تحقيق: هديل الزعبي

تواصل  وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "الاونروا" اتباعها لسياسة التصعيد في التقليصات، بشكل يفوق مقتضيات نقص التمويل، الذي تعاني منه  في الفترة الأخيرة جرّاء وقف الولايات المتحدة لحصّتها من المعونات، والتي تشكل نحو ثلث ميزانيّة الوكالة.

وتضيف عليها سياسة جديدة،  قوامها المماطلة، والتلويح بالمزيد من التقليص، والالتفاف على بعض الخدمات، وذلك بالتوافق والتراضي مع بعض المؤسسات والمسؤولين المحليين، أواستغلال جهل البعض الآخر لموقع مسؤوليتهم، وفق ما تشير الكثير من المعطيات.

ويكاد يبدو جليّاً بالنسبة للكثيرين من أبناء المخيّمات، أنّ سياسة التقليص المبالغ بها تلك، تتناسب مع معظم الجمعيات ومؤسسات الـ" NGOS" العاملة في الوسط الفلسطيني الأمر الذي يخلق حلف غيرمعلن يدفع ثمنه اللاجىء الفلسطيني.

وفي حلقة جديدة من حلقات التقليصات غير المبررة، يواجه أهالي مخيّمات الشتات الفلسطيني في لبنان، وخصوصاً أبناء التجمّعات غير الرسميّة في جنوب البلاد، قرار إغلاق و دمج مدارس الوكالة في تجمّعاتهم، وآخرها مدرسة الطنطورة في تجمّع المعشوق بمدينة صور. 

وتوكل مهمّة تطبيق القرار بشكل أساسي، لموظفي الأقسام والمناطق لدى الوكالة،  كونهم المعنيين المباشرين بوضع خطط التقليص و تقديمها لإدارتهم،  ومكلّفون كذلك بأدارة أزمة "الانروا" مع الأهالي و الفصائل بشكل مباشر، فيقومون بتشتيت الأهالي بين النفي و التأكيد و تسريب الأخبار و دس النبض، في وقت تتجنب فيه اللجان الشعبية التابعة للفصائل الفلسطينية، أداء دورها في تحمل عبء هذا القرارعن الأهالي، إمّا عن سبق أصرار وإمّا عن جهل.

قرار مخفيّ.. و بالتواطؤ !
يوم 21 من آذار الفائت، عقد  كلاوديو كوردوني، مديرعام وكالة " الأونروا" في لبنان، اجتماعاً مع ممثلين عن الفصائل الفلسطينية، وجرى خلاله إعلامهم بقرارات تقليص خدمات الوكالة، لاسيما ضمن قطاعي الصحة والتعليم.

تلى ذلك الاجتماع، دعوة من قبل وكالة  "الأونروا"،لاجتماع  تشاوري عُقدَ يوم 23 من شهر نيسان الفائت،  ليس للفصائل واللجان الشعبيّة الذين تصنّفهم الوكالة كـ"مجتمع محلّي"، إنّما دعت عليه على غير عادتها، عدداً من مؤسسات المجتمع المدني .

 الجدير بالذكر، أنّ تلك المؤسسات المدنيّة المدعوّة، قد طلبت بأن يبقى ذلك الاجتماع سرّياً وغير معلن، بعد أن أعلمهم مدير عام الوكالة كلاوديو كوردوني، بقرار إغلاق عدد من مدارس الوكالة في التجمعات الفلسطينية في منطقة صور، وهي: تجمع المعشوق و عدلون و أنصارية و الغازية و الشبريحا،  بالإضافة الى إغلاق و تقليص دوام العيادات الموجودة هناك.

ووفق مصادر من داخل الاجتماع، فإنّ طلب المؤسسات، جاء بسبب تخوّفها من ظهورها بمظهر المتواطئة مع "الأونروا" لتمرير سياسة التقليصات الصارمة التي ستطال تجمعات صور، وتشير المصادر، بأنّه  أنّه لم يسجّل  أي اعتراض  من قبل تلك المؤسسات، سوى من بعض الأفراد. 

أهالي التجمعات في مواجهة القرار
ترفض اللجان الشعبية في تجمعات صور، ومنها لجنة تجمّع المعشوق تصديق القرارعلى اعتباره غير رسمي حتى اللحظة، بل و تنتقد التحركات التي نظمها أهالي المعشوق لمواجهة القرار، مصرة على عدم شرعية أي تحرك الّا اذا تمّ ضمن إطارها أو بالتنسيق معها.

 وما يشكّل مفارقة، أنّ اللجان كانت قد طالبت الأهالي بالمشاركة في اعتصام جرى الإعلان عنه يوم 23 من شهرأيّار/ مايو الجاري، إلا أنها لم تشارك، بل انقلب موقفها عقب الدعوة بساعات، ومارست ضغطها على "الأونروا" كي لا تسمح بمشاركة طلّاب مدرسة الطنطورة المهددة بالدمج، في محاولة لإفشال التحرك الشعبي، وذلك بدفع من التنافسات الفصائليّة الضيّقة، بعيداً عن الهدف الأوّل والعام وهو عدم إغلاق المدرسة، وفق ما يؤكده الأهالي.

نزهة الروبي ناشطة في تجمع المعشوق، و مؤسسة مركز "نور" الثقافي،  إحدى الأوائل الذين التفتوا لموضوع المدرسة، و بدأت بالتواصل مع الأهالي و الاعداد للاعتصام الأول، تقول:  "إنّ هذا القرار قديم وتم الغاءه سابقاً، بسبب تعرّض عدد من التلاميذ للدهس وهم  في طريقهم الى مدارس المخيمات المجاورة" وتضيف : " اعادة فتح ملف اغلاق المدرسة يعني رفع يد الأونروا عن التجمع و تركه لمصير مجهول ".

وضمن خطوات مواجهة القرار تقول نزهة،  "لقد قمنا بتوقيع عريضة من معظم أهالي تجمع المعشوق مع مشاركة مختار منطقة المعشوق، رفضاً لهذا القرار، وتم  تسليمها للانروا التي ردت بدورها أنّ اغلاق المدرسة قرار لا يزال تحت النقاش و لم يحسم".

مخاطر قد تطال التلاميذ إثر القرار 
وحول مخاطر تنفيذ القرار على التلاميذ، تؤكد نزهة "أنّه بانضمام تلاميذ مدرسة الطنطورة البالغ عددهم     165 تلميذاً لمدارس المخيمات المجاورة، سيزداد الاكتظاظ الحاصل أصلاً، و بالتالي ستتدنى جودة التعليم أكثر،بالاضافة الى خطر السير على الطرقات و ما يتبعه من مخاطر تحرش أو استغلال للتلاميذ الذين هم في المرحلة الابتدائيّة".

أم حسام عوض، و هي أم لأربعة تلاميذ، ستختار إيقاف أولادها عن التعليم، وفق ما أكّدت، وتضيف " في ظل أزمتنا المعيشيّة، سأوقف أولادي عن الدراسة و أرسلهم الى سوق عمالة الأطفال، لأننا لا نستطيع تأمين أجرة نقليات شهرية لارسالهم للمدارس المجاورة، ولا أستطيع أن أخاطر بهم للتوجه سيراً وحدهم الى المدارس البعيدة".

 وتؤكد أم حسام أنّها ستكون من أوائل المشاركين في أيّ اعتصام او تحرك، يوقف القرار، الذي من شأنه المس بمصلحة أطفالها، وحرمانهم من مدارسهم.

وفي نفس السياق أمين سراللجنة الشعبية في تجّمع المعشوق اياد ابو العينين، أكد في اتصال معنا على أنّ "الأونروا" قد نفت هذا القرار وعليه لم تتحرك اللجنة الشعبية الى الآن و" نطمئن اهلنا في المعشوق حول مصير المدرسة و في حال صدور قرار رسمي في الاغلاق سنتحرك كلجان شعبية  لنكون مع أهلنا في تحركاتهم"
الأونروا ترفض التعليق

و في إتصال لنا مع مدير التعليم في الوكالة سالم ديب، رفض بدوره التعليق على الموضوع، مؤكدا أنّ بياناً رسمياً سيصدر في الأيام المقبلة، يوضّح عموم القضية، كما رفضت ادارة التعليم في منطقة صور التعليق على الموضوع بصفتها إدارة  منطقة، ومعنية باقتراح وتنفيذ التقليصات، وتنتظر إعلاناً عاماً من "الاونروا".

ووفق ما يؤشر المناخ العام، تتزايد تخوّفات اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً في تلك التجمّعات، مما يعتبرونه تواطؤاً كبيراً عليهم من قبل " الأونروا" ومؤسسات المجتمع المدني، لتمرير التقليصات، الّا أنّ الأخيرة تحاول النأي بنفسها عن أيّ زجّ لها بهذا الأمر، الّا أنّه لا بيان رسميّاً صدر عنها حتّى اللحظة، خصوصاً من قبل المشاركين في الاجتماع آنف الذكر.

إلى ذلك، يعيش ألأهالي في حالة ترقب و قلق، حيث يعتبر كثيرٌ منهم،  تكتم الوكالة  عن القرار  برغم تسريبها هي نفسها له، تلاعباً بقدرة اللاجئين على التحمل، معتمدة سياسة دس النبض عبر موظفي المناطق و الأقسام الذين بدورهم يصطفون أولاً وأخيراً مع "الاونروا" كونهم موظفين فيها.

ويعزز قلق الأهالي، غياب مرجعية موحدة تقف مع اللاجئين، و تنظم هذه الفوضى أو على الأقل لتتصدى لـ"سياسة المراوغة" التي تتبهعا  " الأونروا" في هذا الصدد، التي لا تقلل الّا من كرامة اللاجئ في النهاية، معاكسة شعار " الكرامة لا تقدّر بثمن"  الذي رفعته الوكالة نفسها، وفق ما يُجمع كثيرون.
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد