أكَّد المفوّض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، أنّ الأيّام الأحد عشر من "الصراع المدمّر" في غزّة أعادتها سنوات إلى الوراء، ودمرت العديد من الأرواح، واليوم فإنّ العديد من "مسببات العنف" لا تزال على حالها في غزة والضفة الغربية المحتلة، التي تشمل القدس، إذ يواصل المئات من الناس العيش مع التهديد اليومي بالتهجير القسري، بما في ذلك ثماني عائلات من اللاجئين الفلسطينيين تعيش في الشيخ جراح، وأيضاً عنف المستوطنين المستمر في ظل الإفلات الكامل من العقاب، وتواجه عناصر من قوات الأمن "الإسرائيليّة" المتظاهرين الفلسطينيين بالاستخدام المفرط للذخيرة الحية والتأثير العشوائي للغاز المسيل للدموع.

 

وتطرّق المفوّض العام خلال الجلسة الافتتاحيّة لأعمال اللجنة الاستشاريّة لوكالة "أونروا" التي انطلقت يوم أمس الأربعاء، إلى أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، فعن لبنان، قال إنّ أكثر من 50% من السكّان يعيشون تحت خط الفقر، بما في ذلك جميع اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا بالفعل من بين المجتمعات الأكثر تهميشاً في البلاد.

وفي سوريا، فإنّ السنوات العشر من الصراع قد تركت البلاد واقتصادها محطماً، وأفاد العديد من اللاجئين أنّهم يعيشون على وجبة واحدة في اليوم، وهناك أكثر من 90% منهم يعيشون تحت خط الفقر، وبشأن الأردن، فإنّه يُعاني من الأثر المضاعف للأحداث في الضفة الغربية والتأثير طويل المدى للحرب في سوريا، بالإضافة إلى تحدياته الخاصة يواجه اللاجئون لا سيما القادمين من سوريا، مصاعب اقتصادية هائلة ولا يوجد أمامهم سوى وكالة "أونروا"، فيما لا تزال جائحة كوفيد-19 وتأثيرها الاجتماعي الاقتصادي منتشرة، حيث إن تغطية التطعيم لا تزال منخفضة في المنطقة، وتحتاج البلدان المضيفة بشكلٍ عاجل إلى المزيد من اللقاحات لمنع المزيد من موجات العدوى ولكي تتعافى الاقتصادات.

وشدّد لازاريني على أنّه في ظل هذه البيئة غير المستقرة إلى حد كبير، تتوق مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين إلى إحساس بالاستقرار لا يمكن أن توفره إلّا "أونروا" قوية، حيث تعتبر الخدمات الأساسيّة والإغاثة الإنسانيّة شريان حياة للعديد من اللاجئين وغالباً ما تكون هي الفرصة الوحيدة لمستقبل أفضل للشباب.

"أونروا" من أكثر المنظمات فعالية

وأكَّد أنّ وكالة "أونروا" هي في الواقع واحدة من أكثر المنظمات فعالية من حيث التكلفة في القطاع الإنساني والتنموي، ولقد أشاد تقرير مشترك بين البنك الدولي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بجودة تعليم "أونروا" وكفاءته من حيث التكلفة مقارنة بالمؤشرات المحليّة والإقليميّة والدوليّة وبأقل من 900 دولار سنوياً لكل طفل في المدرسة، وبحيث أنها تتمتع بمهام تفويض فريدة، تدير "أونروا" بشكلٍ مباشر خدمات شبيهة بالدول وتقارن بالوزارات ذات الاختصاص، كما تقارن شبكة الرواتب الوطنية لدينا بشبكة القطاع العام في البلدان المضيفة وهي أقل من جداول الرواتب المحلية للأمم المتحدة في كل إقليم من أقاليم عملياتنا.

وبشأن الوضع المالي، أوضح لازاريني أنّه بحلول نهاية عام 2020، بالكاد نجحت الوكالة في تفادي الانهيار المالي بفضل الجهود الإضافية التي بذلها بعض المانحين الملتزمين، وقرض الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ بقيمة 30 مليون دولار وتأجيل رواتب الموظفين، وبدأت "أونروا" عام 2021 بمبالغ مستحقة تبلغ 75 مليون دولار من الالتزامات.

"أونروا" حتى اللحظة غير مستقرة مالياً

وبيّن أنّ "أونروا" حتى اللحظة غير مستقرة مالياً، وتواصل تقديم الخدمات معتمدين على مداخيل شهراً بعد شهر، ولقد سمحت عودة الدعم الأمريكي لنا بتقليص العجز، ولا يزال بعض الشركاء الإقليميين الرئيسيين غائبين، فيما قام آخرون بخفض تبرعاتهم هذا العام، واليوم، في منتصف عام 2021، لا يزال عجز الموازنة العامة، بناء على التوقّعات المقدرة لتبرعات المانحين، عند 150 مليون دولار، أي ما يعادل كلفة أكثر من شهرين من العمليات، وستصل أزمة التدفق النقدي الأكثر إلحاحاً في آب، على الرغم من أنّها قد تحل في وقتٍ مبكر في هذا الشهر، إذا ما تأخرت أيّة مدفوعات متوقعة في شهر تموز من قبل المانحين، وبحلول منتصف آب، فإننا بحاجة إلى 30 مليون دولار لتغطية رواتب موظفينا البالغ عددهم 28 ألف موظف وموظفة إضافة إلى الاحتياجات الحرجة مثل الأدوية والمعونات النقدية والغذائية للفقراء، وفي أيلول، تتوقع الوكالة وصول مدفوعات جديدة ستسمح لها بمواصلة العمل في ذلك الشهر.

وقال إنّ نداءاتنا الطارئة للأزمة السورية والأراضي الفلسطينيّة المحتلة لا تزال تعاني من نقص حاد في التمويل بنسبة 35% و62% على التوالي، هناك حاجة ماسة إلى الأموال لاستدامة المعونات الغذائية والنقدية لأكثر من مليوني لاجئ في جميع أنحاء المنطقة ولمواصلة أعمال الحماية في الضفة الغربية، وبكل صراحة بدون ميزانية برامج ممولة بالكامل، وهي العمود الفقري لجميع خدماتنا التنموية والإنسانية، فإن الوكالة لن تتمكن من تخفيف المعاناة في غزة واليأس في المخيمات في لبنان ومن القيام بدورها في تحقيق الاستقرار.

وناشد لازاريني جميع الشركاء الحاضرين لاستكشاف جميع السبل والوسائل الممكنة لتقديم دعم إضافي للوكالة، أو التسريع في تقديم التبرعات المخططة أو إعادة توجيه التبرعات من بوابات أخرى إلى ميزانية البرنامج بحلول منتصف آب، لافتاً إلى تعاون ودعم اتحادات العاملين في "أونروا" والحكومات المضيفة والمانحين خلال هذه الأوقات الصعبة، مُؤكداً أنّ قراره بتجميد زيادات رواتب الموظفين لمدة 12 شهراً سيتم استئنافها عندما يتحسن الوضع المالي للوكالة، وهذا كان هذا أحد الإجراءات العديدة التي ستساعد على منع تعليق الخدمات للاجئي فلسطين المؤهلين عبر أقاليم العمليات.

نريد "أونروا" حديثة وفعّالة

وكشف المفوّض أنّه خلال جلسة اللجنة الاستشارية الحالية سيتم إجراء مناقشات مهمة حول تمكين "أونروا" حديثة وفعالة من الاستمرار في تنفيذ مهام ولايتها تجاه لاجئي فلسطين، مُبيناً أنّ المؤتمر الدولي الذي سيعقد في تشرين الأول تحت قيادة الأردن والسويد يهدف إلى نقل الوكالة من التخطيط قصير الأجل وغير المستقر إلى الاستدامة طويلة المدى والراسخة، ولكي يكون ناجحاً، سيؤكد المؤتمر الدولي أنً الرحلة التحويلية للاجئين الفلسطينيين تتخللها التداخلات الإيجابية المنتظمة لوكالة "أونروا"، ونريد أن نجعل خدماتنا مرة أخرى تتماشى مع العصر، وخاصة في عصر الرقمنة، وسد الفجوة الرقمية ومواصلة مساعدة اللاجئين الشباب على التنافس مع أقرانهم في أماكن أخرى، وأنّ نحافظ على منجزات استثماركم في تنميتهم البشرية على مر العقود.

كما قال إنّ المخطط الاستراتيجي لوكالة "أونروا" على تقديم خدمات حديثة وعالية الجودة للاجئين الفلسطينيين بميزانية يمكن التنبؤ بها تبلغ 800 مليون دولار سنوياً، مع ضخ رأس المال الأولي لمرة واحدة لاستعادة أصول "أونروا" المستنفدة بعد سنوات من التقشف وتمكين "أونروا" من التحول، وأناشدكم للمشاركة النشطة في المناقشات التي تسبق المؤتمر والالتزام بالتقاسم العادل للأعباء المالية، لأنّ "أونروا" الحديثة هي تلك التي تعمل خدماتها على تمكين اللاجئين الشباب من النمو والتنافس مع أقرانهم في أماكن أخرى.

وفي ختام كلمته، شدّد لازاريني على أنّه يوجد فرصة فريدة في الأشهر القليلة القادمة لوضع اللمسات الأخيرة على خطط لوكالة "أونروا" قويّة وحديثة، وقادرة على لعب دورها في تحقيق الاستقرار في منطقة شديدة العنف والتقلب، وتقوم بخلق فرص جديدة وأمل بمستقبل أفضل للاجئين الفلسطينيين.

متابعات/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد