لبنان

نشوى حمّاد

الموت صعقاً بات شبح يهدد حياة اللاجئين الفلسطينيين في مخيّم برج البراجنة في العاصمة اللبنانيّة بيروت، دون ظهور حل ناجح ونهائي لأزمة تمديدات الكهرباء العشوائية والمتشابكة مع مواسير المياه، اذ توفي يوم أمس الاثنين 24 أيلول/ سبتمبر، الفلسطيني علي البدوي، (62 ربيعاً)، إثر تعرضه لصعقة كهربائيّة نتيجة الأسلاك العشوائيّة على سطح منزله.

أثارت هذه الحادثة مشاعر الغضب والريبة لدى أهالي المخيّم، وكأنها نذير بالأسوء،  حيث كان قد توفي قبل ذلك بيوم واحد شاب نتيجة صعقة من أسلاك الكهرباء الممتدة بشكل عشوائي.

حادثتان خلفتا غضباً واستهجاناً واسعين من قبل اللاجئين الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معبرين عن الألم الذي يخلفه هكذا نوع من الحوادث في نفوسهم بينما "المشكلة بسيطة يمكن حلها فقط بإرادة جدية من قبل اللجان الشعبية العاملة في المخيم عبر تحسين شبكة الكهرباء وتصليح تمديدياتها" متسائلين هل حكم على أهالي المخيم بالإعدام بهذه الطريقة المرّة، مطلقين صرخاتهم بأن "هل من منقذ للاجئين باتوا ينتظرون تحقيق حلمهم في العودة على وقع صعقات الكهرباء" .

ما هو تاريخ أزمة الكهرباء في مخيّم برج البراجنة؟

يعاني مخيّم برج البراجنة من وضع عشوائي يفتقر لمعايير التنظيم أو التأهيل، وبعد تزايد عدد القانطين فيه، زادت نسبة استهلاك الكهرباء اذ فاقت قدرة المحطات الثالثة الموجودة داخل المخيّم، ولأن المراقبة غائبة، عمد الأهالي إلى مد أسلاك وتوصيلات بشكل عشوائي للحصول على الكهرباء، في حين أدى ذلك إلى الكثير من الحرائق في محطات الكهرباء، بسبب الحمولة الزائدة، أما بما يخص الأسلاك الكهربائية الممدودة عشوائياً وعلى علو منخفض قريب من روؤس المارة -بشكل غير قانوني-  فقد شكلت حبل إعدام للكثير من الأهالي وعرضت آخرين للإصابات البالغة، خاصة بعد تداخل معظمها مع مواسير المياه ما نتج عنها "مواسير مكهربة وقاتلة".

 متنفس أمل أخير 

برزت في السنوات الأخيرة مجموعة شباب نشطاء من أهالي المخيّم، عملوا على تشكيل مجموعات أهلية، تنوعت في أسمائها وخدماتها، بهدف تعويض غياب دور المعنيين، وتحسين الأوضاع في المخيّم.

"اللقاء الموسع" هي إحدى تلك المجموعات الأهليّة التي بدأت نشاطها بمساعي من أهالي المخيّم، اذ باشروا منذ نحو شهرين العمل على تنظيم الشبكة الكهربائيّة في حي الوزان بالمخيّم، عبر رفع الأسلاك بحمالات خاصة، وفصلها عن مواسير المياه، وجاء هذا بتمويل ياباني.

أحد المتطوعيين في "اللقاء الموسع"، بديع الهابط، أشار لموقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ المشروع الذي بدؤوا فيه لتنظيم شبكة حي الوزان، لا يشكل الحل الجذري لمشكلة الكهرباء في المخيم، هو فقط سيرفع الخطر عن الأهالي بنسبة 60%، وهذه النسبة ستشهد تراجعاً مع الوقت، نظراً لتزايد استهلاك الكهرباء وتفرع الأسلاك عشوائياً، خاصة في ظل غياب مرجعيّة موحدة تشرف وتراقب داخل المخيّم.

وأشار الهابط إلى أنّ الحل الوحيد لهذه الشبكة يكمن في الشروع بورشة عمل عامة تشمل إعادة تاهيل كل الشبكات الكهربائية في أحياء المخيّم وتنظيمها من جديد، وفق خطة مدروسة تراعي تزايد عدد السكان في المخيّم وازدياد حاجتهم للتيار الكهربائي.

وأضاف مؤكداً، أن كل المساعي للنهوض في المخيّم ولحل أي مشكلة يحتاج إلى تشكيل لجنة شعبية موحدة –(يتضمن المخيّم لجنتين شعبتين، لجنة التحالف المشرفة على قطاع الخدمات في المخيّم ولجنة منظمة التحرير وهي الممثل الرسمي للمخيّم أمام السلطة اللبنانية) – وتابع الهابط : " يجب أن يتم تشكيل لجنة عبر انتخابات أهليّة تضم بين أعضائها عدداً من الممثلين عن الفصائل وعدداً من أهالي المخيّم، تحديداً شبابه ذو الخبرة والنشاط والمختصين في الملفات الخدماتيّة، مما يطور المخيّم ويرتقي به نحو الأفضل.


نحن لسنا أرقاماً، فهل نبحث عن الحياة في المهجر ؟ 

الخطر هذا ليس حكراً على حياة أهالي مخيّم برج البراجنة فقط، فلقد سُجل منذ سنوات، عشرات الحالات التي أزهقت أروحها صعقاً داخل مختلف المخيّمات الفلسطينية في لبنان، إضافة إلى تسجيل العديد من الإصابات . 

 كانت أولى الضحايا، الشابة فاطمة الدبدوب، والتي توفيت عن عمر 24 عاماً خلال تعرضها للصعقة الكهربائية عام 1980 في مخيّم شاتيلا في العاصمة اللبنانيّة بيروت، وبعدها بدأت الكهرباء تخطف المزيد من الأرواح من كبار وصغار في صفوف اللاجئين.

بدوره، أحد النشطاء في مخيّم برج البراجنة، وائل فتح الله، قال : "إن المخيّم لم يعد أصل الحكاية، بل أصبح موطناً للشعارات، بحسب رأيه، مشيراً إلى أن الحياة داخل المخيّم أصبحت مفعمة بالموت"

فحالة اليأس من حدوث التغيير باتت تنهش في آمال أهالي المخيّمات، وتحثهم نحو حفر خنادق وشق طرقات للهروب إلى مكان يضمن لهم العيش بعيداً عن الخطر، هذا ما أشار أليه فتح الله بروح من الآسف على الواقع الذي بات خالي من أي حقوق بسيطة للفلسطينيين.

تتعدد المخيّمات والموت واحد

يفرض الواقع نفسه أحياناً، ويجبر المرء على التعامل مع الظروف، فاللاجئ الفلسطيني أمجد البدوي، نزح مع عائلته من مخيّم اليرموك، واستقر في مخيّم برج البراجنة، حيث أصبح هذا المخيّم ملجأه الوحيد لحين عودته إلى سوريا.

يقول البدوي، لموقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" : " إنّ شعور الخوف على أرواح أبنائنا وأرواحهم لا يزول، فالحياة في المخيّم كالقنبلة الموقوته، وتلك الشبكة الممتدة على مد النظر وفوق الرؤوس مباشرة تنذر بمصير مرعب"، مشيراً إلى ما يشكله فصل الشتاء من خطر،  ففي السنة الماضية تعرض عدد من الأطفال لخطر الموت خلال توجهم نحو مدرستهم، -حدث ذلك خلال مرورهم داخل زاروبة في المخيّم كانت أرضها مكهربة نتيجة الإمدادات العشوائية للأسلاك ونزول مياه الأمطار عليها" 

اللاجئ الفلسطيني طالب المعنيين بالتحرك لرفع الأسلاك وإنقاذ الأرواح قبل أن يبدأ الشتاء لأن أغلب هذه الأسلاك يسقط بفعل الرياح والأمطار على رؤوس المارة في الأزقة.
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد