تشهد سوريا يوميّاً معدّل وفيّات يتصاعد تدريجياً، بفايروس "كورونا" وسط تكتّم رسمي عن أسباب الوفيّات، في وقت تؤكّد مصادر محليّة متعددة في البلاد، أنّ المنحنى الوبائي يشهد ارتفاعاً حادّاً بشكل بات ينذر بخطر كبير يصعب تداركه، وأعداد الوفيات باتت ملحوظة في ارتفاعها بكل حي ومدينة سوريّة.
اللاجئون الفلسطينيون يتجنبون التصريح بالمرض!.
وفيما يؤكّد سكّان وناشطون تصاعد معدلات الإصابة والوفيّات بشكل يوصف بالمخيف في معظم المناطق وخصوصاً في دمشق وريفها، يلفت الانتباه، تجنّب أهالي المتوفين التصريح، أنّ السبب يعود للإصابة بالفايروس، بما فيهم اللاجئون الفلسطينيون في مخيماتهم وأماكن تجمّعهم داخل البلاد، إلا أنّ ذلك يعود للإفادات الطبيّة الصادرة عن المستشفيات والتي تعزو أسباب الوفاة إلى عوامل أخرى.
أحد اللاجئين الفلسطينيين من سكان مدينة دمشق طلب عدم الكشف عن اسمه، أكّد وفاة قريب له بعد إصابته بفايروس "كورونا" و جرى إخراج جثته من مستشفى المجتهد الحكومي، وقد أعطيت لذويه إفادة من قبل المستشفى تُرجع سبب الوفاة لـ"نوبة قلبيّة".
وقال اللاجئ لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إنّ قريبه وهو رجل في متوسط العمر، أصيب بأعراض فايروس "كورونا" بشكل حاد في منتصف شهر تموز/ يوليو الفائت، وتمثّلت بارتفاع كبير للحرارة وضيق حاد بالتنفّس حتى أضطرّ للتوجه إلى المستشفى بعد أسبوع على إصابته، إلى أن توفيّ في المسشتفى بعد مضي أسبوع على ولوجه، وقد أفاد الأطباء أنّ سبب الوفاة "نوبة قلبيّة".
أهالي المتوفين بكورونا بالمخيمات يرفضون الإفصاح.
حالات وفاة عدّة بفايروس "كورونا" في صفوف اللاجئين الفسطينيين، رصدها "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في مخيّمات خان الشيح وخان دنون بريف دمشق، وفي مناطق مختلفة من سوريا، رفض ذوي المتوفين التصريح عن السبب الحقيقي للوفاة، وآخرها قضاء مدير البرنامج الصحّي لدى وكالة " أونروا" الدكتور تيسير الصبّاغ، حيث أكّدت عدّة مصادر أنّ سبب وفاته تعود لاصابته بالفايروس، فيما رفض أفراد من عائلته ما وصفوها بـ" الإشاعات" التي يجري تداولها عن سبب موته.
يأتي ذلك في وقت، سُجّل فيه عشرات الوفيات في صفوف الكوادر الطبيّة في سوريا، بعضهم نعتهم نقابة الأطباء سوريّة قبل أيّام.
خوف من الملاحقة الأمنية!
وعلى ما يبدو فإن خوفاً من المُلاحقة الأمنية، يصيب أهالي المتوفين، في حال إعلانهم عن أسباب وفاة ذويهم الحقيقي، بشكل يُخالف ما يرد في الإفادات الطبيّة، وهو ما أشار إليه " أسامة أيّوب" وهو اسم مستعار لناشط من سكّان مدينة جرمانا بريف العاصمة السوريّة.
أيّوب قال لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إنّ الكثير من الوفيات في منطقة جرمانا، كان قد جرى تشخيص إصاباتهم بفايروس "كورونا" قبل وفاتهم، إمّا بشكل عيادي أو أثناء دخولهم إلى المستشفى، بينما يجري تشخيص سبب وفاتهم بناء على المُضاعفات التي سببها الفايروس لهم سواء في القلب أو الجهاز التنفسي أو أيّة مُضاعفات أخرى على أجسادهم، دون الإشارة إلى السبب المُباشر، وهو أسلوب تتبعه السلطات للحفاظ على سوية أرقام متدنيّة في تقاريرها الرسمية لحجم الوفيات، حسبما أضاف.
ولفت إلى أنّ وزارة الصحّة السوريّة في أرقامها الرسميّة، لا تعلن سوى البيانات الصادرة عن مختبرات فحص "PCR" التابعة لها، وهي قليلة ولا تعكس حجم الإصابات الفعلي، كون معظم السوريين واللاجئين الفلسطينيين لا يجرون الفحص رغم إصابتهم بالمرض، وبناء عليها يجري إحصاء عدد الوفيات، وإعلانها في التحديث اليومي الصادر عن الوزارة.
وفي تحديثها اليومي لعدد الإصابات والوفيّات، أعلنت وزارة الصحّة التابعة لحكومة النظام السوري، حتّى يوم أمس الثلاثاء 11 آب/ أغسطس، عن تسجيل 72 إصابة جديدة خلال الـ24 الأخيرة، ليرتفع معدّل الإصابات العام إلى 1327 حالة في عموم البلاد، 889 منهم صنّفت حالات نشطة، بينما شفيت 385 حالة وتوفيّت 53 حالة وفق أرقام الوزارة، وسط تشكيك كبير في صحّة الأرقام.
وفي تسجيل صوتي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أكّد الفنان الفلسطيني أحمد رافع، الذي أصيب بالفايروس وخضع للعلاج في مستشفى الأسد الجامعي وسط دمشق، مشاهدته لأكثر من 60 حالة وفاة في يوم واحد.
ونقل رافع المشهد في أحد أكبر مستشفيات العاصمة، قائلاً :"إنّ عشرات الحالات المُصابة تكدست في غرف الإسعاف والطوارئ، وسط شحّ في أنابيب الأوكسجين، ويترك المريض ليموت اختناقاً لعدم توفّر الأوكسجين".
أونروا غائبة
وتتضاعف المخاوف في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، من اتساع رقعة الانتشار، في ظل عدم توافر المراكز الصحيّة المجهّزة و أماكن للحجر الصحّي، وغياب وكالة "أونروا" عن المشهد الصحّي في مخيّمات اللاجئين في مواجهة الوباء، باستثناء حملات الرشّ والتعقيم التي توصف بغير الكافيّة.
وكان "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قد تلقّى تأكيدات من لاجئين يقيمون في العاصمة دمشق وضواحيها، أصيبوا بالفايروس وتسببوا في نقله إلى أسرهم، لعدم استقبالهم في المستشفيات، وعدم توفير وكالة " أونروا" لمراكز حجر صحي مجهّزة.
كما تعاني مخيّمات اللاجئين الفلسطينين في سوريا، من شحّ في اسطوانات " الأوكسجين" الطبّي، ما دفع نشطاء في العديد من المخيّمات للمناشدة لتأمينها، ووضعها في خدمة مصابي فايروس " كورونا"، ما يؤشّر على خطورة الأوضاع الصحيّة في المخيّمات.
يأتي ذلك في ظل استمرار المناشدات لوكالة " أونروا" التصدي لمسؤولياتها في دعم أبناء المخيّمات لمواجهة الوباء، في ظل انهيار المنظومة الصحيّة السوريّة، وعلى رأسها تأهيل المستوصفات الصحيّة في المخيّمات وتجهيزها لمواجهة المرض، سواء لجهة تزويدها بالمعدّات والمستلزمات الطبيّة والمختبريّة اللازمة، وتوفير أماكن للحجر الصحّي.