياسية، وغابت منظمة التحرير الفلسطينية، وتناثرت قاعدتها الشعبيّة في الشتات وازاداد مؤشر الخطر لإنهاء وظيفة اللجوء في الصراع وتراجع التمسك الرسمي بحق اللاجئ بالعودة.
وعن أهمية الوحدة السياسية في تقوية الموقف الفلسطيني وتحصينه لمجابهة الضغوط الصهيونية، قال عبد العال: "إذا كانت النكبة الحدث الأكثر ألماً في تاريخ الشعب الفلسطيني، فإنّ الانقسام لا يقل مأساةً عنها، ليس فقط على صعيد المؤسسات والفصائل الفلسطينية، بل على صعيد عموم المشروع الوطني الفلسطيني، مما جعل القضية الفلسطينية تدفع الكلفة مادياً ومعنوياً".
أما على الصعيد الوطني، فيأتي تخليد هذا اليوم في ظلّ استمرار وتصاعد محاولات الاختراق الصهيوني على جميع الأصعدة الثقافية والسياحية والأكاديمية والسياسية لإرادة الشعب العربي، وفي طليعته الشعب الفلسطيني، وقواه الحيّة الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
من جهته، أشار عضو حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان عبد الملك سكرية لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّه "من الطبيعي أن يتضامن الشعب اللبناني مع شعبنا في فلسطين ومع القضية الفلسطينية النبيلة، وهذا ليس من باب المنيّة بل من باب الواجب على كل لبناني، وعلى كل عربي". مضيفاً: "على كل حرّ في هذا العالم أن تكون القضية الفلسطينية قضيته المركزية، لأنّ المشروع الاستعماري الصهيوني لا يستهدف الفلسطينيين فقط، بل يستهدف المنطقة بأكملها".
وقال سكريّة إنّ "العودة حق وملك ثابت لكلّ الأجيال الفلسطينية القادمة، يقتضي ضرورة التمسك به والنضال من أجله على جميع الأصعدة وبكل الأدوات والوسائل الممكنة. ومما لا شك فيه أن استعادة الوحدة الفلسطينية على أرضية الثوابت الوطنية الفلسطينية يشكل عاملاً حاسماً لتقوية وتحصين الموقف الفلسطيني لمجابهة الضغوط التي يُمارسها الاحتلال، ولمجابهة السياسة الصهيونية المستمرة في نهبها المتواصل للأراضي وتهويدها وسياسة الاغتيالات والاعتقالات الإعتباطية اليومية".
وبالنسبة لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، قال سكرية إنّ "فلسطينيي لبنان هم أكثر المظلومين، وذلك نتيجة النظام الجائر العنصري الذي يمنع الفلسطيني من الحق في العمل والتملّك، ويفرض عليه الإقامة الجبرية في المخيمات. وينتج عن هذا النظام مشاكل عديدة كفيلة بالتأثير سلباً على العلاقة اللبنانية- الفلسطينية".
وطالب سكرية بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وإعطائه كافة حقوقه المشروعة في لبنان، والمؤقتة لحين العودة إلى فلسطين.