توجهت الأنظار جميعها، اليوم الثلاثاء، إلى مؤتمر "التعهدات المستمرة للدول المانحة" الذي عقد في مدينة نيويورك الأمريكية في سبيل إيجاد حلول للأزمة المالية التي تعاني منها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خلال العام الحالي.
لكن، وكما كان متوقعاً، فقد أتت النتائج مخيبة للآمال.
استطاع المؤتمر جمع 130 مليون دولار فقط على شكل تعهدات وليس مبالغ نقدية، من أصل عجز مالي للعام الحالي يصل إلى 400 مليون دولار.
وتكمن الخطورة في أن تداعيات كارثية ستطال مرافق حيوية متعلقة بالخدمات التي تقدمها "أونروا"، في مناطق عملياتها الخمسة، في حال لم يتم الاستدراك السريع ودفع المبالغ المطلوبة.
لازاريني: لا نعرف إذا ما كانت عملياتنا ستستمر حتى نهاية 2020
وخلال كلمته في المؤتمر، حذر المفوض العام لـ "أونروا"، فيليب لازاريني، من أن الفجوة التمويلية الرئيسة لعام 2020 تقف عند مستوى 400 مليون دولار، مشدداً "إننا لا نزال في الظلام ولا نعرف إذا ما كانت عملياتنا ستستمر حتى نهاية العام".
وأشار إلى أنه سنة بعد أخرى، وشهراً بعد آخر، فإن "أونروا" على حافة انهيار مالي وتدفق نقدي على حد سواء، مؤكداً: "إن هذا لا يمكن له أن يستمر".
وأوضح: "إننا ندخل في فترة من انعدام يقين متجدد جراء التهديد بضم الضفة الغربية والقدس الشرقية، وجراء أسوأ هبوط اقتصادي في تاريخ لبنان الحديث والنزاع الذي لا ينتهي في سوريا".
وأضاف: "ومن بين التهديدات الجديدة تبرز جائحة كوفيد-19. فبعد التفشي الصحي، نواجه الآن جائحة الفقر المدقع. إن الغضب واليأس وفقدان الأمل تنمو في أوساط مجتمع لاجئي فلسطين. وهم إما يقومون باللجوء إلينا للمزيد من المساعدة أو يطلبون أن يتم إلغاء تسجيلهم بهدف تجربة حظهم بشكل أفضل من خلال طرق الهجرة القاتلة".
وأكد أن الوكالة هي "المزود الرئيس لخدمات شبه حكومية لما مجموعه 5,6 مليون لاجئ من فلسطين".
وشدد لازاريني أن "التحدي الأعظم" هو الاستقرار المالي، ذاكراً أن الوكالة تعمل بطاقتها الكاملة وبموارد غير كافية.
وأوضح: "على مدار السنوات الخمس الماضية أدت تخفيضات عميقة على الموازنة إلى تحقيق وفورات بلغت قيمتها 500 مليون دولار. إلا أنه وحتى الوفورات لها كلفة. إن مبانينا لم تعد تتلقى الصيانة بشكل مناسب. ونظامنا لتكنولوجيا المعلومات أصبح قديما في الوقت الذي ندخل فيه عصر التحول الرقمي".
وتابع: "على أرض الواقع، لم يبق لدينا ما نقوم بتخفيضه بدون التأثير على مجال ونوعية الخدمات. وفي حين أن المزيد من خفض التكاليف ليس خياراً، إلا أنني مصمم على قيادة مبادرات إدارية تهدف إلى عرض أعلى معايير الفعالية والمساءلة والشفافية".
الأولويات الأربعة بالنسبة لـ لازاريني
وأوضح لازاريني أن أزمة التدفق المالي والنقدي لدينا يمكن أن تتم معالجتها من خلال ميثاق اجتماعي متبادل بين "أونروا" وبين الدول الأعضاء.
فموازنة الوكالة، وفق لازاريني، يجري إعدادها مسبقاً وهي قابلة للتنبؤ.
ووضع المفوض العام أربع أولويات تتمثل بداية في التزام المشاركين بالمؤتمر بتغطية الفجوة التمويلية في الموازنة الرئيسة الحالية.
الأولوية الثانية تكمن في التزام المانحين برفع تبرعاتهم السنوية والدخول في اتفاقيات متعددة السنوات.
النقطة الثالثة هي سعي "أونروا" وشركائها وراء تنويع قاعدة المانحين بما في ذلك مع المانحين الناشئين ومن خلال الشراكات الخاصة.
وأخيراً، وتماشياً مع برنامج عمل 2030، أن تستكشف "أونروا" وشركاؤها السبل للانتقال من الرفاه إلى التنمية، مع ضمان عدم ترك أي لاجئ من فلسطين متخلفاً عن الركب.
الصفدي: أي تراجع في خدمات الوكالة سيفاقم معاناة اللاجئين
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الذي ترأس المؤتمر، مع وزير التعاون الدولي والتنمية السويدي، بيتر إريكسون، إن "أونروا يجب أن تستمر في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين إلى حين حل قضيتهم بما يضمن حقهم في العودة والتعويض وفق قرارات الشرعية الدولية، وخصوصا القرار 194".
وأوضح الصفدي أن أي تراجع في خدمات الوكالة سيفاقم معاناة الشعب الفلسطيني التي فاقت ما يمكن لأي شعب أن يتحمله.
وشدد: "الآن هو وقت التحرك لدعم "أونروا" التي تقوم بكل ما تستطيعه لضمان الفاعلية والفعالية في أدائها"، محذراً من أن عدم حصول الوكالة على ما تحتاجه من دعم سيحرم الأطفال اللاجئين من حقهم في التعليم والمرضى من حقهم في العلاج.
يذكر أن هذا هو المؤتمر الدولي الرابع الذي تنظمه الأردن والسويد لدعم الوكالة مالياً، إضافة إلى مؤتمرين وزاريين هدفا إلى حشد الدعم السياسي للوكالة وتجديد ولايتها.
ففي عام 2018، جرى سد العجز المالي بالكامل والذي وصل حينها إلى 446 مليون دولار، في حين تم تخفيص العجز المالي للعام الماضي إلى 55 مليون دولار.