أوضحت مؤسسات الأسرى الفلسطينيّة في تقريرها الشهري اليوم السبت 11 ديسمبر/ كانون أوّل، أنّ سلطات الاحتلال الصهيوني اعتقلت خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، (402) فلسطيني/ة من الأرض الفلسطينية المحتلّة، من بينهم (66) طفلاً، و(3) نساء.
وبيّنت مؤسسات الأسرى وهي: (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومركز معلومات وادي حلوة- القدس)، أنّ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ نحو (4550) أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر نوفمبر، من بينهم (32) أسيرة، و(170) قاصراً، ونحو (500) معتقل إداري. فيما كانت أعلى نسبة اعتقالات خلال نوفمبر؛ في مدينة القدس، باعتقال (160) حالة، من بينها (54) طفلاً وقاصراً. وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصّادرة خلال الشّهر؛ (123) أمراً، بينها (39) أمراً جديداً، و(84) أمر تمديد.
ورصد التّقرير كافّة السّياسات والإجراءات والمُتغيّرات التي طبقّتها وأحدثتها سلطات الاحتلال فيما يتعلّق بالأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بالإضافة إلى واقع وظروف الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال؛ وذلك خلال الفترة التي يُغطّيها التّقرير، مستنداً على حصيلة أعمال الرّصد والتّوثيق والمتابعة القانونية والميدانية التي تقوم بها المؤسسات الأربع.
واستعرض التّقرير جزءاً من سياسات الاحتلال والانتهاكات المرافقة لعمليات الاعتقال اليومية وظروف التّحقيق والاحتجاز، بالإضافة إلى الانتهاكات المتعلّقة بضمانات المحاكمة، والتي مسّت بجملة من الحقوق المكفولة للأسرى والمعتقلين بموجب القانون الدّولي الإنساني والقانون الدّولي لحقوق الإنسان، ومنها التّنكيل والعقاب الجماعي واستخدام القوّة خلال عمليات الاعتقال، حيث تواصل سلطات الاحتلال استخدام سياسة الاعتقالات اليومية في مواجهة نضال الفلسطينيين لانتزاع حقوقهم وحرّيتهم، ووصل معدّل الاعتقالات اليومية إلى نحو (14) حالة، ويصاحب ذلك أساليب عديدة تبدأ من اقتحام البيوت في ساعات متأخّرة من الّليل، وما يرافقها من تنكيل واعتداءات بحقّ المعتقل وعائلته، بالإضافة إلى تعمّد قوّات الاحتلال استخدام القوّة المفرطة أثناء عمليات الاعتقال التّعسّفية، وبصورة عشوائية وجماعية، ولا يتوانى الاحتلال عن استخدام كبار السّنّ من الوالدين وسيلة لذلك، مستغلّاً حساسية وضع الأم والمرأة عموماً في المجتمع الفلسطيني، وبرزت أحدث هذه الحالات باعتقال الاحتلال للسيّدة "نبيلة حمدان" والدة الشاب أحمد حمدان، الذي جاءت قوّات الاحتلال لاعتقاله فلم تجده، فاعتقلت والدته وشقيقه بلال حمدان من مخيم الجلزون في محافظة رام الله والبيرة، للضّغط عليه لتسليم نفسه، في الوقت الذي كان متواجداً بعمله في الحراسة الليلية.
وتابعت مؤسّسات الأسرى جملة من السّياسات التّنكيلية بحقّ المعتقلين خلال عمليات الاعتقال، ومن ضمنها استخدام الكلاب البوليسية بحق المعتقلين، كحالة الأسير علي إسماعيل البطاط (34 عاماً)، من بيت لحم، والذي اعتقل في 28 نوفمبر من خلال قوّات خاصّة، ما تسمى بوحدة (اليمام)، وأثناء عملية الاعتقال ألقت القوة قنابل الصوت قبل اقتحام منزله، وخلال محاولة عملية اعتقاله؛ تم إطلاق كلب عليه وقام بعضّه في كتفه الأيسر ونهش يده وأحدث جرحاً عميقاً، مما تسبّب بسقوطه أرضاً وانهالوا عليه بالضرب مجدداً، وبقي محتجزاً دون علاج في أحد المعسكرات لساعات، حتى تم نقله إلى معتقل "عتصيون" ورفضت إدارة المعتقل استقباله، حتى تم نقله إلى مستشفى "شعاري تسيدك" الإسرائيلي.
كذلك وثّقت المؤسسات حالة الأسير عبد الله محمد بني مفلح (25 عاماً) من رام الله، والذي اعتقل في تاريخ 23 نوفمبر، حيث قامت قوّة من جيش الاحتلال باقتحام منزل عائلته، وخلال عملية اعتقاله وبعد أن تمكّنت من دخول المنزل بعد خلع الباب الرئيسي، تمّ إطلاق أحد الكلاب البوليسية وبدأ بالهجوم عليه وتحديداً على قدميه، واستمروا في ذلك طوال فترة وجودهم رغم محاولات والدته المتكررة وطلبها بإبعاد الكلب. وتقول والدته: "إن أصعب ما مررت فيه، أنني كنت أشاهد الكلب ينهش ابني وهو يصرخ ولم أتمكن من مساعدته ومنعهم من ذلك".
الاعتقالات التّعسّفية بحقّ الأطفال
وأكَّد التقرير أنّ سلطات الاحتلال تواصل استهداف الأطفال بالاعتقال والتّنكيل بهم، وتمارس بحقّهم أنماطاً مختلفة من التّعذيب خلال وبعد اعتقالهم، ما يعتبر من بين المخالفات الجسيمة للقانون الدولي، خاصة اتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية حقوق الطفل.
واقع المعتقلين داخل السجون
يتعرّض الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون داخل السّجون، إلى أنماط مختلفة من الانتهاكات التي تطال مجموعة واسعة من الحقوق المكفولة لهم، بموجب المعايير الدولية الخاصة بالأسرى، ومنها الإهمال الطّبي الممنهج والقتل البطيء، حيث تعتبر وسيلة الاحتلال الممهنجة في حرمان الأسرى من الرعاية الطبّية الحقيقية السّليمة، والمماطلة المتعمّدة في تقديم العلاج للمرضى منهم والمصابين، من أهم سبل وأساليب إضعاف الإرادة والجسد على حدّ سواء.
ومن خلال مراقبة الوضع الصّحي للأسرى، يتّضح أن مستوى العناية الصحية بالأسرى شديد السّوء؛ وارتقى بسببه عشرات الأسرى شهداء منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وازداد عدد المرضى منهم، بل تجاوز الأمر ذلك ليصبح علاج الأسرى موضوعاً تخضعه إدارات السجون الإسرائيلية للمساومة والابتزاز والضّغط على المعتقلين، إذ أنّ الشّواهد أثبتت تغوّل مصلحة السجون بما فيها من سجانين وطواقم طبية في تكثيف الظروف التي تضاعف عذاب الأسير عند اشتداد مرضه، دافعين إياه إلى هاوية الموت المحقّق، حيث استشهد (72) أسيراً في سجون الاحتلال جراء سياسة الإهمال الطبي منذ العام 1967، بحسب التقرير.
وأوضح التقرير أنّ آخر تلك الجرائم كانت جريمة قتل الأسير سامي العمور، فقد وثقت المؤسسات الحقوقية الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها مصلحة سجون الاحتلال بحق العمور قبل استشهاده، وفق إفادة أسير كان برفقة العمور مع 3 أسرى آخرين في معبار أوهليكدار، قبل أقل من 36 ساعة من وفاة العمور، إذ نقل العمور من بينهم إلى مشفى سوروكا بعد احتجاجهم الشديد على إهماله في ظل تردي وضعه الصحي، فيما تعرض الأسير المرافق الذي كان يعاني من كتلة على الرئة للضرب نتيجة إلحاحه على السجانين لتقديم العلاج للعمور.