لبنان
زينب زيّون
"قرّر أن تتعالج وستجد من يُنجدك" عبارة قالها لي أحد الشبان الفلسطينيين الذين وقعوا ضحية الإدمان، خلال مقابلة سبق أن أجريتها معه، في الحادي عشر من شهر شباط/فبراير 2018، داخل مركز "إنسان"، الكائن في مخيّم برج البراجنة بالعاصمة اللبنانية بيروت، المكان الذي لجأ إليه ابن السادسة والثلاثين، واضعاً نصب عينيه هدفَ التخلّص من الإدمان ومزاولة حياة طبيعية بعيدة عن المخدرات وما يتبعها من عواقب.
حياة طبيعية خالية من المخدرات
قابلتُ هاني عوض بعد مضي حوالي سنة على علاجه، ولكن هذه المرّة داخل محل في مخيّم برج البراجنة، يحمل اسم TIGER، استأجره له مدير "مركز إنسان" نمر النمر، جهّزه واشترى له مكنة "إكسبرس".
وفي حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أعرب هاني عن مدى فرحه، فهو لم يكن يتوقّع يوماً، أن يُشفى من آفة المخدرات التي أفسدت حياته.
"حشيشة الكيف" والسجن لمدّة 10 سنوات
كان هاني صغيراً عندما ترك وعائلته مخيّم شاتيلا ببيروت، مكان ولادته، سافروا إلى ليبيا حيث أنهى دراسته وتخرّج من معهد الفنون، بعد حصوله على شهادة النجاح، قرر هاني العودة، بمفرده إلى لبنان، قاصداً مخيّم عين الحلوة مكاناً يعيش فيه، وفي ذلك الوقت كان هاني يتعاطى "حشيشة الكيف".
ففي العام 2005 طُلِب هاني للأجهزة الأمنية اللبنانية بتهمة الإتجار، وبقيَ داخل مخيم عين الحلوة حتى تمّ إلقاء القبض عليه، بعد عامين، وحكم عليه بالسَّجن لمدّة خمس سنوات، ليعود ويُلقى القبض عليه بالتهمة نفسها ويُسجن لمدة خمس سنوات أخرى، بحسب ما روى لنا.
خرج هاني من السجن عام 2017، في تلك الفترة كان قد أقلع عن تعاطي "حشيشة الكيف" ليتورّط بنوع آخر، وهو الهيروين. وعن الأسباب التي تدفع بالشاب لسلك طريق المخدرات، يقول هاني: "أسباب كثيرة يمكن أن تدفع بالشاب لتعاطي المخدرات، فمن المشاكل الأسريّة ورفاق السوء وفضول الاستكشاف، إلى الأوضاع المعيشية السيئة والفقر والبطالة والحرمان، ومن غياب الوعي الكافي لدى الأهل إلى غياب دور المؤسسات والمعنيين بتوعية الأطفال والشباب وتحذيرهم من خطورة هذه المواد المُخدّرة".
"أن تشعر بالألم فأنتَ حي.. وأن تشعر بألم الآخرين فأنتَ إنسان"
وصل هاني إلى حالة بات يُرثى لها، فبعد أن ساءت حالته وتدهور وضعه، حاول بمفرده أن يُشفى من التعاطي، لكنّه فشل.
يروي هاني أنّه التقى أحد المسنين في مخيّم عين الحلوة، وبعد حديث مطوّل جرى بين الطرفين، استطاع الرجل إقناع هاني بالابتعاد عن الطريق الخطأ الذي سلكه، وأرشده إلى مركز إنسان، بعد التواصل مع مدير المركز الذي رحّب بالفكرة لأنّ هاني كان ينوي بالفعل التخلّص من مرضه.
كانت المرحلة الأولى من العلاج صعبة جداً، بحسب ما وصف هاني، بعد ذلك بدأ العمل في الورشة الحرفية الموجودة داخل المركز.
يشير هاني إلى أنّه "هنا بدأتُ أشعر بالنظام وأهمية الوقت، وبدأتُ أشعر بالسعادة والفخر عندما أنجزتُ عملاً من صنع يديّ، عندما لوّثتُ ثيابي، وعندما شعرتُ بالتعب".
"لا يستطيع الإنسان تغيير نفسه بدون ألم، فهو الرُخام وهو نفسه النحات"
بعد علاج استمر حوالي السنة، صار هاني يتجهّز نفسياً للخروج من المركز، بغية الانخراط مع أفراد المجتمع مجدداً وتحقيق أهدافٍ لطالما رسمها في مخيّلته طيلة فترة علاجه التي قضاها داخل المركز.
واختتم هاني حديثه قائلاً "قرر أن تتعالج وستجد من يُنجدك، جملة قالها لي نمر في أوّل لقاء جمعني به، وأنا أقولها لكل شاب وقع ضحية المخدرات والإدمان، فلا تستسلموا بل أقلعوا عن هذه الآفة الخطيرة، واستخرجوا العِبر من تجربتي، واسلكوا طريق الشفاء".
يُذكر أنّ فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" سبق أن التقى عدداً من ضحايا الإدمان، الذين سلكوا طريق العلاج في مركز "إنسان"، وأعد تقريراً بعنوان: "بعض ضحايا الإدمان في مخيّمات لبنان يروون تجارب انتصارهم على المخدرات".
زينب زيّون
"قرّر أن تتعالج وستجد من يُنجدك" عبارة قالها لي أحد الشبان الفلسطينيين الذين وقعوا ضحية الإدمان، خلال مقابلة سبق أن أجريتها معه، في الحادي عشر من شهر شباط/فبراير 2018، داخل مركز "إنسان"، الكائن في مخيّم برج البراجنة بالعاصمة اللبنانية بيروت، المكان الذي لجأ إليه ابن السادسة والثلاثين، واضعاً نصب عينيه هدفَ التخلّص من الإدمان ومزاولة حياة طبيعية بعيدة عن المخدرات وما يتبعها من عواقب.
حياة طبيعية خالية من المخدرات
قابلتُ هاني عوض بعد مضي حوالي سنة على علاجه، ولكن هذه المرّة داخل محل في مخيّم برج البراجنة، يحمل اسم TIGER، استأجره له مدير "مركز إنسان" نمر النمر، جهّزه واشترى له مكنة "إكسبرس".
وفي حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أعرب هاني عن مدى فرحه، فهو لم يكن يتوقّع يوماً، أن يُشفى من آفة المخدرات التي أفسدت حياته.
"حشيشة الكيف" والسجن لمدّة 10 سنوات
كان هاني صغيراً عندما ترك وعائلته مخيّم شاتيلا ببيروت، مكان ولادته، سافروا إلى ليبيا حيث أنهى دراسته وتخرّج من معهد الفنون، بعد حصوله على شهادة النجاح، قرر هاني العودة، بمفرده إلى لبنان، قاصداً مخيّم عين الحلوة مكاناً يعيش فيه، وفي ذلك الوقت كان هاني يتعاطى "حشيشة الكيف".
ففي العام 2005 طُلِب هاني للأجهزة الأمنية اللبنانية بتهمة الإتجار، وبقيَ داخل مخيم عين الحلوة حتى تمّ إلقاء القبض عليه، بعد عامين، وحكم عليه بالسَّجن لمدّة خمس سنوات، ليعود ويُلقى القبض عليه بالتهمة نفسها ويُسجن لمدة خمس سنوات أخرى، بحسب ما روى لنا.
خرج هاني من السجن عام 2017، في تلك الفترة كان قد أقلع عن تعاطي "حشيشة الكيف" ليتورّط بنوع آخر، وهو الهيروين. وعن الأسباب التي تدفع بالشاب لسلك طريق المخدرات، يقول هاني: "أسباب كثيرة يمكن أن تدفع بالشاب لتعاطي المخدرات، فمن المشاكل الأسريّة ورفاق السوء وفضول الاستكشاف، إلى الأوضاع المعيشية السيئة والفقر والبطالة والحرمان، ومن غياب الوعي الكافي لدى الأهل إلى غياب دور المؤسسات والمعنيين بتوعية الأطفال والشباب وتحذيرهم من خطورة هذه المواد المُخدّرة".
"أن تشعر بالألم فأنتَ حي.. وأن تشعر بألم الآخرين فأنتَ إنسان"
وصل هاني إلى حالة بات يُرثى لها، فبعد أن ساءت حالته وتدهور وضعه، حاول بمفرده أن يُشفى من التعاطي، لكنّه فشل.
يروي هاني أنّه التقى أحد المسنين في مخيّم عين الحلوة، وبعد حديث مطوّل جرى بين الطرفين، استطاع الرجل إقناع هاني بالابتعاد عن الطريق الخطأ الذي سلكه، وأرشده إلى مركز إنسان، بعد التواصل مع مدير المركز الذي رحّب بالفكرة لأنّ هاني كان ينوي بالفعل التخلّص من مرضه.
كانت المرحلة الأولى من العلاج صعبة جداً، بحسب ما وصف هاني، بعد ذلك بدأ العمل في الورشة الحرفية الموجودة داخل المركز.
يشير هاني إلى أنّه "هنا بدأتُ أشعر بالنظام وأهمية الوقت، وبدأتُ أشعر بالسعادة والفخر عندما أنجزتُ عملاً من صنع يديّ، عندما لوّثتُ ثيابي، وعندما شعرتُ بالتعب".
"لا يستطيع الإنسان تغيير نفسه بدون ألم، فهو الرُخام وهو نفسه النحات"
بعد علاج استمر حوالي السنة، صار هاني يتجهّز نفسياً للخروج من المركز، بغية الانخراط مع أفراد المجتمع مجدداً وتحقيق أهدافٍ لطالما رسمها في مخيّلته طيلة فترة علاجه التي قضاها داخل المركز.
واختتم هاني حديثه قائلاً "قرر أن تتعالج وستجد من يُنجدك، جملة قالها لي نمر في أوّل لقاء جمعني به، وأنا أقولها لكل شاب وقع ضحية المخدرات والإدمان، فلا تستسلموا بل أقلعوا عن هذه الآفة الخطيرة، واستخرجوا العِبر من تجربتي، واسلكوا طريق الشفاء".
يُذكر أنّ فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" سبق أن التقى عدداً من ضحايا الإدمان، الذين سلكوا طريق العلاج في مركز "إنسان"، وأعد تقريراً بعنوان: "بعض ضحايا الإدمان في مخيّمات لبنان يروون تجارب انتصارهم على المخدرات".
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين