الوليد يحيى - سوريا
 

واقع قوامه النزوح والفقر والبطالة، يسجن حياة اللاجئين الفلسطينيين من أبناء مخيّم حندرات بريف مدينة حلب شمالي سوريا، بات يوقع عدداً من الشبّان في شرك التجنّد في مجموعات مسلّحة مواليّة للنظام، أبرزها ما يسمّى " لواء القدس"، والذي يعمل على تجنيدهم وفق خطوات مدروسة ومنظّمة، تبدأ من دعوة الأهالي لتسجيل بياناتهم وتحديثها بين الحين والآخر، لدراسة وضع العائلات وشبّانها،  قبل تقديم العروض التجنيديّة لهم، في عمليّة أشبه بابتزاز الشبّان لمقايضة فقرهم بالتجنيد.

جنّد "لواء القدس" خلال الأشهر الستّة الأخيرة 132 لاجئاً فلسطينياً، من أبناء مخيّم حندرات، وفق ما أفاد مصدر خاص لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، وذلك ضمن حملة لتكثيف التجنيد نظراً للحاجة إلى مقاتلين على جبهات ريف حماة وإدلب، حيث يتولى مهمة تجهيز العناصر وتدريبهم، ضبّاطٌ روس منتدبون لتدريب عناصر اللواء.

لا يقتصر تجنيد الشبّان على اللاجئين الفلسطينيين، أو أبناء مخيّم بعينه، فحجم العنصر الفلسطيني في اللواء الذي يحمل اسم عاصمة فلسطين، لا يتجاوز 15% من عديد الميليشيا المقدّر بـ10 آلاف عنصر وفق المصادر، التي أكّدت استهدافه لأحزمة الفقر، وللمجتمعات الأكثر هشاشة لتجنيد أبنائها، والتي يقع مجتمع مخيّم حندرات المشتت أبناؤه في صلبها، فغالبيّة أبناء المخيّم اليوم، بلا منازل بعد أن دُمّر مخيّمهم، ويبحث شبّانه عن أعمال تدر ما يمكن أن يسد حاجيات الحياة في ظل تفشّي البطالة والفقر، ما يضعهم في دائرة التجنيد، وعرضة لخطواته وآلياته.

الحاج أبو العبد ( اسم مستعار)، لاجئ فلسطيني من أبناء حندرات، آثر على نفسه رغم أوضاعه المعيشيّة القاسيّة، نقل مكان سكنه هو وأسرته من مدينة حلب إلى دمشق، لحماية ابنه البالغ من العمر 17 عاماً من "غوايات التجنيد"، وهو الابن الوحيد المتبقّي له بعد هجرة ابنه الأكبر من البلاد باتجاه أوروبا قبل 6 سنوات، وفق ما قال لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

يقول أبو العبد: إنّ الواقع في مدينة حلب لم يعد يصلح للعيش لأبناء مخيّم حندرات المنكوب، فبالإضافة للفقر المعيشي، " يهدد أولادنا التجنيد في صفوف المجموعات العسكرية التي تزج بهم في حرب لم تنته على أكثر من جبهة في سوريا".

يشرح أبو العبد ما جرى مع ابنه، ودفعه للابتعاد عن حلب ويقول :" كل ستة أو سبعة أشهر، تنادي مجموعة لواء القدس على أهالي مخيّم حندرات لتسجيل بياناتهم في مقرّها بالمخيّم، ويشمل التسجيل، الأسماء وعناوين السكن لمن يسكنون خارج المخيّم، وأرقام الهواتف بالإضافة للواقع المعيشي ومصادر الدخل، وعدد الأولاد في كل أسرة وأعمارهم".

ويضيف، بأنّ ما تعلنه مجموعة "لواء القدس" للناس، هو أنّ تلك البيانات تساعدهم على تحديد الشرائح الأكثر حاجة للمساعدات لتقديمها لهم، في حين أنّه بعد كل تسجيل، تبدأ الاستدعاءات للشبّان الأكثر فقراً ومن تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 25 عاماً، لتقديم عروض التجنيد لهم، والتي تتضمّن راتباً شهرياً وسلاحاً، وهي أمور مغرية للشبّان في ظل واقع الفقر والبطالة، وهو ما حصل مع ابنه وفق ما يؤكّد أبو العبد.

ويشير أبو العبد، إلى أنّه فضّل الانتقال إلى دمشق ليبتعد عن مراكز قوّة تلك المجموعة، التي تتركزّ في مدينة حلب ومخيّماتها، ولم تكف عن اتصالاتها بابنه طوال أشهر، وذلك بعد أن درس واقعه المعيشي، وتبيّن معه أنّه لن ينقل معه سوى فقره، فهو الآن يقيم عند أحد أقاربه في حي  بستان الدور العشوائي بدمشق، إلى أن يجد بيتاً يؤويه هو وزوجته وابنه، يدفع أجرته من معونة " اونروا" الماليّة التي تعتبر مصدر دخله الوحيد.

الجدير بالذكر، أنّ النازحين عن المخيّم، يضطّرون لدفع إيجارات منازلهم من مصدر دخلهم الوحيد، وهو المعونات الماليّة التي تقدّمها وكالة "أونروا" للاجئين الفلسطينيين في سوريا كل 3 أشهر، في حين تتجاهل الوكالة مطالب أهالي حندرات، بتوفير بدل إيجار لهم إلى حين إعادتهم إلى منازلهم، وهو العامل الأبرز في تدهور واقعهم المعيشي.

ويقبع المخيّم تحت سلطة "لواء القدس" وجيش النظام السوري، منذ أن أعلن الأخير استعادة السيطرة على منطقة حندرات ومخيّمها في أيلول/ سبتمبر 2016، ومنذ ذلك الحين لم يطرأ أيّ تحسّن يذكر، حيث ما تزال غالبيّة الأهالي تعيش نزوحاً في مناطق الجوار ومدينة حلب،  بسبب الدمار الكبير الذي طال قرابة 90% من منازلهم  وممتلكاتهم، وجعلها غير صالحة للسكن.

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد