ماهر حرب من قسم العائدين في المنتدى التنويري الثقافي - نابلس
لم يمضِ بضعة أشهر على قرار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، لتصفية مستشفى الوكالة الوحيد في الضفة المحتلة، حتى تسرّبت الأخبار حول قرار الوكالة بفصل (164) معلماً من مدارسها في الضفة المحتلة، منهم (14) معلماً من مخيّم بلاطة للاجئين، ويأتي ذلك كجزء من السياسات العامة لـ "الأونروا" بتقليص خدماتها تمهيداً لتصفية عملها.
قرار فصل (164) مُعلّم من مدارس "الأونروا"
تمت متابعة القضية مع دائرة شؤون اللاجئين التي أكدت صحة الخبر وأنّ القرار صادر من مستويات عليا وعلى رأسها المفوّض العام لـ "الأونروا"، وفي لقاء مع اتحاد العاملين في الوكالة أكد الاتحاد القرار الذي اتضحت معالمه خلال اللقاء.
حسب الاتحاد، فإنّ القرار هو فصل وليس إنهاء خدمات، ويترتب على ذلك حرمانهم جزء كبير من مستحقاتهم المالية كون الفئة التي استُهدفت مضى على وجودها في مهنة التدريس أكثر من عشرين عام، واستندت الوكالة على قانون موجود يُعطي الحق للمفوّض العام فصل أي موظف دون إبداء الأسباب.
واعتبر الاتحاد أنّ لا نصوص حول فصل جماعي، وفي القانون النقابي يجب أن تكون الأسباب واضحة، كما أنّه لا تتوافر وظائف بديلة لهؤلاء الذين سيتم فصلهم، وما يحصل يُشكّل خطر وتهديد حقيقي للأمان الوظيفي في الوكالة، ومن الطبيعي أنّ قطع أرزاق (164) عائلة يُلاقي تفاعل بين هذه الأسر التي بدأت تضع كل جهدها من أجل الدفاع عن حقها في العيش الكريم، مُناشدةً كل الهيئات الوطنية والنقابية للتدخل لوقف هذا القرار.
وتُعقد حالياً مشاورات بين اتحاد العاملين والمكتب التنفيذي للاجئين للجان الخدمات بالضفة المحتلة ودائرة شؤون اللاجئين والأجسام الوطنية بالمحافظات، من أجل تحديد خطة عمل لمواجهة التصعيد العدواني للوكالة.
اتحاد العاملين يتخذ إجراءات تصعيدية
من جانبه أصدر اتحاد العاملين في الوكالة بالضفة المحتلة بياناً شدّد فيه أنّ الوكالة أغلقت الأبواب في وجه كافة الملفات، وعليه فقد قرّر الاتحاد "أنه لم يعد هناك مناص من الدخول في مواجهة مفتوحة مع إدارة هذه المؤسسة التي أصبحت تقف ضد مصلحة موظفيها بدل أن تكون مؤسسة راعية لهم وفق برنامج عمل."
وبناءً على ذلك أعلن الاتحاد خطوة احتجاجية، الأربعاء 29 تشرين الثاني، بالاعتصام في مواقع العمل، ولجميع العاملين آخر ساعة من يوم العمل "مع رفع الشعارات الرافضة لهذه العجرفة والهجمة على حقوقنا"، حسب بيان الاتحاد المُرفق. بالإضافة إلى عقد مؤتمرات في المناطق لتوضيح كافة الأمور المتعلقة بتجاوزات إدارة الوكالة للنيل من حقوق جميع العاملين.
أما فيما يتعلق ببرنامج العصيان الإداري، فطالب الاتحاد بعدم التعاطي مع أي ايميل أو رسالة أو اتصال من أية جهة في الوكالة، وقف جميع الأنشطة الخارجية والداخلية وورشات العمل واللقاءات أياً كانت الجهة المسؤولة عنها ولجميع القطاعات، وقف جميع البرامج السابقة واللاحقة وعدم استقبال أي مسؤول أو الجلوس معه في أي شأن كان، ويشمل ذلك كل ما يتعلق ببرنامج "EMIS"، رفض التنقلات لجميع العاملين في فترة الأزمة والتزام مواقع العمل مهما كان، كما أكّد على جميع معلمي حملة الدبلوم عدم مغادرة مواقع عملهم ورفض الأوامر القاضية بذلك تحت أي ظرف كان.
مستشفى قلقيلية التابعة لـ "الأونروا"
جرى لقاء ضم مدير خدمات الوكالة مع دائرة شؤون اللاجئين، وأبلغهم خلاله بمقترحين، أولهما تطوير المستشفى والبحث عن الشراكة مع جهة قادرة في المناطق المحتلة، والتنسيق مع الحكومة الفلسطينية والقطاع الخاص لاستقبال التحويلات، وثانيهما هدم المبنى وإغلاقه وتسليم المسؤولية كاملةً لجامعة النجاح الوطنية في نابلس المحتلة.
وحسب التقديرات هناك قرار بإغلاق المستشفى في إطار تفاهمات بين الوكالة وجامعة النجاح، ومن الواضح أنّ الوكالة ذاهبة للتصعيد، فيما يبدو موقف جامعة النجاح ضبابياً ما يمس بقضيّة اللاجئين ومطالبهم. واقترحت الدائرة على اللجنة الوطنية أن يُعقد اجتماع عاجل يضم مدير مستشفى قلقيلية ورئيس جامعة النجاح واللجنة الوطنية لمواجهة سياسة التقليص في الوكالة، من أجل أخذ موقف واضح وصريح بأن ترفع الجامعة يدها، وأن تعود عن موافقتها إن وُجِدت، لأنها ستسبب لنفسها حرجاً كبيراً.
ومن الواضح أنّ إدارة الوكالة بالضفة المحتلة ذاهبة للتصعيد مُجدداً، وعليه لا بد من حملة للتوعية الجادّة بمخاطر هذه السياسات وتشكيل رأي عام وفعل شعبي نوعي وكمّي ضاغط، يُعرّي هذه السياسات ويقف أمامها، كما يتضح أيضاً أنّ قوة المواقف الوطنية تختلف من موقع لآخر فهي ضعيفة في الجنوب ومتوسطة في الوسط وأقرب للقوة في الشمال، والمطلوب من القوى الوطنية ومؤسسات المجتمع النقابية والمدنية أن تضع كل جهدها في هذا الخصوص، ويعمل قسم اللاجئين في "المنتدى التنويري الثقافي" على البدء بخطوات عملية ليقف على حقيقة ما يجري، بشكل يُسلّط الضوء ثقافياً وسياسياً وإعلامياً على القضيّة.