بيروت - نشوى حمّاد
عُقد اليوم الإثنين 28 أيّار / مايو، ندوة تحت عنوان "طبيب في غزة"، قدمها الجراح الفلسطيني المتخصص بالتجميّل والترميم، ومدير مشارك في برنامج طب النزاعات في الجامعة الأمريكيّة، الطبيب غسان أبو ستة روى خلالها عن تجربته التي خاضها مع الجرحى خلال أحداث مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة.

جاء ذلك، بدعوة من مؤسسة الدراسات الفلسطينية ومعهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، حيث عقدت الندوة داخل حرم الجامعة الأمريكية في العاصمة اللبنانيّة بيروت، بحضور العشرات من الفلسطينيين واللبنانيين.



شارك الطبيب غسان أبو ستة بالعديد من العمليات الجراحيّة داخل قطاع غزة، كان أولها في الإنتفاضة الثانية عام 2002، وخلال العدوان على غزة في كل من الأعوام 2008، 2012 و2014، وأخيراً في مسيرات العودة الكبرى بغزة.

في الحادي عشر من الشهر الجاري، وصل الطبيب أبو ستة، إلى مستشفى العودة في قطاع غزة، تزامناً مع مسيرات العودة الكبرى، وأكّد أبو ستة خلال المحاضرة أنّه عند وصوله كان هناك أكثر من 9000 جريح جاءوا منذ 30 آذار/ مارس الماضي، كان منهم 2200 جريح بأعيرة الاحتلال الناريّة، مضيفاً أنّه تسلم من منظمة أطباء بلا حدود لائحة باسم 500 مريض ينتظرون إجراء عمليات ترميم بسبب الإصابات، مشيراً ان الفئة العمريّة المستهدفة، كانت ما بين عمر الـ 15 سنة والـ 25 سنة.



د. أبو ستة: الأطباء لاحظوا استخدام الاحتلال أسلحة محرمة دولياً "غازٌ للأعصاب، وليس مسيّلاً للدموع" 

وتابع كلامه قائلاً: " يوم الاثنين 14 أيّار/ مايو، بدأت سيارات الأسعاف التي تقل ما بين 5 إلى 6 مصابين تصل إلى المستشفيات بوتيرة عالية منذ الساعة الرابعة عصراً حتى الثامنة مساء، مشيراً أنّ الرقم الحقيقي للجرحى كان نحو 3500 جريح منهم 2000 مصابون بطلق ناري" و 63 شهيد.

وأوضح الجراح انه تم تقسيم مستشفى العودة في هذا اليوم لكي تستوعب هذه الأعداد من المصابين، حيث تم وضع خيم اسعافية داخل موقف السيارات، كما واستعملت قاعات المحاضرات لاستقبال الجرحى. مشيراً أن إصابات الغاز لم تكن بغاز مسيل للدموع، بل بغاز للأعصاب، حيث يعاني المريض من حالة التشنج لنحو الساعة، متشل حركة عمل القطاع الصحي، نظراً لأن المصاب يحتاج لمراقبة لطول مدة تأثيره بالغاز،30% من الإصابات كانت من الأطفال، 44 عملية بتر،  بينهم نحو 6 عمليات بتر لأطفال.

وأشار أبو ستة، إلى نوعية الاسلحة المحرمة دولياً التي تم ملاحظتها من قبل الأطباء عبر حالات كثيرة من الإصابات بالرصاص المتفجر، وهو من أول الأسلحة التي منعت بالقانون الدولي، وتعمل هذه الرصاصة على نقل أكبر كم من الطاقة الموجودة داخلها إلى الأنسجة، وتزيد عندها نسبة التهتك بالعضو المصاب ، فعند انفجار الرصاصة داخل الجسم تنقسم إلى عدّة رصاصات تأخذ كل منها مساراً مختلفاً لتصيب مختلف الأوردة والأنسجة والعظام من عدّة زوايا مختلفة، مما يشكل تلف كامل للعضو المستهدف، وتؤدي إلى البتر في أغلب الحالات نظرا لصعوبة إعادة ترميم العظام بعد تدميرها بشكل كبير بالرصاص المتفجر.



مضيفاً، إنّ كل تلك الإصابات الخطيرة، تكلف القطاع الصحي الفلسطيني الكثير من التكلفة البشريّة والماديّة لإنها تحتاج إلى متابعة، خاصة الأطفال لأنهم يحتاجون لعمليات ترميم مستمرة نظراً لعملية نمو جسمهم وتغيير حجمها.

  عجز في القطاع الصحي بغزة، والاحتلال يستفيد من العجز 

وعن الوضع الحالي قال أبو ستة: " وزارة الصحة الفلسطينيّة أعلنت انها عاجزة منذ حوالي ستة أسابيع عن إجراء العمليات الجراحيّة غير المرتبطة بالإصابات، نظراً لإزدحام كل مستشفيات القطاع، بأعداد كبيرة من المصابين بأوضاع خطرة وبحاجة إلى رعاية مطوّلة، منوهاً، أن الحصار التي تعاني منه غزة يؤثر على القطاع الصحي في غزة ويجعله عاجزاً عن استقبال أعداد الجرحى الكبيرة، وأعرب عن تخوّفه من تراجع الخدمات الطبية وانعكاسها على واقع العودة، معتبراً أن سياسة الحصار والضغط التي يعتمدها الاحتلال هي سياسة ممنهجة لوقف أي شكل من أشكال المقاومة، مشيراً أنّه في المسيرة الأخير تم الطلب من الفلسطينيين الرجوع عن السلك الفاصل بسبب عجز المستشفيات عن استقبال المزيد من الجرحى.



وطالب الجراح أبو ستة، المجتمع الدولي والشعوب التحرك لإيصال الدعم المادي إلى غزة لدعمهم ومساعدتهم على تطوير غرف عملياتهم وأدواتهم الطبية من أجل إنقاذ الضحايا.

هذا وتم عرض عدد من صور الإصابات التي كان قد إلتقطها الطبيب أبو ستة للمصابين خلال أحداث مسيرة العودة، فيما أكّد الحضور على سعيهم المتواصل من أجل دعم أهالي فلسطين، مطالبين بمحاكم دولية لجرائم الاحتلال نظراً لتعمده استهداف الأطفال في رأسهم خلال مشاركتهم بمسيرات سلمية.
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد