لبنان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنّها ستتخذ قراراً بوقف تمويل برامج دعم اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في حال عدم عودة الفلسطينيين إلى المفاوضات مع الاحتلال الصهيوني.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم الاستمرار بتمويل وكالة "الأونروا" على خلفية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة برفض إعتراف واشنطن بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، أوضحت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، في مؤتمر صحفي عقدته الثلاثاء 2 كانون الثاني، أنّ "دونالد ترامب قال سابقاً إنّه لا يريد تقديم أي تمويل حتى موافقة الفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات".
وفي معرض رصده ردود الفعل حول التهديدات الأميركية بإيقاف تمويل "الأونروا"، تحدّث موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" مع المدير العام للهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي، الذي قال: "منذ مطلع العام 2017، ووتيرة استهداف وكالة "الأونروا" تتسارع بشكل غير مسبوق، ومع بدايات العام 2018، بدأت تلك الوتيرة تتسارع أكثر فأكثر، حيث بدأت بها سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي، الثلاثاء 2 كانون الثاني 2018، وجسّدتها بعملية مقايضة وابتزاز سياسي رخيص بأن إدارتها ستوقف الدعم المالي الذي تقدمه لوكالة "الأونروا"، إذا لم تعود السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات مع الكيان الصهيوني".
وتابع هويدي أنّ "هذه السرعة، إذا بقيت على حالها، لا يمكن وصفها إلا بالخطوات الخطيرة والإنذار الأخير لاتخاذ القرار الأممي بحلّ الوكالة، التي ستتسبب بكارثة إنسانية، إذ تقدم الوكالة الخدمات لحوالي 6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل يعيشون في 58 مخيماً ومئات التجمعات في مناطق عملياتها الخمسة، في الضفة وغزة ولبنان وسوريا والأردن، من الصحة والإغاثة والبنى التحتية وتحسين المخيمات والقروض الصغيرة والحماية، والتعليم المجاني لحوالي نصف مليون طالب وطالبة، بالإضافة إلى توفير فرصة عمل لحوالي 30 ألف موظف فلسطيني، عملياً هذا سيتوقّف، لكن تلك الخدمات تساهم في التخفيف من الأعباء الإقتصادية الملقاة على كاهل اللاجئين". مشيراً إلى أنّ "طلب هيلي الأخير يُعتير بمثابة خطوة إضافية في مسار منهجية التخلص من القضية السياسية للاجئين المتعلقة بحق العودة التي تعتبره الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني وحلفائهما العقبة الكأداء أمام مشروع التسوية وما يجري الحديث فيه عن "صفقة العصر"، وهو ما سيتحقق المبادرة إلى خطوات جادة فلسطينياً وعربياً وإسلامياً، وخاصة من قِبل الدول المضيفة للاجئين، والتي يُحسب لها حساب وتكون قادرة على لجم الإستمرار في هذا المشروع الخطير".
وأضاف هويدي: "في مطلع العام 2017، مع وصول الرئيس الأميركي ترامب إلى السلطة، طلب الكيان الصهيوني من الإدارة الأميركية قطع المساهمة المالية لـ "الأونروا" التي تعتبر الأكبر بين الدول المانحة، وطلب نتنياهو شخصياً من السفيرة هيلي يوم 11/7/2017 بتفكيك الأونروا، ونقل خدماتها إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وفي 4/8/2017 شطب نائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة الصهيوني داني دانون البند المتعلق بزيادة ميزانية الوكالة من جدول أعمال الجمعية العامة الذي يتحكم فيه، وفق صلاحياته، وكان من المتوقع أن يحظى البند بالموافقة والإعتماد من غالبية الدول الأعضاء، ودانون كان سفيراً لكيان الإحتلال في الأمم المتحدة، وعُين نائباً لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة سنة إبتداءً من 31/5/2017، ونقلت صحيفة معاريف العبرية في 8/9/2017 أن مسؤولاً من وزارة الخارجية "الإسرائيلية" قام قبل أسابيع بزيارة الولايات المتحدة وعرض حلولاً لتغيير تفويض "الأونروا"، وأن وفداً "إسرائيلياً" سيتوجه في 9/9/2017 إلى أميركا، يرأسه نائب وزير الخارجية تسيبي خوتوفيل، التي ستلتقي هناك مع السناتور تيد كروز المسوؤل عن هذا الملف".
وأشار هويدي، إلى أنّه "في كانون الأول 2017، أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR) عن وثيقة أدعت بأنها قانونية، تحت عنوان "توجيهات وإرشادات حول الحماية الدولية" تتضمن 50 توصية تعرض فيها إلغاء وكالة "الأونروا" بحجة عدم حصول اللاجئ الفلسطيني على المساعدات الإنسانية والحماية من الوكالة، وتقترح خطوات إستيعاب خدمات اللاجئين الفلسطينيين فيها بدل الوكالة، وباعتقادي أن الوثيقة سياسية وبعيدة كل البُعد عن الموضوعية القانونية وتخدم الرؤية الأميركية و"الإسرائيلية"، فيما يتعلق بقضة اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة، وربما الأخطر عدم وجود، حتى الآن، مواقف من الوثيقة سواء فلسطينية رسمية أو عربية أو إسلامية أو من الدول المضيفة، ترتقي إلى مستوى الحدث التاريخي وهو ما ينذر بالأمر الخطير".
وبالنسبة للمسؤولية التي تقع على عاتق المجتمع الدولي، قال هويدي إنّ "إنقاذ الأونروا مسألة سهلة إذا توفرت الإرادة السياسية للدول المانحة والمجتمع الدولي، وبكل بساطة ومن دون مبالغة ربما واحد في المائة فقط من الميزانية التي تُخصص للحروب في العالم كفيل بأن يغطّي العجز المالي للوكالة. وعدم إنقاذ "الأونروا" سيتسبب بتكريس ارتفاع نسبة البطالة والفقر والأمية والمشاكل الإجتماعية، وستنعكس سلباً ليس على اللاجئين الفلسطينيين وحدهم، بل كذلك على منطقتنا العربية والإسلامية وعلى منظومة المجتمع الدولي".
من جهته، قال مسؤول منطقة صيدا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عبدالله الدنان إنّ "الولايات المتحدة تغطّي حوالي 80 ٪ من موازنة وكالة "الأونروا"، ففي حال عملت الولايات المتحدة على إيقاف تمويلها للوكالة، فإنّ التأثير سيكون كبيراً على موازنة الأخيرة، وبالتالي على حياة الشعب الفلسطيني في أماكن لجوئه، خصوصاً من ناحية الخدمات الصحية والتعليمية والطبابة والجانب الاجتماعي". مشيراً إلى أنّها "قد تكون هذه الخطوة واحدة من الاستراتيجيات التي تعمل عليها الدوائر الأميركية والصهيونية، لشطب حق العودة بالتدرج".
وأشار الدنان إلى "أهميّة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وتطبيق قرار ١٩٤ بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم". مؤكّداً على أنّه "طالما أنّ الشعب الفلسطيني يعيش التشرد، فواجب على المجتمع الدولي تغطية نفقات هذا اللجوء، بحسب ما ذُكر في ميثاق الأمم المتحدة". داعياً الفلسطينيين، شعباً وقيادة، للعمل والضغط على المجتمع الدولي، بغية توفير موازنة لـ "الأونروا"، والضغط على الولايات المتّحدة وإجبارها على التراجع عن هكذا قرار.
بدوره، اعتبر الكاتب الفلسطيني ياسر علي، أنّ "التهديدات الأميركية بإيقاف تمويل "الأونروا"، أمر خطير جداً، خصوصاً أنّ الولايات المتحدة هي المتبرع الأكبر للوكالة، وله ارتداد خطير، يدل على التوحش الأميركي، والإصرار على الإنحياز المتطرف للعدو الصهيوني، ويدل على إصرار الرئيس ترامب على تجفيف منابع الشعب الفلسطيني، بما فيه المقاومة. يريدون شعبنا ذليلاً جائعاً مكسوراً، ولقمة سائغة في المفاوضات".
وتابع "بما أنّ المطلوب تجفيف منابع المقاومة والشعب معاً، فليتّحد كلّ الشعب الفلسطيني لمواجهة هذه القرارات".
وكان الناطق الرسمي باسم وكالة "الأونروا"، سامي مشعشع، قد أكّد، يوم الثلاثاء 3 كانون الثاني، أنّ الوكالة لم تتلقَ أي تصريح أو بيان من قِبل الإدارة الأميركية بأي تغيير على التمويل الأميركي لها، عُقب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمندوبة الدائمة لواشنطن في الأمم المتحدة نيكي هايلي، حول نيّة الولايات المتحدة وقف دعم "الأونروا"، إلى أن يعود الفلسطينيون لطاولة المفاوضات مع الاحتلال.