أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ووزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، مساء اليوم الثلاثاء 17 تشرين الثاني/نوفمبر، عودة العلاقات مع الاحتلال الصهيوني بشكلٍ كامل كما كانت في السابق.

وكتب الشيخ على حسابه في "تويتر" إنّه "وعلى ضوء الاتصالات التي قام بها الرئيس بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معنا، واستناداً إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبه وشفوية بما يؤكّد التزام إسرائيل بذلك، وعليه سيعود مسار العلاقة مع إسرائيل كما كان".

وقال الشيخ في لقاء تلفزيوني: "اليوم وصلتنا رسالة رسمية من الحكومة الإسرائيلية تؤكد فيها التزامها بالاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير"، واصفاً إعادة العلاقات بأنه "انتصار كبير" للشعب الفلسطيني.

وأضاف: "هذه أول رسالة خطية تتلقاها القيادة الفلسطينية من الحكومة الإسرائيلية في عهد بنيامين نتنياهو، أكدت فيها التزامها بالاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير، والتي مرجعيتها معروفة وهي الشرعية الدولية"، معتبراً أن "أي شكل من أشكال التنسيق مرتبط بالعلاقة السياسية مع إسرائيل، ونحن لا نأخذ تحليل ما جرى من صغائر الأمور"، وفق تعبيره.

وتابع: "صفقة القرن وخطط الضم لم تعد موجودة على الطاولة، وهذا إنجاز وانتصار كبير تحقق بثبات وصمود الشعب الفلسطيني وقيادته وعلى رأسها الرئيس محمود عباس".

وأشار إلى أن "الذي يترتب على هذه الاتفاقات أننا أمام إدارة أمريكية جديدة، التي تحدثت أن صفقة القرن لم تعد موجودة، وسيتم إعادة مكتب المنظمة واعادة دعم الأونروا وغيره، وهذا يشكل نافذة لعودة العلاقة مع الإدارة الأمريكية التي ستستلم زمام الأمور في يناير المقبل".

كما رأى أن "الوضع الجديد ربما يؤهل للحديث عن مسيرة سياسية برعاية دولية وموقف أمريكي مختلف وجديد بعد الإدارة الحالية، وبعد أن وصلت الأمور مع إدارة دونالد ترمب للقطيعة"، موضحاً أننا "سنعمل على إعادة المسار السياسي وفق ركيزة الاتفاقيات الموقعة بعد الإدارة الأمريكية الجديدة".

وقوبل إعلان الشيخ عن عودة العلاقات مع الكيان الصهيوني برفضٍ فصائلي واسع، إذ استنكرت الفصائل الفلسطينيّة عودة العلاقات بعد انقطاعها منذ أيار/مايو الماضي.

 

الجبهة الشعبية: تبرير السلطة هو تبرير للعجر والاستسلام أمام العدو

حيث اعتبرت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين في بيانٍ لها "إعلان السلطة عن إعادة العلاقات مع دولة الكيان الصهيوني كما كانت عليها، هو نسفٌ لقرارات المجلسين الوطني والمركزي بالتحلّل من الاتفاقيات الموقّعة معها، ولنتائج اجتماع الأمناء العامين الذي عُقد مُؤخراً في بيروت، وتفجير لجهود المصالحة التي أجمعت القوى على أنّ أهم متطلباتها يكمن في الأساس السياسي النقيض لاتفاقات أوسلو".

ورأت أنّ "تبرير السلطة لقرارها بعودة العلاقات مع دولة الكيان ما هو إلّا تبرير للعجز والاستسلام أمام العدو، الذي لم يحترم أو يلتزم بأيٍ من الاتفاقات معه رغم كل ما حققته له من اعتراف ومكاسب استراتيجيّة، ولم تتوقّف سياسته في تعميق احتلاله الاستعماري للأراضي الفلسطينيّة، وبضمنها سياسة الضم التي كان أحدث تجلياتها الإعلان عن بناء آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية، وشق الطرق التي تفصل مدينة القدس عن محيطها الفلسطيني، وتكرّس المعازل بين المدن والقرى الفلسطينيّة"، مُؤكدةً أنّ تسويق السلطة لقرارها على أنه "انتصار" هو "تضليل وبيع الوهم لشعبنا بهدف العودة لرهان المفاوضات وعلى الإدارة الأمريكيّة القادمة، وعلى وهم إمكانية الوصول إلى حلٍ سياسي لحقوق شعبنا من خلال تمسكها بالاتفاقيات مع العدو رغم كل ما ألحقته من أذى بهذه الحقوق، وما وفرته من غطاءٍ للعدو في استمرار تعميقه لمشروعه الاستعماري الاستيطاني الإجلائي، عدا عن أنه يشكّل تغطية للدول العربية التي قامت بالاعتراف والتطبيع مع دولة العدو، وسيشجّع دول أخرى للالتحاق بهذا الركب".

وطالبت الشعبيّة في ختام بيانها، كافة القوى، والنقابات، ومنظمات المجتمع وقطاعات شعبنا بالتصدي لقرار السلطة، ولسياسة التفرّد التي تُدير الظهر للمؤسسات الوطنيّة، ولموقف القوى السياسيّة والمجتمعيّة التي أجمعت على ضرورة اشتقاق مسار سياسي كفاحي بعيدًا عن الاتفاقيات الموقّعة، ويُعيد للصراع طابعه مع العدو، ويفتح على مقاومته بكل الوسائل والأشكال، وإقرار الشراكة سبيلاً في إدارة الصراع معه.

 

الجبهة الديمقراطية: "لوقف هذا التدهور الخطير في الموقف السياسي"

من جهتها، أوضحت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في بيانٍ لها أنّ "تصريحات حسين الشيخ عن عودة العلاقة مع الاحتلال أثارت دهشة وصدمة جميع الأوساط السياسية والشعبية الفلسطينية"، متسائلةً: "عن أية اتفاقيات يجري الحديث في ظل الموقف الإسرائيلي المعلن بأن القدس لم تعد على جدول أعمال المفاوضات، وبأن الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس سوف يتواصل على أساس ما تقرر في قانون أساس القومية الإسرائيلي، وبأن مخطط ضم مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية قد تم تعليقه ليس أكثر ريثما تستكمل إسرائيل مشاريع التطبيع مع عدد آخر من الدول العربية، وبأن ما يسمى حل الدولتين لم يعد قائماً، وبأن الاتفاقيات برمتها يتم انتهاكها بشكلٍ منهجي ويومي من خلال الاقتحامات المتكررة لما يسمى مناطق (أ) ومن خلال قرار حكومة إسرائيل تنصيب الإدارة المدنية وصية على المناطق المحتلة ومرجعية للسلطة الفلسطينية".

ودعت إلى "وقف هذا التدهور الخطير في الموقف السياسي وإلى احترام قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده الاخيرة عام 2018 وقرارات المجالس المركزية وقرار الاجتماع القيادي الفلسطيني في التاسع عشر من أيار الماضي ومخرجات اجتماع الأمناء العامين في الثالث من أيلول الماضي، وإلى احترام أسس وقواعد العلاقات الوطنية والشراكة السياسية والقيادة الجماعية، وإلى التوقف عن الاستهتار بالقوى السياسية والرأي العام الفلسطيني، تحديداً في هذه الظروف الوطنية والاقليمية والدولية، التي تطرح على القيادة الفلسطينية جملة من التحديات تتطلب أعلى درجات اليقظة وأعلى درجات الوحدة وثباتا على موقف الاجماع الوطني، الذي تم التوافق عليه والذي أعطى للرأي العام بصيص أمل بمرحلة سياسية جديدة تفتح الآفاق أمام تجاوز حالة الانقسام والوقوف صفاً واحداً في مواجهة سياسة حكومة إسرائيل العدوانية التوسعية المعادية للسلام".

 

حماس: "السلطة تعطي المبرر لمعسكر التطبيع العربي"

أمَّا حركة "حماس" فأدانت الاتفاق، مُعتبرةً في بيانٍ لها أنّ قرار السلطة ضرب عرض الحائط بكل القيم والمبادئ الوطنية، ومخرجات الاجتماع التاريخي للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، مُشددةً على أنّ "هذا القرار يمثل طعنة للجهود الوطنية نحو بناء شراكة وطنية، واستراتيجية نضالية لمواجهة الاحتلال والضم والتطبيع وصفقة القرن".

وأكَّدت أن "السلطة الفلسطينية بهذا القرار تعطي المبرر لمعسكر التطبيع العربي الذي ما فتئت تدينه وترفضه"، مُطالبةً السلطة بالتراجع فوراً عن هذا القرار وترك المراهنة على بايدن وغيره، "فلن يحرر الأرض، ويحمي الحقوق، ويطرد الاحتلال إلا وحدة وطنية حقيقية مبنية على برنامج وطني شامل ينطلق من استراتيجية المواجهة مع الاحتلال المجرم".

وفي السياق، أدانت حركة الجهاد الإسلامي بأشد العبارات إعلان السلطة عن عودة العلاقات المحرّمة مع الاحتلال الصهيوني، مُؤكدةً في بيانٍ لها أنّ "قرار عودة مسار العلاقة مع الاحتلال الاسرائيلي يمثل انقلاباً على كل مساعي الشراكة الوطنية وتحالفاً مع الاحتلال بدلاً من التحالف الوطني".

كما عبَّرت حركة المبادرة الوطنية عن رفضها لإعادة التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال والاستيطان.

وأكَّدت أنّ مخطط "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية وترسيخ التطبيع على حساب الحقوق الفلسطينية ما زال قائماً ومخاطره واضحة لأن صاحبه الحقيقي هو نتنياهو والحركة الصهيونية التي صعدت الاستيطان والاعتقالات والقمع ضد الشعب الفلسطيني بشكل غير مسبوق في الفترة الحالية.

وحذَّرت من الانعكاسات السلبية لإعادة العلاقات مع الكيان الصهيوني والعودة للتمسك بالاتفاقيات معها على جهود المصالحة والوحدة الوطنية.

يُشار إلى أنّ رئيس السلطة محمود عباس كان قد أعلن مساء 19 أيار/مايو الماضي أن منظمة التحرير ودولة فلسطين أصبحتا في حل من جميع الاتفاقيات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها، وذلك رداً على مخطط ضم أراضي الضفة للكيان، قبل أن يعلن عن إعادة العلاقات لسابق عهدها اليوم.

 

متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد