فلسطين المحتلة

حملت الساعات الأخيرة تخوّفات من وصول آثار الأزمة الماليّة لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إلى الخدمة التعليمية التي تُقدمها الأخيرة للاجئين الفلسطينيين، حيث حذّر المفوّض العام للوكالة بيير كرينبول، الأربعاء 25 نيسان/ابريل، أنّه قد لا يتم فتح المدارس في بداية العام الدراسي الجديد بسبب العجز في التمويل.

وعلى ضوء ذلك، استطلعت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" آراء وتوقّعات عدد من المُهتمّين بقضيّة اللاجئين ومن هم على اطّلاع، للوقوف عند حيثيّات الأمر.

من جانبه، اعتبر رئيس المجلس الأعلى لأولياء الأمور في قطاع غزة، زاهر البنّا، أنّ تصريح كرينبول يتناقض ويتنافى مع حجم الأموال التي جمعتها "الأونروا" وتبرّعت وساهمت بها العديد من الدول، والتي بلغت (270) مليون دولار أمريكي، من أصل (370) مليون دولار، مُشدداً أنّ الأمر سياسي بامتياز وليس مالي.

وأكّد البنّا على رفض تصريح المفوّض العام جُملةً وتفصيلاً، فالموقف يُراد به إنهاء القضيّة الوطنيّة الفلسطينيّة، وهي قضيّة حق العودة، وبالتالي سيتم مُواجهة الأمر بجملة من الإجراءات تشمل إصدار عدة بيانات وعقد مؤتمر صحفي لتوضيح رفض المجلس الأعلى لأولياء الأمور.

وقف مدارس الأونروا يضر بـ 700 مدرسة في غزة

وحسب بيان صدر عن المجلس الأعلى لأولياء الأمور في قطاع غزة، وصل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" نسخة منه تحت عنوان "مدارسنا قلاعنا ولن تسقط أبداً يا وكالة الغوث"، فإنّه في ظل الأوضاع الكارثيّة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في أرجاء العالم كافة، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، ومع استمرار سياسة ترامب المُنحازة بالكامل لصالح الكيان الصهيوني ، وما تحمله من تحديات ومخاطر كبيرة على القضية الفلسطينية ، تتصاعد وتيرة الإجراءات التعسفية التي تنفذها "الأونروا " بحق اللاجئين الفلسطينيين والتي بدأت تتدحرج منذ سنوات بدءاً من تقليص للمساعدات وصولاً إلى عزمها لاتخاذ إجراءات وقرارات مجحفة للغاية بخصوص برنامج التعليم ، والتي سيكون من ضمنها تأجيل بدء العام الدراسي إلى شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل في مناطق عملها الخمسة "قطاع غزة ،الضفة المحتلة ،الأردن، سوريا، لبنان"، بحجة استمرار العجز المالي في ميزانيتها.

وأضاف البيان، أنّ هذا التصعيد الأخير سيضر بالتأكيد بالعمليّة التعليميّة بشكلٍ مباشر، فهو يستهدف نحو سبعمائة مدرسة، كما سيؤثر على نحو نصف مليون طالب فلسطيني ، وسيحرمهم من الالتحاق بمقاعدهم الدراسية، بالإضافة إلى المساس بالأمن الوظيفي لأكثر من ثلاثين ألف موظف يعملون في كافة مرافق الوكالة بالمناطق الخمس، وسيحرمهم من تقاضي رواتبهم خلال الأشهر الثلاثة حال إغلاق المدارس.

وأشار البيان، إلى أنّه في ظل هذا التوجه الخطير الذي يهدد قطاع التعليم ويرمي إلى تجهيل الطلبة ويقوّض الأمن الوظيفي للمعلمين ويُفاقم من معاناة اللاجئين الفلسطينيين وخصوصاً هنا في قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليون لاجئ تحت خط الفقر، تُسيطر عليهم حالة من الغليان الشديد بسبب تردي الأوضاع المعيشية فيه إلى أسوأ حالاتها، قرّر المجلس الأعلى لأولياء الأمور في حال تأكّد له "عزم الوكالة تنفيذ هذه السياسة الخطيرة والمتساوقة بلا شك مع سياسة الاحتلال الصهيوني الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وطمس حقوقه التاريخية التي كفلتها له المواثيق والأعراف الدولية وفي مقدمتها قرارات الأمم المتحدة، لن نقف مكتوفي الأيدي ولن نتهاون ولن نرحم كل من يغلق الأبواب في وجه أبنائنا الطلبة للالتحاق بمقاعد الدراسة، وكل من يحارب الموظفين في قوت أبنائهم، وعلى وكالة الغوث أن تدرك حجم المخاطر التي ستلحق بها حال قيامها بهذه الخطوة الكارثية."

كما اعتبر المجلس أنّ هذا التصعيد الذي يأتي ضمن سياسة متدحرجة تنتهجها الوكالة منذ سنوات للتنصل من واجباتها والتخلي عن اللاجئين، بحجة العجز المالي ، ليس إلا إعلان حرب على اللاجئين الفلسطينيين ليكتمل المشهد الدموي والقبيح الذي ترسمه مخالب ترامب في المنطقة، وإزاء هذا المنزلق الخطير فإننا نطالب المجتمع الدولي ليتحمل مسئولياته تجاه قضية اللاجئين والوفاء بالتزاماته لتغطية ما يشار إليه من عجز مالي في ميزانية "الأونروا" لنزع الذرائع ووقف هذا المسلسل البشع الذي يستهدف اللاجئ الفلسطيني وقضيته العادلة.

وختم المجلس بيانه "إنّ صدور هذا البيان هو بمثابة رسالة غضب باسم كل اللاجئين الفلسطينيين في كل مكان، ومن خلاله فإننا نعلي صوتنا في وجه كل المتآمرين على حقوقنا وثوابتنا، وسنبدأ بتنفيذ سلسلة من الفعاليات التي سنعلن عنها لاحقاً للتصدي لهذا التصعيد الخطير ولن نتراجع حتى وقف هذه السياسات بالكامل."

تصريحات الوكالة ليست جديدة ولها مُسمّيات عديدة

واعتبر ماهر حرب عضو اللجنة الوطنية لمواجهة تقليصات "الأونروا" في الضفة المحتلة، أنّ تصريحات كرينبول ليست جديدة ولها مُسميات عديدة، تخرج بها "الأونروا" من حين لآخر، مُشيراً إلى أنّ المُختص بهذا الشأن هو الهيئة التي أنشأت "الأونروا"، وهي الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس كرينبول أو سكوت أندرسون أو غيرهما.

أما كفصائل عمل وطني، قال حرب "كنّا في استقبال وفد من الاتحاد الأوروبي وكانت شخصيّة اسمها كيلي وكانت مُستاءة من تعامل الأونروا، فهي تشمل اليوم عصابة أمريكية جاءت من مدارس حربيّة قائمة على إلحاق الأذى بالناس، ومُمارسة الإرهاب على الشعب الفلسطيني من خلال مؤسسة دولية."

واعتبر حرب أنّ التصريحات تأتي انسجاماً مع توجهات حكومة الاحتلال والإدارة "الإسرائيلية" لإنهاء وجود "الأونروا"، وهذا حساب سياسي حاضر على طاولتهم لكنه لن ينجح وسيكون للشعب الفلسطيني رداً على المؤامرة التي تستهدف قضية اللاجئين."

وفي سياق حديث حرب لـ "بوابة اللاجئين"، أعلن أنه سيكون هناك مؤتمر شعبي شمال الضفة المحتلة سيؤسس لبرنامج نضالي للحفاظ على هذا الشاهد الكبير على النكبة الشعب الفلسطيني، وسيعرف كل العالم أن إنهاء "الأونروا" مرهون بتنفيذ القرار (194).

الوكالة ستتجاوز الأزمة ولن تُغلق المدارس

من جانبه قال رئيس اتحاد العاملين لدى وكالة الغوث "الأونروا"، جمال عبد الله، أنّه بالفعل هناك أزمة مالية لدى الوكالة ولا شك في ذلك، "لكن لا أعتقد أن يكون هناك إغلاقات، وستتجاوز الوكالة الموضوع المالي."

وأوضح أنّه ما تم التبرع فيه لـ "الأونروا" جزء مهم جداً لسد العجز، وخلال الفترة القادمة سيكون هناك إكمال من بعض الدول لتبرعاتها وسد العجز في ميزانيّة "الأونروا"، وبالتالي لن يكون هناك إغلاق في شهر أيلول/سبتمبر.

 

استهداف "الأونروا" سياسي ولا علاقة له بالميزانيّة

مدير عام الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين، علي هويدي، قال أنّ كل يوم يمر يُثبت أكثر أنّ استهداف الوكالة هو استهداف سياسي ولا علاقة له بالميزانيّات على الإطلاق، بدليل أنه من بعد مؤتمر المانحين في روما الذي عُقد في آذار/مارس الماضي، حتى اليوم، تم جمع ما يُقارب ثلثي مبلغ العجز المالي لـ "الأونروا" الذي يبلغ (446) مليون دولار.

"ففي الوقت الذي يتم فيه جمع المبالغ المالية، ولو بشكل بطيء، نرى أنه في المقابل مستوى ازدياد التقليصات في مناطق عمل الاونروا"، يقول هويدي لـ "بوابة اللاجئين."

وشدّد على أنّ إغلاق المدارس أو دمجها وإغلاق العيادات هو مردود سلبي على المستوى الإنساني والمستوى التعليمي والصحة وينعكس سلباً على حياة الموظفين في "الأونروا."

وأشار هويدي إلى أنه بدأ الحديث عن وقف برنامج الطوارئ في سوريا، والبالغ (146) مليون دولار، وهو مبلغ غير مؤمّن حالياً، كما يدور الحديث عن (200) مليون دولار يجب تأمينها في قطاع غزة، وإذا لم يتم تأمين المبلغ يمكن توقيف الحصص التي تُقدّم للاجئين الفلسطينيين، فالهدف بات واضحاً، هدف سياسي يهدف إلى إضعاف الوكالة كمقدمة لشطبها وهذا ما يُهدد قضية اللاجئين على المدى البعيد.

ويُتابع هويدي، أنه إذا كان المجتمع الدولي حريص بالفعل على الأوضاع الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، حتى في ظل وجود فجوة مالية في ميزانية "الأونروا"، من المفترض أن يتدخل المجتمع الدولي لتغطية هذا العجز المالي، ولكن هذا لم يتم. وبالتالي تذرّع الدول المانحة لوكالة "الأونروا" أنّ الأولويات اختلفت عندها على اعتبار أنّ هناك لاجئين غير الفلسطينيين، فهذا عذر غير مقبول على الإطلاق.

ويقول هويدي "طالبنا الأونروا العمل على توضيح هذه الميزانيات التي يتم جمعها الآن، بالإضافة إلى الحملة التي أطلقها المفوض العام لوكالة الأونروا كرينبول "الكرامة لا تقدر بثمن"، لأننا حتى الآن لا ندرك حجم المبالغ التي تم جمعها من قِبل الاونروا، وبالتالي لا يوجد تناسب بين هذه المبالغ التي أعلنت الوكالة أنها بحاجة إليها وبين التقليصات المتزايدة والمستمرة."

وختم قوله "نحن كفلسطينيين سنظل مُتمسكين بالوكالة، نختلف معها ولا نختلف عليها، ولكن يبدو أنّ هناك مشكلة جوهرية في عملية إدارة المبالغ المالية لدى الاونروا وهذا ما يزيد من مخاوفنا على المستوى السياسي، فالهدف من إضعاف الوكالة تحويل خدماتها إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وفقاً للبند الثاني من تأسيس المفوضية التي تُعتبر مسؤولة عن اللاجئين ككل ليس فقط الفلسطينيين."

ومن الجدير بالذكر أنّ "الأونروا" شهدت أزمة ماليّة أعلنت عنها عدة مرات، بفعل عجز مالي سابق، وتفاقمت في أعقاب تخفيض الولايات المتحدة مساهماتها للوكالة الأمميّة الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، ما أدى إلى حدوث فجوة مالية كبيرة، أطلقت الوكالة على اثرها حملة تبرعات عالمية تحت عنوان "الكرامة لا تُقدّر بثمن"، بالإضافة إلى عقد مؤتمر المانحين في روما آذار/مارس الماضي، ورافق ذلك استمرار سياسة التقليصات التي تنتهجها "الأونروا" بحق اللاجئين الفلسطينيين.

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد