نفذت ما تسمى "الهيئة الشبابية الفلسطينية للجوء الإنساني" صباح الأربعاء 29 تموز/ يوليو 2020 اعتصاماً في ساحة عوكر باتجاه السفارة الأمريكية للمطالبة بـ "فتح باب الهجرة للفلسطينيين".
لكن اللافت، أن الاعتصام الذي شارك فيه بضعة أشخاص فقط، ادعى "تمثيل الفلسطينيين في لبنان"، بل وطالب بـ "فتح باب الهجرة وإنقاذ الشعب الفلسطيني من خلال إجراء تعديل إنساني لـ "صفقة القرن" التي يطرحها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عبر توفير اللجوء الإنساني لهم إلى دول الكومنولث وتقديم التعويضات"، زاعماً أن "الشعب الفلسطيني يطالب بإعادة وطن إما القانوني وإما التاريخي".
وما أثار الريبة، أن المتحدث باسم الاعتصام، غير معروف لدى الفلسطينيين حتى يدعي تمثيلهم، كما أن تغطية اعتصام لبضعة أشخاص من كبرى القنوات اللبنانية، بل واستقبال السفارة الأمريكية لمندوب الاعتصام وتسليم الأخير رسالة إلى الولايات المتحدة، كل ذلك أثار تساؤلات من قبل كثير من الفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء.
الحق لا يُستجدى من الذين سلبوه
اعتبر مسؤول الجبهة الشعبية في لبنان، مروان عبدالعال، أن "التحرك لا يمثل إلا جوقة فضائحية هجينة ومفلسة ومضللة، جوقة (البحث عن فضيحة) بقصد الإثارة وليس عن البحث عن حق".
وقال في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إن "الذهاب إلى عوكر (مقر السفارة الأمريكية في لبنان) ، كالمُستَجيرِ مِن الرَّمضاءِ بالنارِ، لأن الحق لا يستجدى من الذين سلبوه سواء كان وطنياً أو إنسانياً أو الذين تسببوا في ضياعه".
وتساءل: "كيف يصبح من ارتكب الظلم التاريخي والبؤس الاجتماعي والحرمان الإنساني للشعب الفلسطيني رمزاً لخلاص هؤلاء؟"، موضحاً أن اللجوء طال جراء دعم الإدارة الأمريكية وصمت وانحياز المجتمع الدولي.
كما أشار عبدالعال إلى أن أزمة "أونروا" ليست طارئة، وإنما هي حلقة في سياق سياسي ممنهج، فتراجع الدعم الامريكي مرتبط بخلق أزمة اقتصادية، بهدف استثمارها سياسياً ووفق استراتيجية لدول متواطئة لتصفية "أنروا" وإلغاء صفة اللاجئ عن فلسطينيي الشتات.
"صفقة القرن" استثمار للحالة الإنسانية المزرية
ولفت عبدالعال إلى أن الشعب الفلسطيني لديه وعي عميق لجذور الصراع عامةً، وقضية اللاجئين الفلسطينيين خصوصاً، ويمتلك الطاقات النضالية الفلسطينية المتمسكة بحق العودة.
وأكد أن "صفقة القرن" ليست إلا استثماراً سياسياً للحالة الإنسانية المزرية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وما يعانيه الشباب من الإحباط نتيجة البطالة والشعور بالقلق والتوتر، ما يؤثر على "إغراق المجتمع الفلسطيني في لبنان بنتائج كارثية كانتشار القيم غير المرغوبة، فضلاً عن ظهور العديد من الأمراض والآفات والظواهر الاجتماعية المرضية، وهذا التحرك الفضائحي أحد مؤشراته"، وفق عبدالعال.
واعتبر أن ما خطط له، وتحديداً في هذه المرحلة، يجري استغلاله ووضعه في سياق يخدم تصفية القضية الفلسطينية وخصوصاً قضية اللاجئين.
وأضاف: "ونأسف من بعض الأطراف اللبنانية التي تنفخ في بوق الفضيحة لتفخيم ثقافة النبذ والكراهية باعتبار طرد الفلسطيني وتهجيره يخدم مصلحة لبنان في وجه خطر التوطين".
وقال: "لطالما مهدت هذه الجوقة صاحبة فضيحة عوكر التشكيك بالواقع السياسي الفلسطيني، ليتم تبرير الخروج عن "الكل الفلسطيني"، مضيفاً أن مصلحة لبنان يتم صونها بالنهج التشاركي اللبناني-الفلسطيني الذي يقطع الطريق على استهدافات "صفقة القرن" المهددة للكيان اللبناني والهوية الفلسطينية.
ما هو الرد الأمثل؟
وفي سياق الرد على هكذا أصوات، قال عبدالعال إن الرد الوطني اليوم يكون بضرورة أن نستعيد مقولة :" الكل الفلسطيني".
واعتبر أن "المنقذ الوحيد هو الحس الجماعي الوطني المتجسد بهذا "الكل الفلسطيني" به نحمي ذاتنا وواقعنا ووجودنا ونصون حقوقنا المختلفة والمتعددة، ببعديها الإنساني والوطني".
وشدد على أن استقبال السفارة الأمريكية للمعتصمين "دليل إضافي يعري هذه الخطوة"، قائلاً: "معتوه أو مشبوه من يعتقد أن أمريكا يمكن أن تكون في صف الحق الفلسطيني وأنها يمكن أن تحفظ حقه ومصالحه".
اليوسف: هذه المجموعة لا تمثل إلا نفسها وتتماهى مع "صفقة القرن"
ذات الموقف اتخذه عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية، صلاح اليوسف، بالقول: إن "هذه المجموعة لا تمثل إلا نفسها و ليس لها أي وجود وحيثية في المخيمات وغير معروفة لدى أبناء شعبنا".
وأكد لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" رفض كل ما جاء في تصريحاتهم أمام السفارة الأمريكية في عوكر، لأنها "تطابق صفقة القرن التي أعدتها الإدارة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية وحق العودة الذي هو أحد أهم الثوابت الوطنية الفلسطينية".
وأشار اليوسف إلى أن الحل الأساسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين يتمثل بتنفيذ القرار الدولي رقم (194)، الذي ينص على حق العودة إلى فلسطين التاريخية والتعويض، وليس إعادة التهجير واللجوء تحت عناوين واهية .
وتابع: "ننظر إلى هذه التحركات المشبوهة بريبة كونها من جهة تتماهى مع المشاريع الصهيوأمريكية التي تستهدف القضية الفلسطينية والمقاومة الوطنية والإسلامية اللبنانية، ومن جهة ثانية تسعى الى زج العنصر الفلسطيني بالتجاذبات والصراعات الداخلية اللبنانية ".
كما ذكر أن "هذه التغطية الإعلامية الكبيرة هي محط شك لدى أغلب أبناء شعبنا وقياداته"، معتبراً أن الرد الشعبي والفصائلي الفلسطيني الطبيعي يكون بعزل هذه المجموعة وفضح نواياها وارتباطاتها، ومنعها من استغلال وتوظيف الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان، وخاصة في هذه الأيام التي يعيش فيها لبنان وضعاً اقتصادياً صعباً إبان أزمة تفشي فيروس "كورونا"