لبنان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
زينب زيّون
عمالة الأطفال، ظاهرة سلبيّة مؤلمة، تطفوا على سطح واقع مخيّمات اللجوء في لبنان، إلى جانب ظواهر أخرى، لكن لعمالة الأطفال قسوة أكبر، لما لها من آثار تُبقي ندوباً عميقة في جسد المجتمع في حاضره، وتستمر معه في مستقبله بفعل آثارها النفسيّة والجسديّة على الأطفال، الذين يمثّلون المستقبل المرتقب.
ظاهرة تتكثّف في مخيّمات اللجوء في لبنان، فللإستغلال هنا أشكاله المتعدّدة، منها تشغيل وتسخير الأطفال بعمل غير مؤهلين للقيام به، من الناحية الجسديّة أو النفسية. وعلى الرّغم من أنّ الكثير من الإتفاقيات الدولية تُجرم الاستغلال الاقتصادي للأطفال، نرى المخيّمات الفلسطينية في لبنان مليئةً بالأطفال المرغمون على العمل لمساعدة عائلاتهم في تأمين لقمة العيش.
"عمالة الأطفال هي الأعمال التي تضع أعباءً ثقيلة على الأطفال وتُهدّد صحتهم وسلامتهم ورفاهيهم، أي الأعمال التي يُستغل بها ضعف الأطفال وعدم مقدرتهم على الدفاع عن حقوقهم، والأعمال التي تعيق تعليم الأطفال وتُدمّر مستقبلهم"، بهذه العبارة عرّفت اتفاقية حقوق الطفل، في مادتها (32-1)، عمالة الأطفال مشيرة إلى الآثار السلبية التي تؤثّر على الطفل، وتدمّر مستقبله.
أحمد علي (11 سنة) يعيش في مخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، ترك المدرسة بسبب الوضع الاقتصادي السيّء للعائلة. يقول لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّه ترك التعليم لعدم حبّه له".
وعن أحلامه وطموحه في الحياة، يجهل أحمد ما يريد، فكل إهتماماته تتجه نحو هدف واحد: العمل وجني المال".
حسن عيسى (13 سنة) من مخيّم شاتيلا، يعمل في محل حلاقة، يقول لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "للمدرسة جمال لا يوصف، كنت أحب المدرسة واللعب مع أصدقائي، كما أحببت الأساتذة الذين كانوا يتعاملون معنا بلطف ومحبّة". وتابع: "تركت المدرسة لأسباب عديدة منها ضيق الأحوال المعيشية، حُرمت من حقي الطبيعي في العلم واللعب، بعدما دخلت سوق العمل لكسب القليل من المال".
فالفقر وأوضاع اللاجئين في مخيّمات لبنان، أسباباً أساسيةً تدفع بالأطفال لترك مقاعد الدراسة، باحثين عن فرص عمل في ورشات الحدادة والنجارة وسواها من الأعمال الشاقة لا تحتملها نعومة أظافرهم ولا أجسادهم.
موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" جال في أزقة مخيّم شاتيلا، راصداً أطفالاً يجرون العربات، ينادون بأصواتهم الناعمة لجلب الزبائن نحو بضائعهم.
كريم حمّادي، طفل نزح من سوريا بسبب الحرب الدائرة هناك، يساعد والده في العمل على بسطة خضار في المخيّم، لمساعدته في إعالة الأسرة. فكريم ترك مقاعد الدراسة، لعدم قدرة والده على دفع مستلزمات تسجيله في المدرسة.
يعمل كريم على "البسطة" حتى ساعات المساء، يقول: "أشعر كثيراً بالتعب أثناء العمل، أودّ العودة إلى المدرسة لمتابعة دراستي، والّعب مع أصدقائي بدلاً من الوقوف في أزقة المخيّم بانتظار زبون يشتري الخضار".
"سوق العمل يسرق أحلام الأطفال في المخيّمات"، جملة ابتدأت بها صفاء عثمان، مديرة مركز الولاء للطفولة في مخيّم شاتيلا، حيثها، شارحةً ما للعمالة من تأثير على حياة الأطفال.
وبالنسبة للآثار السلبية الناتجة عن عمالة الأطفال، قالت عثمان: "حرمان الأطفال من الحصول على التعليم، أولى الآثار السلبية التي تهدد مستقبلهم، ناهيك عن ظروف العمل الصعبة التي لا تتناسب مع الحالة النفسية، والجسدية، والعقلية للطفل، بالإضافة إلى حرمانهم من التمتع بطفولتهم كسواهم من الأطفال".
وتابعت عثمان "والجدير بالذكر تلك الإصابات الخطيرة التي قد تنتج عن العمل، مثل المخاطر التي قد تصيب طفل يعمل عند حداد أو نجار. فالأوضاع المعيشية الصعبة التي رافقت حياة الفلسطيني في مخيّمات لبنان، دفعت بالأهالي للجوء إلى توفير عمل لأطفالهم، بغية التغلب على صعاب الحياة".
يميل الطفل في المخيّمات لممارسة العنف، ذلك بسبب إحساسه بالقهر، الكفيل بجعله عدواني، على حدّ قولها.
وأشارت عثمان إلى "سياسة التجهيل، تلك السياسة التي تخدم العدو، والتي تُمارس بحق الشعب الفلسطيني، بغية القضاء على فرصة إيجاد جيل مثقف، متعلّم، قادر على التخطيط من أجل مستقبل مشرق".
ورأت عثمان أنّه "هنا يكمن دور المؤسسات، التي يتوجّب عليها رعاية الطفل وتوعيته واقتلاعه من أزقة المخيّم وإبعاده عن الآفات التي قد يتعرض لها، كاللجوء للمخدرات أو السرقة و سواها.
شاهد الفيديو►